شيخ الأزهر والكنيسة تحية واجبة

شيخ الأزهر والكنيسة.. تحية واجبة

المغرب اليوم -

شيخ الأزهر والكنيسة تحية واجبة

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

يستحق شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب المزيد من التحية والتقدير والاحترام على موقفه بعد حادث الحريق فى كنيسة أبوسيفين بالمنيرة الغربية فى إمبابة صباح الأحد الماضى.

معظمنا فى مصر يتحدث عن كلمات وخطب ومواعظ كثيرة عن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، لكن ما فعله الإمام الأكبر كان ترجمة حرفية لفكرة ومبدأ المواطنة، الذى نردده كثيرا، ونطبقه قليلا.

فى هذا الصدد أعجبنى ما كتبه الزميل والصديق عزت إبراهيم رئيس تحرير «الأهرام ويكلى» تعليقا على موقف شيخ الأزهر بقوله «إن ما فعله فضيلة الإمام الأكبر يختصر مواعظ كثيرة عن المواطنة والمصير الواحد».

لكن ماذا فعل الإمام الأكبر؟

 طبقا لما نشرته صحيفة «صوت الأزهر» فالرجل ــ وهو صعيدى شهم أيضا ــ اتخذ خمسة إجراءات مهمة عقب نشوب الحريق الذى أودى بحياة نحو ٤١ شخصا.

الإجراء الأول هو تقديم واجب العزاء للبابا تواضروس والأخوة المسيحيين وجميع المصريين فى ضحايا الحريق.

وهذا الإجراء هو أفضل من مليون فتوى لأنه يترجم عمليا فكرة التضامن والتآزر بين المسلمين والمسيحيين ومن أكبر رأس فى المؤسسة الإسلامية ليس فى مصر فقط، ولكن فى العالم الإسلامى بأكمله. وأظن أنه بعد هذا الموقف فالمفترض أننا لن نجد أى متنطع يخرج ويسأل هل يجوز أن نترحم على الأخوة المسيحيين أم لا، وهل يجوز أن نعزيهم فى أمواتهم أم لا؟!

والإجراء الثانى هو وضع مستشفى الأزهر تحت التصرف لاستقبال المصابين فى الحادث مع تقديم الدعم النفسى لهم.

وهذا إجراء مهم جدا ويحسم الكثير من الجدل العبثى والبيزنطى عن مدى جواز أن يقدم المسلم المساعدة للمسيحى فى وقت الأزمة.

هو جدل شديد العبثية، لكن الحمد لله أن إجراء الإمام الأكبر يضع حدا لمثل هذا الكلام فى المستقبل.

أما تقديم الدعم النفسى، فيعنى أن أعلى مرتبة إسلامية تطبطب على قلوب أهالى الضحايا والأخوة الأقباط بأكملهم.

الإجراء الثالث هو التوجيه يصرف إعانات نقدية عاجلة لعائلات المتوفين.

وهذا إجراء شديد الأهمية ويحسم جدلا عبثيا آخر يتعلق بجواز تقديم المسلم الدعم المالى لأخيه المسيحى. ويرد عمليا على فتاوى بعض المتطرفين، فى هذا الصدد. ويؤكد على الوجه الحقيقى والإنسانى للإسلام.

الإجراء الرابع هو تكليف وفد أزهرى رفيع المستوى برئاسة د. محمد الضوينى وكيل الأزهر ومعه قيادات الأزهر بزيارة المصابين ومؤازرة ذويهم.

ومرة أخرى فهذا الإجراء فتوى عملية بأن مؤسسة الأزهر الشريف تقول لكل المسلمين أنه واجب عليهم زيارة إخوتهم المسيحيين، خصوصا أن فتاوى كثير من المتنطعين حرمت ذلك كثيرا.

الإجراء الخامس هو تقديم الوفد الأزهرى العزاء فى ضحايا الحادث الأليم والتأكيد على أن الأزهر وشيوخه يقفون جميعا إلى جانب إخوتهم وأن الأزهر بكل ما يمثله من قيم ورموز ومعان يقول لكل المسلمين إنه واجب عليهم أن يقفوا بجوار إخوتهم الأقباط فى الأحزان والملمات. مرة أخرى يحسب للعالم الجليل شيخ الأزهر أن موقفه الأخير هو مجموعة من الفتاوى الحية المهمة التى يفترض أن تغلق الباب على الكثير من الجدل فيما يتعلق بعلاقة المسلمين والمسيحيين. هو موقف يترجم عمليا كل ما كنا نقوله جميعا نظريا، وهذا الكلام النظرى ومن فرض تكراره الممل لم يعد كثيرون يثقون به، لوجود مسافة كبيرة من التناقض بين الأقوال والأفعال.

 الذى حدث هذه المرة هو العكس. الأزهر أقدم على الأفعال أولا، وهى الرسالة التى ستصل إلى الجميع. إلى الأخوة الأقباط أولا بأن أكبر مؤسسة إسلامية تقف بجانبهم وتتعامل معهم بمنطق المواطنة الفعلى وليس مجرد الكلام الإنشائى. وإلى كل الخارج بأن هذا هو موقف الإسلام الحقيقى من الأخوة الأقباط، وبالتالى فنحن لسنا مسئولين عن أى مواقف عكس ذلك.

وثالثا إلى عموم المسلمين بأن هذا هو وجه الإسلام الحق وعليهم أن يسيروا على هديه فى العلاقة مع الإخوة المسيحيين. والأهم أن موقف الأزهر الأخير يفضح ويعرى بعض القوى المتطرفة لدى المسلمين والمسيحيين. يعرى المتطرفين من المسلمين بأنهم لا يمثلون إلا أنفسهم. ويعرى المتطرفين المسيحيين بأنهم مخطئون فى أوهامهم بأن المسلمين ضدهم.

تحية واجبة لشيخ الأزهر وخالص التمنيات بشفائه، وتحية واجبة أيضا لجريدة «صوت الأزهر» ورئيس تحريرها الزميل العزيز أحمد الصاوى حيث شهدت تطورا كبيرا منذ ترأس تحريرها، وتلعب دورا مهما فى إظهار الوجه المدنى والوسطى الحقيقى لمشيخة الأزهر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شيخ الأزهر والكنيسة تحية واجبة شيخ الأزهر والكنيسة تحية واجبة



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib