بين إثيوبيا ورواندا دروس وعبر
ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم تقديم 21 شخصا أمام وكيل الملك بتارودانت على خلفية أحداث شغب مباراة هوارة وأمل تزنيت وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3365 شهيداً و14344 مصاباً منذ بدء العدوان الإسرائيلي "حزب الله" يجبر طائرتين مسيرتين لقوات الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة الأجواء اللبنانية أوكرانيا تعلن مسئوليتها عن اغتيال ضابط روسي في شبه جزيرة القرم جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم ببناء بؤر الاستيطانية وفتح محاور جديدة للبقاء أطول في قطاع غزة إرتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,712 أغلبيتهم من الأطفال والنساء منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي فرنسا تستنفر وتمنع العلم الفلسطيني قبل مباراتها مع إسرائيل خشية تكرار أحداث أمستردام حزب الله يُنفذ هجوماً جويًّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية على مقر قيادة كتيبة راميم في ثكنة هونين شمال مدينة صفد مقتل مستوطنيين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين جراء سقوط صواريخ لحزب الله في نهاريا
أخر الأخبار

بين إثيوبيا ورواندا: دروس وعبر!

المغرب اليوم -

بين إثيوبيا ورواندا دروس وعبر

حسين شبكشي
حسين شبكشي

المراقب والمتابع لأخبار تطورات الأحداث المتسارعة في إثيوبيا والصراعات الدموية التالية بين القبائل والعشائر المختلفة فيها؛ لا بد أن يتوقف ملياً ويسترجع بالذاكرة غير البعيدة الأحداث الدموية المرعبة التي حلّت في جمهورية رواندا في أفريقيا أيضاً (وهي دولة جارة لإثيوبيا وتربطهما حدود مشتركة)؛ وذلك بسبب الصراعات الكبرى والاقتتال الدموي بين قبائل أقليات التوتسي والهوتو والتوا، والتي تجاوز عدد القتلى في هذه الأحداث المليون والمائتي ألف شخص في فترة لم تتجاوز الأربعة أشهر فقط، وكان سبب اندلاع الشرارة هو التعصب القبلي والعنصرية بحق الآخرين.

لقد أصبحت رواندا مضرباً للأمثال فيما يتعلق بالإبادات الدموية الجماعية الناتجة بسبب الصراعات والكراهيات العنصرية القبلية وا لعشائرية البينية. فالمشاهد البشعة التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة وقتها والتي تظهر أنماطاً من الوحشية والعنف جعلت العالم في ذعر مهول ودهشة كبيرة. ولكن ماذا حل في رواندا اليوم؟ تحولت هذه الدولة الصغيرة في قلب القارة السمراء إلى قصة تحول ونجاح مبهر، وأصبحت توصف حين الحديث عنها بالمعجزة الاقتصادية في رواندا. بدأت رواندا في تطبيق إجراءات صارمة فيما يخص التمييز والتفرقة وأقامت منظومة قانونية صارمة وفعالة ومؤثرة تمنع التمييز بين المواطنين بأشكاله كافة، وتساندها في ذلك مجموعة مهمة من التشريعات والأنظمة والقوانين الداعمة للحوكمة الرشيدة والمتضمنة منهجية للإفصاح والمكاشفة والمحاسبة، وانعكس ذلك الأمر بطبيعة الحال على الوضع الاقتصادي بصورة عامة، فتدفقت الاستثمارات الدولية التي تبحث عن الاستقرار وتهرب من غموض عدم الوضوح، وانخفضت البطالة وانشغل الناس بالعمل والإنتاج بدلاً من التفاخر والصراعات القبلية البينية. وبدأ الإبداع والأفكار تتوالد في رواندا وأقيمت مصانع لتجميع أجهزة الحاسب الآلي المحمول، وأخرى لتصنيع الأحذية الرياضية حتى كان الخبر الأهم والأكثر فاعلية وتأثيراً هو إعلان عملاق صناعة السيارات الألمانية شركة «فولكس فاغن» إقامة مصنع تجميع لإحدى سياراتها في رواندا، ليخدم سوق القارة الأفريقية بأكملها، وبالتالي كان ذلك الأمر بمثابة الإعلان الواضح والصريح عن انتصار رواندا ونجاح تحولها الكامل وانتقالها بنسبة مائة وثمانين درجة من مرحلة السعار والاقتتال الدموي القبلي إلى دولة المواطنة والاستقرار، ودخولها في فلك ودوائر الاستثمار المؤثرة في المعسكر الغربي.

أما إثيوبيا فلم تقم بما قامت به رواندا؛ إذ ربطت مصيرها التنموي في يد الصين وحدها، والصين لا تملك إرثاً حقوقياً وتشريعياً وقانونياً لتنقله كتجربة تستحق الاحترام إلى إثيوبيا، ولكن كان تركيزها حصرياً في إيجاد منافذ وأسواق لترويج وبيع سلعها وخدماتها ومنتجاتها، وأغراها حجم السوق الإثيوبية الكبيرة الذي يتجاوز تعدادها مائة وخمسة عشر مليوناً، فاهتمت بها بتركيز شديد ودقيق، وأصبحت السوق الإثيوبية تعتمد بشكل رئيسي على السلع والبضائع الصينية، وجاء ذلك على حساب استحداث منظومة من القوانين والأنظمة والتشريعات لتحقيق المواطنة السوية في بلاد معبأة بالتجاذبات القبلية المختلفة. وهو تحديداً السبب الرئيسي الذي جعل من غياب منظومة المواطنة السوية في إثيوبيا أشبه بكعب أخيل أو المنطقة الرخوة الضعيفة والهشة التي قد تتسبب في سقوط الحكومة الحالية أو إلى تقسيم البلاد إلى دول صغيرة متفرقة ومتنافرة، وذلك بحسب المناطق القبلية ومراكز الثقل فيها.

لم تتعظ إثيوبيا أو تستفيد من تجربة جارتها رواندا، وقد يكون ذلك من باب الاستهتار المتوقع من قبل الجارة الكبيرة بحق جارتها الصغيرة؛ ولذلك تبقى إثيوبيا هي الخاسر الأكبر من عدم الاستفادة من التحول العظيم الذي حصل في الجارة الصغيرة رواندا، وخصوصاً أن عناصر المشكلة الأساسية متشابهة للغاية وبشكل لا يمكن إغفاله. عانت القارة العجوز أوروبا عبر تاريخها القديم من الصراعات الدموية العنيفة بين القبائل المختلفة التي كانت تعيش فيها (نعم، كانت هناك قبائل متناحرة في أوروبا يوماً ما)، ولكنها أقرّت فكرة ومنظومة الدولة المدنية، التي تحكم الجميع، وكتبت بذلك نهاية للحروب الأهلية، وباتت الكلمة الأهم لدولة القانون. واليوم، إثيوبيا التي انبهر العالم بتقدمها الاقتصادي نتاج التعاون الوثيق مع الصين، وفوز رئيس وزرائها بجائزة نوبل للسلام، بات كل ذلك في مهب الريح؛ لأن منظومة الدولة المدنية والمواطنة السوية لم تتحقق، وليتضح لنا أن هذا كان يجب أن يكون الإنجاز الأول والأهم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين إثيوبيا ورواندا دروس وعبر بين إثيوبيا ورواندا دروس وعبر



GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

GMT 17:27 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب الثاني

GMT 21:28 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«هي لأ مش هي»!

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 09:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
المغرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
المغرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 00:06 2016 الأربعاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة عمل خبز الذرة للإفطار

GMT 16:46 2014 الثلاثاء ,08 تموز / يوليو

الشوفان سلاح ضد السرطان

GMT 03:39 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دخول سيارتين قديمتين لـ"مرسيدس بنز" إلى المزاد العلني

GMT 07:11 2015 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع معدل التلوث جراء حرائق الغابات في إندونيسيا

GMT 19:47 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ميس حمدان تسجّل حلقة رائعة لبرنامج "بيومي أفندي"

GMT 11:02 2022 الأحد ,11 كانون الأول / ديسمبر

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib