الرئاسة الأميركية والمسألة العُمْرية

الرئاسة الأميركية والمسألة العُمْرية

المغرب اليوم -

الرئاسة الأميركية والمسألة العُمْرية

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

من بين أهم المهارات السياسية الواجب توفرها فيمن يشغل منصب الرئاسة الأميركية، القدرة على إقناع أعضاء الكونغرس وأعضاء حزبه وعامة الشعب بالمبادرات التي سيتخذها، والأولويات الأساسية التي يراها.

هنا يبدو المشهد مرتبطاً ارتباطاً جذرياً بالقدرات الذهنية للرئيس، على مستوى زمني ثلاثي الأبعاد: درايته بالماضي، ومعاصرته وفهمه للحاضر، ناهيك عن رؤيته الاستشرافية للمستقبل.

باتت مسألة عمر الرئيس تمثل محوراً مركزياً في التصويت له أو الامتناع عن دعمه، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة شهدت مرشحين متقدمين في العمر من قبل، وقد كان آخرهم الرئيس الجمهوري رونالد ريغان، فإن أعمارهم لم تمنع نجاحاتهم.

اليوم يسعى الرئيس الأميركي جو بادين لإعادة انتخابه رئيساً، وهو في الثانية والثمانين من عمره، بينما منافسه الرئيس السابق دونالد ترمب، يبلغ السابعة والسبعين.

هل التقدم في العمر يمثل عائقاً في طريق أي مرشح لمقعد الرئاسة؟

ينبغي ربط الجواب بالمكانة، بمعنى أن من سيشغل المكتب البيضاوي، سوف يصبح -ولو بصورة مجازية- مدير مجلس إدارة الكون، وللقارئ أن يتخيل ما الذي يمكن أن يصيب المسكونة وساكنيها من جراء أي اضطراب ذهني، أو نقص في الذاكرة، يحل بصاحب ذاك المقعد الوثير.

انفجر الحديث في الأيام القليلة المنصرمة عن قضية عمر المرشح جو بايدن، والذي تكلم بصورة بعيدة عن الواقع بكثير من العلل في الذاكرة، كحديثه عن لقاءات جمعته برؤساء قضوا منذ أكثر من عقدين، مثل الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران.

هل تلقَّى بايدن طعنة نافذة في الأيام القليلة الماضية، تزعج الديمقراطيين بأكثر من تأثيرها عليه، انطلاقاً من قناعة بأن مستقبله بات خلفه وليس أمامه، وعلى هذا الأساس تدور عقارب الساعة سريعة بحثاً عن خليفة له؟

مؤكد أن التقرير الذي أصدره المدعي العام الخاص، روبرت هور، قد سلَّط الضوء على «الذاكرة الضعيفة» لبايدن.

هور برَّأ بايدن من سوء التصرف بالوثائق السرية، أي انتفاء سوء النية سياسياً؛ لكنه عمَّق فكرة «الذاكرة الضعيفة» للرئيس الذي يسعى لإعادة انتخابه قبل نهاية العام الحالي.

لم يعد أمر ذاكرة بايدن يوارى أو يدارى، وغالب الظن أن ذلك هو سبب تراجع نسب تأييده بشكل عام، وفي مواجهة ترمب بنوع خاص، بينما أظهرت استطلاعات رأي متعددة أن غالبية الأميركيين، جمهوريين وديمقراطيين، لديهم مخاوف بشأن إشكاليته العمرية، وعلى الرغم من سعي مساعديه إلى إظهاره كشخص قوي وقادر على أداء المهمة؛ لكن تقرير هور، وأخطاءه اللفظية، تقطع بأن عمره بات بالفعل عقبة في طريق إعادة انتخابه رئيساً من جديد.

هل أميركا أقل أمناً وأماناً مع رئيس في أوضاع بايدن العمرية؟

لم يوفِّر الجمهوريون من دون أدنى شك أزمة بايدن العمرية، فقد كان لهم –وهو ما فعلوه- أن يعزفوا على الأوتار العقلية المتآكلة للرجل الثمانيني، وهو ما تجلى في تصريحات رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري رونا مكدانيل، التي أشارت إلى أن: «إعادة انتخاب رجل متعاطف ومُسن لا يستطيع تذكر الأحداث الكبرى من حياته إلى المكتب البيضاوي، ستجعل أميركا أقل أماناً بلا شك».

تبدو أميركا اليوم أمام بايدن البريء قانونياً؛ لكنه المقيد سياسياً، وهو ما أكده تقرير هور بالفعل؛ إذ يصعب على أي مدعين عامين أن يحاججوا بسوء نية الرجل في احتفاظه بالوثائق السرية، لظروف ذهنية.

غير أن هذه البراءة تنسحب على وضعيته حينما كان نائباً للرئيس بهذه الحالة العقلية، فما بالنا اليوم بعد أكثر من عقد ونصف عقد من اليوم الذي شغل فيه ذلك المنصب؟

المسألة العمرية تمتد كذلك إلى المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب، فقد لام في تصريحات أخيرة له، المرشحة الجمهورية نيكي هايلي، واتهمها بالفشل في وقف الاعتداء على مبنى الكونغرس قبل 3 سنوات.

بدا الأمر وكأنه زلة لسان من جانب ترمب؛ لكنها زلة مخيفة تكاد تُظهر ارتباكاً عقلياً عند الرجل بدوره، فهايلي لم يكن لها أي دور يُذكر في ذلك النهار، ولهذا علَّقت بعبارة لم تخلُ من تشبيه حالة ترمب العقلية بوضع الرئيس الحالي بايدن: «ما يقلقني هو أنني لا أقول شيئاً مهيناً، ولكن عندما نتعامل مع ضغوط الرئاسة، لا يمكن أن يكون لدينا شخص آخر نتساءل عما إذا كان مؤهلاً عقلياً للقيام بذلك».

أما كارثة ترمب الأشد هولاً فجاءت على لسانه، خلال حديثه في تجمع بمدينة كنوواي بولاية ساوث كارولاينا، وفيها أشار إلى تشجيع روسيا لغزو دول من «الناتو» إن لم يدفعوا مساهماتهم المالية.

هل ضبابية الشيخوخة باتت تخيم فوق سماوات أميركا؟

تبدو الازدواجية الأميركية واضحة؛ بل وفاضحة لقضايا كثيرة نادت بها واشنطن– أوباما، في زمن ما عُرف بالربيع العربي المغشوش؛ حيث علت الأصوات بضرورة تمكين الشباب من المسؤولية والسلطة؛ لكن اليوم يتوارى هؤلاء لصالح مرشحين طاعنين في السن.

هل زمن «حكم المسنين» الذي أصاب روسيا قد حل ببلاد العم سام بدورها؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئاسة الأميركية والمسألة العُمْرية الرئاسة الأميركية والمسألة العُمْرية



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib