أيها الدجّال هذا زمانك

أيها الدجّال... هذا زمانك

المغرب اليوم -

أيها الدجّال هذا زمانك

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

قبل أيام كنت في مجلس جميل في ضيافة رجل حكيم، ضمّ المجلسُ خبراءَ في الطبّ النفسي وعلم الأعصاب، ورجال أمن أمضوا شطراً كبيراً من أعمارهم، وبعضهم ما زال في مصاولة كل صِنفٍ عليلٍ من البشر يمكن أن يرسمه لك خيالك، ولا غرو؛ فهؤلاء الرجال هم الذين يبصرون، ويصادمون، الخطر لحظة خلقه وولادته وسعيه يمشي على قدمين.

أُدير الحديثُ عن تفسير حكاية أدلى بها مشهور من مشاهير «السوشيال ميديا»، وصدَّقه آخر وساق دليلاً على صدقه، وخلاصة الخبر أنَّ صاحبنا المشهور سبق أن مرّ بتجربة روحية خطيرة، حين انفصلت روحه عن جسده، وهو في قمّة يقظته، ورأى جسدَه عن بعد، وهو محلّق فوقه، ثم عادت روحه لجسده. لم يكن صاحبنا هاجعاً، ولا كاذباً، بل في حضور ذهني.

أمَّا «أهل العلم» الذين ضمَّهم مجلسُنا، فلم يجدوا كبير عناء في تشخيص وتعيين هذه الحالة، وساقوا براهينهم وغرفوا من معين علمهم وصفحات خبرتهم المهنية على مدى عقود في مقاعد الدرس الجامعي، وغرف الاختبار العملي، وعيادات المرضى الذين عاينوا.

عندها انكشف لي الحجاب وفُتح البابُ، فلم يبقَ ثمّة سرٌّ ولا غموض... تذكّرت حينها عبارة أخّاذة مرّت بي ذات قراءة، تقول:

الغموض بالنسبة للعلم تحدٍّ، وبالنسبة للخرافيين... فرصة!

ندع صاحبنا «الروحاني» ونرجع لمجلسنا، حيث باح لنا بعض الحضور بقصص عجيبة عن مدّعي النبوّة أو من يرى نفسه «المسيح ابن مريم»، وبعضهم «المسيح الدجّال»، أهم شيء أن يكون «المسيح» وحسب! وبعضهم يرتفع طموحه وتتَّسع دعواه إلى ما هو أعلى من ذلك بكثير.

الذي علمته أنَّه بمعدّل شبه أسبوعي أو كل عشرين يوماً مثلاً، هناك من يُقبض عليه بمزاعم كهذه، وبعد التأكد من خلّوهم من مضارّ أمنية وارتباطات مشبوهة، يُبعثون إلى المشافي النفسية لترميم أنفسهم وإرواء هرموناتهم الناقصة التي أحدث فقدها هذا الخلل الكيميائي في الدماغ.

كتب الباحث السعودي ناصر الحزيمي مقالة في «العربية نت» ذكّر فيها بدعوى دجّال هو «أحمد خادم الحجرة النبوية»، نشرت عنه مجلة «المنار» أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1904م، فحواها البكاء على أحوال المسلمين ومخالفاتهم الشرعية، وما يجب عليهم من الرجوع لله، وأنَّهم في آخر الزمان، وأنَّ صاحبنا أحمد هذا لديه وصاية نبوية خاصة، وأَّن من يرفض نشر هذا التحذير ستقع عليه عقوبة إلهية.

علّق صاحب «المنار» الشيخ رشيد عليها بقوله:

«الوصية مكذوبة قطعاً لا يختلف في ذلك أحد شمَّ رائحة العلم والدين، وإنَّما يصدقها البلداء من العوام الأميين».

تُرى لو خرج أحمد الدجّال هذا في عصر «التيك توك» و«إكس» و«سناب» و«فيسبوك»... هل كانت ستكفيه فتوى مختصرة من الشيخ رشيد للقضاء عليه؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيها الدجّال هذا زمانك أيها الدجّال هذا زمانك



GMT 16:02 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

إيران ماذا ستفعل بـ«حزب الله»؟

GMT 15:59 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أنطونيو غرامشي... قوة الثقافة المتجددة

GMT 15:57 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الجامد والسائح... في حكاية الحاج أبي صالح

GMT 15:52 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

الفرق بين المقاومة والمغامرة

GMT 15:49 2024 السبت ,28 أيلول / سبتمبر

أشياء منى حلمى

نجمات العالم يتألقن بإطلالات جذّابة بأسبوع الموضة في باريس

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 19:02 2024 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

مبابي في قلب حرب باردة داخل المنتخب الفرنسي

GMT 19:59 2024 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

ميسي يعود للملاعب بعد غياب شهرين للإصابة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib