الخروج من العزلة الأخطر
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

الخروج من العزلة الأخطر!

المغرب اليوم -

الخروج من العزلة الأخطر

حسين شبكشي
حسين شبكشي

هل كان سيلقى جبران خليل جبران نصيبه نفسه من القبول والشهرة والانتشار لو استمر في الكتابة باللغة العربية وبقي في لبنان، أم أن قرار انتقاله لوطنه الجديد بالولايات المتحدة والكتابة باللغة الإنجليزية كانا السبب الفارق فيما حدث له من نقلة نوعية لافتة مهمة جداً؟ هذا السؤال يتكرر في حالات كثيرة مماثلة ومشابهة، مثل الكاتب التشيكي العملاق ميلان كونديرا الذي انتقل للعيش بالعاصمة الفرنسية باريس واختار الكتابة بلغتها، وخالد حسيني ابن كابل في أفغانستان الذي انتقل للولايات المتحدة وكتب من هناك باللغة الإنجليزية، وأيضاً هناك جومبا لاهيري الكاتبة البريطانية - الأميركية الآتية من أصول هندية التي اختارت الكتابة باللغة الإيطالية، وهناك الروائي المغربي الطاهر بن جلون الذي انتقل لفرنسا وكتب بلغتها، وإيليف شافاك التركية التي اختارت بريطانيا للعيش فيها وأن تكتب بلغتها، وصمويل بيكيت الكاتب الآيرلندي الذي اختار فرنسا موطناً وتبنى الكتابة بلغتها، وجوزيف كونراد الكاتب البريطاني الذي اختار الكتابة باللغة البولندية، وأمين معلوف ابن لبنان الذي استقر في فرنسا واختار الكتابة بلغتها، والعملاق التشيكي فرانز كافكا الذي استقر في ألمانيا وكتب حصرياً بلغتها.

هذه مجرد أمثلة محدودة جداً للهويات اللامحدودة في العالم. تذكرت هذا الشيء وأنا أتابع ردود الفعل الحاصلة تباعاً مع موقف أنصار الشعبوية السياسية والتيارات العنصرية التي تختبئ تحت غطاء الوطنية... في عالم واسع الآفاق، يخرج من إحدى مناطقه فيروس يدمر بلاد العالم، ليتلهف العالم بانتظار لقاح ينتج ويورد لإنقاذه من هذا الوباء المدمر، لن يسأل العالم عن «أصل» مخترع اللقاح، ولا يهمه لون بشرته ولا دينه ولا طريقة تفكيره. في ظل أفول عصر الأفكار الكبرى التي جاءت بالشيوعية والاشتراكية والنازية والرأسمالية، لن يكون مقبولاً أن تأتي فكرة بلا منهجية أخلاقية، هدامة للقيم المشتركة، مثل ما تقدمه الشعبوية، بصفتها طرحاً سياسياً عالمياً جديداً.

الاقتصاد، كما جرت العادة، هو الذي يصنع السياسة ويحدد مساراتها. بريطانيا اليوم تدفع ثمناً باهظاً لاستجابتها للتيارات الشعبوية التي كلفتها ثمن عضويتها بالاتحاد الأوروبي، والآن هناك خطر وتهديد جدي بأن تفقد اسكوتلندا من مملكتها المتحدة بعد تواتر أخبار جدية عن قرب حصول استفتاء شعبي على ذلك، وبالتالي قد يكون ذلك تمهيداً خطيراً جدياً للتحول التدريجي من بريطانيا العظمى إلى إنجلترا الصغرى. والشيء نفسه ممكن أن يقال عن حقبة دونالد ترمب في الولايات المتحدة التي أدت إلى شروخ وتداعيات بينية في قاعدة المجتمع الأميركي نفسه. والأعراض المؤلمة نفسها يجري الحديث عنها في الأوساط المجتمعية في البرازيل، بسبب سوء إدارة الأزمة الصحية والخطاب السياسي المتطرف الذي تم تبنيه في العهد الحالي.
في ظل اقتصاد معولم، يعتمد بشكل كامل مطلق على حرية حركة الأفراد والأفكار والأموال بشكل عابر للحدود والقيود، يكون الحديث عن الجدران العازلة، سواء أكانت فعلية أم فكرية، ضرباً من العنصرية القبيحة والجنون الفعلي. العالم ليس لوحة رسمت بالأبيض والأسود، وتم تقسيم سكانه بين أناس يشبهوننا وأناس آخرين وجبت معاداتهم... العالم كتلة من الألوان الثرية التي تكسر النمطية وتوسع الآفاق، ولكل هذه مزايا لا يقدر عليها من كان في قلبه مرض اسمه العنصرية.

عندما قام الكاتب الروائي الأميركي الآتي من أصول أفريقية أليكس هايلي بتأليف ملحمته الخالدة «الجذور» التي تحولت إلى مسلسل تلفزيوني ناجح جداً، سرد فيه قصة وصول جد جده عبداً مقيداً بالسلاسل من غرب أفريقيا ليباع في ولايات شرق أميركا، كان هذا العمل الروائي التلفزيوني بمثابة مكالمة إيقاظ عنيفة جداً للمجتمع الأميركي، جعلته يراجع كثيراً من تشريعاته وسياساته العنصرية بعد أن أزيل اللثام عن الوجه القبيح للعنصرية في الولايات المتحدة.

المجتمعات لها أن تختار المنهجية الأخلاقية التي ستسير عليها، وتبني مستقبلها على مبادئها. خيارها إما أن تغوص في هوية أحادية شكاكة انعزالية مليئة بالقلق والتوتر، أو هوية آمنة مطمئنة مقبلة على الجميع بحسن ظن كبير. العالم بحاجة ماسة للخروج الفكري من الخطاب الانعزالي، خصوصاً في ظل تأجج العزلة نتاج تفشي جائحة «كوفيد-19» المدمر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخروج من العزلة الأخطر الخروج من العزلة الأخطر



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib