تسريبات إبستين والأيدي الخفية

تسريبات إبستين والأيدي الخفية

المغرب اليوم -

تسريبات إبستين والأيدي الخفية

حسين شبكشي
بقلم - حسين شبكشي

مع التسريبات الأخيرة للأسماء الشهيرة المرتبطة بفضيحة المجرم الأميركي، الذي قيل إنه انتحر في زنزانة سجنه، جيفري إبستين عاد مجدداً الحديث عن علاقته الخطيرة بجهاز الاستخبارات الإسرائيلية المعروف باسم «الموساد» وكيف أنهم وظّفوه لخدمتهم بابتزاز شخصيات مؤثرة بعد تلبية مطالبهم المالية والجنسية وتصويرهم في جزيرته أو على متن أسطول طائراته الخاصة ومن بعد ذلك يجري ابتزازهم.

هناك كثير من المقالات والكتب الجادة التي صدرت وأوضحت بالتفاصيل الدقيقة العلاقة المريبة بين جيفري إبستين وجهاز الموساد الإسرائيلي، لعل من أهمها كتاب «إبستين: الموتى لا يكذبون»، من تأليف ديلان هوارد، الذي يتحدث فيه الجاسوس الإسرائيلي الإيراني الأصل آري بن ماراشيه، عن «الخدمات التي قدمها إبستين لإسرائيل من طريق حصوله على معلومات قيمة جداً تخدم أمن إسرائيل بعد أن نجح إبستين في ابتزاز ساسة كبار»، وبن ماراشيه شخصية جادة في أوساط الاستخبارات الإسرائيلية، إذ إنه كان همزة الاتصال مع الناشر البريطاني روبرت ماكسويل آنذاك، مالك صحيفة «الديلي ميرور» المعروفة، والذي عرف عنه تعاونه الوثيق مع «الموساد» وبقيت وفاته من فوق يخته الفاخر في عرض البحر المتوسط لغزاً غامضاً حتى اليوم. واللافت أن روبرت ماكسويل هو والد جيزلين ماكسويل، شريكة جيفري إبستين، وهي التي تقضي عقوبة السجن لعشرين عاماً في أحد سجون نيويورك عن جرائم الاتجار بالبشر بسبب علاقتها مع إبستين.

وليس كتاب ديلان هاوارد الوحيد الذي تطرق إلى علاقة إبستين بـ«الموساد»، فهناك كتاب آخر لا يقل أهمية وهو: «لَيّ العدالة: قصة جيفري إبستين» الذي تقدم فيه المؤلفة جولي براون، شرحاً مفصلاً للأحداث المريبة التي تورط فيها إبستين وكان من نتائجها خدمات ومعلومات قيّمة لإسرائيل.

ويبدو طبيعياً أن يُطرح السؤال التالي: لماذا تحتاج إسرائيل إلى التجسس على أكبر وأهم داعميها وحلفائها، الولايات المتحدة، وهي التي تتمتع بأقوى قوة ضغط في تاريخ الحياة السياسية الأميركية؟ وقوة الضغط هذه وصفها بدقة متناهية الكاتبان الأميركيان ستيفن والت وجون ميرشهايمر في كتابهما المهم جداً «قوة ضغط إسرائيل والسياسة الخارجية الأميركية» الذي وصفا فيه قوة ضغط إسرائيل بأنها أكبر خطر على استقلالية القرار السياسي لأميركا.

وقوة ضغط إسرائيل لم تكن أبداً مصدر القلق الوحيد، رغم وجود كثير من علامات التحذير الاستباقي على ألسنة كثيرين من الساسة والإعلاميين في أميركا، ولعل من أشهر ما كُتب عن تلك المسألة كتاب رجل الكونغرس الأميركي عن ولاية إلينوي، بول فيندلي، في كتابه «الذين يجرؤون على الكلام»، ويفضح فيه ما حصل لكل سياسي أو إعلامي أو أكاديمي تجرأ على نقد إسرائيل.

مع عدم إغفال أحداث مهمة جداً أضرت بها إسرائيلُ الولاياتِ المتحدة، أولها الاعتداء الإسرائيلي العسكري على البارجة البحرية الأميركية «ليبرتي» في البحر المتوسط، في خضمّ حرب 1967، بالصواريخ والنابالم، مما أدى إلى مقتل 34 بحاراً عسكرياً أميركياً.

وكذلك قضية تجسس الباحث الأميركي جوناثان بولارد الذي يعمل في منظومة استخباراتية أميركية في البحرية لصالح «الموساد» الإسرائيلي، وهو الآن يقضي بقية عمره في إسرائيل التي انتقل إليها ومنحته جنسيتها بعد خروجه من السجن في أميركا.

فضيحة لافون، (اشتهرت بالعبرية بقضية العار) وهي عملية سرية إسرائيلية فاشلة كانت تُعرف بـ«عملية سوزانا» كان من المفترض أن تُنفَّذ في مصر، عن طريق تفجير أهداف مصرية وأميركية وبريطانية في مصر، في صيف عام 1954، ولكنَّ هذه العملية اكتشفتها السلطات المصرية وسُميت باسم «فضيحة لافون» نسبةً إلى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك بنحاس لافون الذي اتُّهم بإعطاء الأوامر لتنفيذها، وتسببت في مقتل كثير من الأبرياء بمن فيهم عدد كبير من اليهود في مصر لتخويفهم، وبالتالي إجبارهم على الهجرة والسفر إلى إسرائيل. عندما وُجّه سؤال إلى بنحاس لافون عن موت اليهود في مصر، أجاب إجابة واضحة المعنى: «كل شيء ممكن قبوله في سبيل تحقيق سلامة إسرائيل وأهدافنا».

تسريبات جيفري إبستين هي صفحة جديدة من التاريخ القذر لجهاز «الموساد» الإسرائيلي بما في ذلك أهم حلفائه وداعميه، وهي نفس المبادئ والأهداف التي تستخدمها إسرائيل في حربها الإبادية بحق الفلسطينيين في غزة، والتي أثبتت للعالم أنها دولة مجرمة ومارقة وخارجة عن القوانين الدولية تماماً.

عندما فجّرت عصابة «شتيرن» بقيادة مناحيم بيغن وإسحاق شامير مبنى القيادة البريطانية في فندق الملك داود في القدس، وبريطانيا هي نفس الدولة التي أهدت إسرائيل حقها في الوجود، كانت تلك رسالة للعالم لم يدركها جيداً؛ أن إسرائيل لا صديق لها ولا مبدأ لها، والثمن لا يزال يُدفَع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسريبات إبستين والأيدي الخفية تسريبات إبستين والأيدي الخفية



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib