بقلم - عماد الدين حسين
حدثان ومؤشر وقعت في الأسبوع قبل الماضي تشير إلى أن هناك صعوداً جديداً لليمين المتطرف في العالم، من أوروبا والولايات المتحدة إلى أمريكا الجنوبية. الأحداث الثلاثة هي صعود حزب الحرية اليميني المتطرف الهولندي انتخابياً، ثم فوز المتطرف خافيير ميلي برئاسة الأرجنتين، والمؤشر الثالث هو استمرار صعود وتصدر دونالد ترامب في استطلاعات الرأي.
حزب الحرية اليميني فاز بـ37 مقعداً في البرلمان الهولندي أي أكثر من ضعف حصته، وبالتالي ستكون له الكلمة العليا في تشكيل الحكومة.
خيرت فليدرز وعمره 60 عاماً أسس حزبه عام 2006 وأهدافه هي ضرورة الدفاع عن الثقافة والهوية الهولندية وليست الأوروبية.
أحد أهم شعارات الحزب هي محاربة المهاجرين، خصوصاً العرب، وقد وصف المهاجرين المغاربة بـ«الحثالة» ونظم مسابقات لرسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول محمد «ص»، وتعهد بحظر القرآن والمساجد والحجاب. هو تعهد بما أسماه وقف تسونامي طالبي اللجوء وفرض ضوابط صارمة «لحماية الهوية والقيم الهولندية» وإبعاد المهاجرين السوريين. هو أيضاً يشكك في الاتحاد الأوروبي ويعتبر «بروكسل» وبيروقراطيتها المفرطة تهديداً للسيادة الوطنية، داعياً إلى سيطرة أكبر على القوانين والحدود والسياسات الاقتصادية ومتعهداً بإجراء استفتاء على بقاء بلاده في الاتحاد.
حزب الحرية يقول إنه صديق رائع لـ«الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» وهي إسرائيل، وسيتم تعزيز هذه العلاقة بنقل السفارة إلى القدس، وإغلاق المركز الثقافي الهولندي في رام الله.
الحدث الثاني المهم كان فوز خافيير ميلي برئاسة الأرجنتين وتكاد تكون سياساته الأساسية مشابهة تماماً لما يردده حزب الحرية في هولندا وسائر قوى وأحزاب اليمين المتطرف في العالم.
هو قال إن أول زيارة خارجية له ستكون للولايات المتحدة وسيلتقي بعدد من حاخامات اليهود هناك، لأنه يتبع تعاليمهم. والزيارة الثانية ستكون لإسرائيل متعهداً بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، وسياسته الخارجية ستركز على التعاون مع «المحور الأمريكي الإسرائيلي»، ولن يتفاوض مع الأنظمة اليسارية مثل البرازيل والصين.
وأول من سارع بتهنئته كان الرئيس البرازيلي السابق اليميني أيضاً جايير بولسونارو. ميلي تعهد بالتعامل بالدولار الأمريكي وإلغاء المصرف المركزي وإلغاء وزارات الصحة والتعليم وخصخصة بعض الشركات العامة الكبرى. لكن المفارقة أن حزب الرئيس الجديد «الحرية تتقدم» لم يحصل على أي منصب من حكام الولايات، وهي المناصب التي تهيمن عليها الحركة البيرونية، وكان ملفتاً للنظر أيضاً قوله إن بلاده لن تشارك في مجموعة بريكس ولا تنوي العمل مع روسيا والصين والدول الشيوعية. ميلي قال أيضاً إنه معجب بترامب والأخير قال إنه سيحضر حفل تنصيبه.
المؤشر الثالث هو أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن دونالد ترامب يتقدم على جميع المنافسين المحتملين في انتخابات الرئاسة أواخر العام المقبل. وأشار استطلاع أجراه مؤخراً مركز هارفارد مع «ذا هيل» أن ترامب حصل على 48 % من المشاركين مقابل 41 % للرئيس الحالي جو بايدن، وحتى الـ11 % غير المتأكدين، وحين تم سؤالهم ثانية قال 53 % إنهم سوف يصوتون لترامب و47 % لبايدن.
وفي نوفمبر الماضي أظهر استطلاع لصحيفة «نيويورك تايمز» أن ترامب يتقدم على بايدن في اريزونا بخمس نقاط و6 في جورجيا و5 في ميتشغان و10 نقاط في نيفادا و4 في بنسلفانيا، في حين يتقدم بايدن على ترامب فقط في ويسكونسن بنقطتين. من الأحداث والمؤشرات السابقة يمكن الاستنتاج المبدئي أنه مع الاستقطاب الحاد في العلاقات الدولية والأزمة الاقتصادية الحادة الناتجة عن وباء كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية والتضخم والركود ثم الهجوم الإسرائيلي على غزة فسوف يتواصل صعود القوى اليمينية المتطرفة في العديد من بلدان العالم، خصوصاً أوروبا، وبالأخص الجانب الشرقى منها. وهو الأمر الذي يعني أن العالم مقبل في المرحلة المقبلة على فترات شديدة الاستقطاب والصراعات وربما الحروب.