انسحاب بايدن وأوهام السحاب

انسحاب بايدن... وأوهام السحاب

المغرب اليوم -

انسحاب بايدن وأوهام السحاب

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

فاجأني نيل قائلاً: «انظر تلك السحابة، إنها تبدو كفيلٍ يعبر الفضاء». وافقتُ الجار، فقد كانت تحمل ملامح فيل. ساد الصمت بضع ثوانٍ، ثم وجدتني أقول لعلها سحابة «الفيل الجمهوري» تمهّد طريق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. لم يرق القول لجاري، فهو متأفف دائماً من أي حديث يتطرق للسياسة، وغير معني، إذا تصفّح الصحف، سوى بأحدث أخبار سباق الخيول، لذا انتفض يسأل باحتجاج: وما علاقة هذا «الإديوت» بالفيل؟ سارعتُ أعترض على الأسلوب غير المهذب ضد الرجل، ونبهتُ جاري، إلى أنني أمزح فحسب، لكنه أبان كذلك عن جهل واضح بأن الفيل رمز للحزب الجمهوري، يرجع إلى القرن التاسع عشر، وهو من أفكار توماس ناست، رسام الكاريكاتير السياسي الشهير، وأصبح رمزاً للحزب، كما رمز «سانتا كلوز»، أو «العم سام»، ثم إن الحزب اعتمد ترشيح ترمب رسمياً ليل الخميس الماضي، وبما يشبه التتويج، لخوض سباق الرئاسة.

قصتي مع جاري نيل، تعكس عدم اكتراث الناس غير المهتمين بشخص الجالس على كرسي الحكم في البيت الأبيض. لكن هؤلاء القليلين جداً، غير مدركين لضرورة الاهتمام بحدث انتخابات الرئاسة الأميركية، وبمَن يُعطى، إعلامياً، وصف «أقوى رجل في العالم»، فهو يتحكم بقرارات أقوى دول الأرض قاطبة إزاء مجمل أمور الكوكب. ضمن هذا السياق، ليس سراً، وما هو مستغرب، أن غالبية دوائر الحكم عالمياً بدأت تعد العدة، أولاً، لكيفية التعامل مع أميركا الرئيس ترمب في ولايته الثانية، وإلى جانبه فانس، وثانياً الاستعداد لمختلف احتمالات تعاملهما معاً مع قضاياهم. هكذا تصرف مفهوم، بل مطلوب. أما غير المفهوم، بل المثير للسخرية، فهو استغراق البعض في أوهام تشبه إعطاء سُحب تعبر الفضاء من الأشكال ما يروق لخيال المُتصوِّر.

مثال على ما سبق يتضح في كيف أن إعلان الرئيس جو بايدن الانسحاب من سباق الرئاسة، دفع أكثر من طرف، إلى اعتبار فوز ترمب بالحكم بات في حكم المؤكد. نعم، صحيح أن كل استطلاعات الرأي كانت تعطي المرشح الجمهوري نِسباً أعلى بكثير من المنافس الديمقراطي بايدن، لكن يصح أيضاً القول إن الجزم بانتصار مرشح على آخر في أي بلد ديمقراطي غير جائز منطقياً، ففي كل انتخابات يجب توقع أي مفاجآت، ثم إن ترشيح كامالا هاريس، إذا اعتُمد من الحزب الديمقراطي، قد يقلب الموازين. أما ذلك النوع من الحسم فيشبه الوقوع في فخ مراهنات المقامرة على الفرق الرياضية خلال البطولات العالمية، ويمكن الرجوع إلى غير واقعة في سجلات التاريخ توثّق الصدمات التي أصابت كثيرين، عندما خابت أوهام التوقعات على أرض الواقع.

ضمن السياق ذاته، معروف أن الطرف المتسم بشدة التطرف في إسرائيل، راهن من الأساس على انتصار ترمب، ومن الطبيعي أن يعلو سقف توقعات بنيامين نتنياهو أكثر مع انسحاب بايدن. بيد أن هذا الطرف، وكل مَن يلف في فلكه، إنما يتعلق بأوهام عابرة، كما السحاب، إذا تصوّر أن فلسطين القضية، والناس، والمصير، سوف تذهب بعيداً لمجرد تغيير الرئيس الأميركي، جمهورياً كان أم ديمقراطياً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انسحاب بايدن وأوهام السحاب انسحاب بايدن وأوهام السحاب



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib