باسم من يتحدث كيربي

باسم من يتحدث كيربي؟!

المغرب اليوم -

باسم من يتحدث كيربي

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

حينما يتحدث بعض المسئولين الأمريكيين عن العدوان الإسرائيلى المستمر على غزة، تنتابك الدهشة فى بعض اللحظات وتسأل نفسك: هل هذا المسئول يتحدث باسم بلاده أم باسم إسرائيل؟!
هذه الخلاصة ليست مجرد انطباع شخصى، بل هى تراود العديد من المتابعين، وربما هذا الشعور هو الذى دفع مراسلة إحدى القنوات الفضائية العربية فى واشنطن لسؤال جون كيربى المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى قائلة له: هل أصبحتم متحدثا باسم إسرائيل؟!
بالطبع كيربى رد بالنفى وقال إنه المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى، لكن السؤال كان يعكس الشعور الذى وصل للمراسلين المعتمدين فى البيت الأبيض وغالبية المتابعين للعدوان الإسرائيلى. منذ بداية العدوان فى ٧ أكتوبر فإن كيربى يتصرف ويتحدث ويعلق وكأنه الناطق الرسمى باسم الحكومة الإسرائيلية ومجلس الحرب هناك بل وباسم الجناح المتطرف فيها.
وفى كل مرة يسأل صحفى كيربى عن سر عدم مطالبة الولايات المتحدة لإسرائيل بوقف إطلاق النار، يسارع إلى القول «لا.. نحن لا نريد أن يتوقف إطلاق النار لأن حدوث ذلك يعنى مكافأة حركة حماس وإعطاءها فرصة لالتقاط أنفاسها والاستعداد لمواجهة إسرائيل مرة أخرى.
والغريب أنه حينما قال الرئيس الأمريكى جو بايدين إن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو تفقد الدعم العالمى بسبب القصف العشوائى الذى أدى لسقوط آلاف المدنيين، فإن كيربى سارع بمحاولة تخفيف حدة هذه الانتقادات.
والأكثر غرابة أن كيربى خرج على الصحفيين قبل أيام وقال إن الخطوات التى اتخذها الجيش الإسرائيلى لمنع سقوط ضحايا من المدنيين الفلسطينيين فى غزة قد تذهب أبعد مما كانت ستفعله الولايات المتحدة لو كانت فى مكان إسرائيل!!
ويومها أشار كيربى إلى الخريطة التى نشرها الجيش الإسرائيلى لتنبيه المدنيين بشأن الأحياء التى يخطط لمهاجمتها حتى يتمكنوا من الإخلاء مسبقا. وأضاف نصا: «هناك عدد قليل جدا من الجيوش الحديثة التى تفعل ذلك ولا أعرف ما إذا كنا نحن فى أمريكا سنفعل ذلك!
وبالطبع فإن كيربى نسى أن هذه التنبيهات شكلية لأنه بعد الإخلاء تقوم إسرائيل بتدمير كامل الأحياء، وحتى حينما يحاول الفلسطينيون العودة إلى بيوتهم تقوم إسرائيل بقصفهم مرة أخرى.
وخلال هذا المؤتمر الصحفى الذى انحاز فيه كيربى لإسرائيل حتى على حساب بلاده، فقد ارتدى قلادة كتب عليها «أعيدوهم إلى الوطن الآن»، وهو الشعار المنتشر فى إسرائيل لمطالبة الحكومة الإسرائيلية بإعادة الأسرى الموجودين لدى المقاومة الفلسطينية فى غزة.
انحياز كيربى لإسرائيل أمر غريب حتى بالمقارنة مع بعض المسئولين الإسرائيليين، خصوصا مثل إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق الذى يطالب بوقف إطلاق النار فورا للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين وإسقاط حكومة نتنياهو.
كيربى ليس وحده الذى يدافع عن إسرائيل أكثر حتى من بعض الإسرائيليين أنفسهم، فوزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن وحينما نفذت المقاومة عملية طوفان الأقصى فى ٧ أكتوبر الماضى فى مستوطنات غلاف غزة، جاء مسرعا إلى إسرائيل ليقول لهم متباهيا «جئت إليكم باعتبارى يهوديا قبل أن أكون وزيرا للخارجية الأمريكى».
وقبل بلينكن وكيربى فإن الرئيس الأمريكى جو بايدن جاء إلى إسرائيل بعد ساعات من «طوفان الأقصى» ليعلن تضامنه مع إسرائيل ويرسل لها حاملات الطائرات والسفن النووية وجسر مفتوح من الأسلحة والمساعدات المالية العالية وقال بعدها: «لو لم تكن إسرائيل موجودة لاخترعناها»، كما أنه وفر لها الدعم الدبلوماسى واسع النطاق واستخدم حق النقض الفيتو ٣ مرات لإجهاض مشروعات قرارات لوقف إطلاق النار.
ونتذكر أن بايدن قال قبل شهور إن والده قال له ذات يوم «لا يتطلب الأمر أن تكون يهوديا لتصبح صهيونيا»، وفى ٦ ديسمبر الماضى كرر بايدن هذه المقولة، وأضاف عليها: أنا صهيونى وهذه حقيقة لا أعتذر عنها وأنه من دون وجود إسرائيل حرة وآمنة، لا أعتقد أن يهوديا واحدا سيكون آمنا تماما».
أدرك أن هناك مصالح ثابتة للولايات المتحدة، لكن حينما يتعلق الأمر بإسرائيل يصاب المرء بالارتباك والحيرة والدهشة، التى تجعل أمريكا تضحى بمصالحها وصورتها الذهنية وما تقول إنه مبادئها من أجل حماية ودعم العدوان الإسرائيلى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باسم من يتحدث كيربي باسم من يتحدث كيربي



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib