هل تمنع أميركا حرباً إقليمية

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

المغرب اليوم -

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

عقب لقائه وزيرَي خارجية بريطانيا وألمانيا الأربعاء الماضي، صرح بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل تُقدّر النصائح الغربية، لكنها تتخذ قراراتها بنفسها، في إشارة لا تخطئها العين إلى أنها لن تسمع للنصح الغربي بعد الرد على الهجمات الإيرانية الأخيرة.

هل ينسحب هذا التصريح على الضغوط الأميركية؟ وبصيغة أخرى، هل واشنطن قادرة على ثني تل أبيب عن مهاجمة إيران بضراوة، درءاً لرد فعل إيراني أثقل وطأة، كفيل بإقحام المنطقة في حرب إقليمية، لا سيما في هذه الظروف الإنتروبية الفوضوية التي تمر بها؟

ليس سراً أن إسرائيل تتجهز عسكرياً، وهناك بحسب تسريبات أمنية، نحو عشرة آلاف هدف استراتيجي داخل إيران، ضمن خطة استهداف عسكري يمكنها أن تزعزع استقرار النظام الإيراني.

تبدو حكومة نتنياهو في مواجهة استحقاقات مطالبات داخلية من اليمين واليسار، تطول لا بالرد فحسب، بل بالثأر من إيران.

أما إدارة الرئيس بايدن، فهي إزاء تضاد جوهري، بين الدفاع عن وضعية إسرائيل الحليف الأكبر والصديق الأقرب من ناحية، وبين عدم الانجرار في حرب تقود المنطقة إلى صراع إقليمي.

ولعله ما بين واشنطن وتل أبيب، تبدو هناك معادلة مزعجة للعارفين ببواطن الشؤون العسكرية، عبّر عنها مستشار الأمن القومي السابق للبيت الأبيض، جون بولتون، أحد أساطين المحافظين الجدد، بقوله: «من شبه المؤكد أنه في هذه المرحلة لم يكن أي من الصواريخ التي أطلقتها إيران تحتوي على رؤوس حربية نووية، لكن لا يمكنك أبداً معرفة ما الذي يحتويه الهجوم التالي، أو الدفعة التالية من الصواريخ الباليستية الإيرانية، وما إذا كانت مجهزة برؤوس نووية أم لا».

بعد ساعات من الضربة الإيرانية، بدا أن هناك توجهاً من وزيرَي مجلس الحرب، بني غانتس، وغادي آيزنكوت، وكلاهما رئيس سابق لأركان الجيش الإسرائيلي، لجهة شنّ هجوم فوري على إيران، غير أن اتصالاً عاجلاً من الرئيس بايدن، أوقف نتنياهو عن قرار القارعة.

هل لا يزال لواشنطن اليد العليا على تل أبيب، وهل من مصلحة استراتيجية لأميركا لمنع حرب إقليمية واسعة، أم أن الأمر لم يكن سوى إتاحة الفرصة للاتفاق على سيناريو أخر بمزايا أفضل، يحفظ لإسرائيل هيبتها السياسية والعسكرية ولكن بالشروط الأميركية؟

تبدو واشنطن في كل الأحوال في وضع حرج؛ إذ تقابلها على الأرض أهداف متعارضة، بعضها يتمثل في ضرورة إظهار الدعم العلني لإسرائيل، تلك التي وصفها المرشح الأميركي المستقل، روبرت كيندي جونيور، سليل العائلة الشهيرة، بأنها تشبه حاملة الطائرات الأميركية الثابتة في الشرق الأوسط، وحال غيابها فإن روسيا والصين ودول «بريكس» ستسيطر على 90 في المائة من النفط في العالم، وسيكون ذلك كارثياً على أمن أميركا ومستقبلها القطبي.

لكن في الوقت عينه، يجد بايدن نفسه مطالَباً بمنع الحرب من أن تصبح إقليمية أو حتى عالمية، وهو احتمال ممكن لأن الميليشيات التي تهاجم إسرائيل مدعومة من إيران، المتحالفة مع روسيا والصين.

الشكوك في كل الأحوال تدور من حول الموقف الأميركي، وما إذا كان متعلقاً بالتوقيت فحسب، في حين أنه سيظل في قرارة عقل الدولة الأميركية العميقة وقلبها، التعامل مع إيران بجدية.

في الوقت عينه، فإنه لا يمكن لأي محلل سياسي محقق ومدقق أن يوفر من بين أسباب الرفض الأميركي للهجوم الانطباعي السريع من جانب إسرائيل، أن الولايات المتحدة تعيش أشهراً حاسمة قبل انتخابات رئاسية مأزومة؛ ولهذا فإن أي تصعيد ربما سيذهب بفرصة إعادة انتخاب بايدن، وبخاصة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في الداخل الأميركي، من جراء ارتفاع أسعار النفط في «أميركا المموطرة».

ثم يبقى من المهم للغاية بالنسبة لواشنطن في هذه الأوقات، وبقدر المستطاع، عدم دفع إيران للارتماء في أحضان موسكو أو بكين، بأكثر مما ه عليه علاقتها بهما الآن، وهذا يفسر سياسات استرضاء إدارة بايدن منذ اليوم الأول لها في البيت الأبيض.

على أنه وفي بعض الأحايين يكون سوء الظن من حسن الفطن؛ الأمر الذي يدعونا إلى تساؤل لا يخلو من حس المؤامرة، سواء اتفق الجميع على وجوده في بطون التاريخ أم افترقوا «هل هناك مصلحة سرية أميركية - إسرائيلية، سوف تبزغ لحظتها إن عاجلاً أو آجلاً، تقود إلى ضربة استراتيجية لإيران، سواء من جانب إسرائيل منفردة وبعيداً عن التشاور مع واشنطن، أو بتشجيع ومباركة ماورائيين من الجانب الأميركي؟».

مما لا شك فيه أن الهجوم الإيراني الأخير، فتح الباب واسعاً للشكوك حول قرب حيازة إيران أدوات الردع الكامل لإسرائيل، إن لم تكن تمتلكها بالفعل، وتتجنب الانجرار في مسار يعطل بقية رحلتها النووية بنوع خاص.

ننطلق في هذا التحليل من عند التصريحات التي أدلى بها مسؤولون وخبراء لصحيفة «الواشنطن بوست» الأيام القليلة المنصرمة، حيث كشفوا عن تغيرات مثيرة للقلق في البرنامج النووي الإيراني، تمهد ربما لإعلان قريب عن إنتاج طهران لأسلحة نووية.

هذه الرؤية عززها تقرير سري لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بعد زيارة لمنشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم في فبراير (شباط) الماضي.

حتمية المواجهة بين تل أبيب وطهران، تنبع من أنهما دولتان دوغمائيتان قامتا ولا تزالان على منطلقات دينية مطلقة، أكثر من كونهما بلدين يتبعان آيديولوجيات سياسية نسبية؛ ما يجعل فكرة عزل الآخر وإقصائه أمراً واجب الوجود، ومن غير الممكن التعايش الواحد مع الآخر، سيما إذا بلغ كلاهما العتبات النووية.

لن تقبل واشنطن دخول طهران نادي الدول النووية، ومن قبلها تل أبيب بأي حال، مهما كلف الأمر؛ ولهذا فإن الاستنتاج الأخير هو أن المعركة الاستراتيجية مع طهران قادمة بشكل مؤكد ربما بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وقد تسبقها ربما ضربة تكتيكية في فترة ما بعد عيد الفصح اليهودي؛ ما يعني أن العاصفة قادمة بعد زمن معلوم قريب لا بعيد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية هل تمنع أميركا حرباً إقليمية



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:21 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم
المغرب اليوم - إطلالات عصرية وجذابة للنجمات بصحية الدنيم

GMT 19:04 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر
المغرب اليوم - اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 06:49 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المغربي سعد لمجرد يُثير الجدل برسالة جديدة لدنيا بطمة
المغرب اليوم - المغربي سعد لمجرد يُثير الجدل برسالة جديدة لدنيا بطمة

GMT 05:59 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 08:13 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

أبرز الأبراج التي تعشق التحكّم في الآخرين

GMT 07:09 2016 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

سيارات لندن..!

GMT 00:40 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سخان ماء يتسبب في وفاة سيدة متزوجة في تاوريرت

GMT 18:58 2023 الثلاثاء ,10 كانون الثاني / يناير

إقلاع طائرة تحمل أول صاروخ فضائي في بريطانيا

GMT 00:12 2020 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مطالب أوروبية بتأجيل تقنية "صندوق الرمال" من "غوغل"

GMT 18:52 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البابا يعزل أسقفًا "تستر" على اعتداء جنسي

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

كيف ترفضين كذب طفلك دون أن يخسر ثقته بكِ؟
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib