«بهارات» الهندية والدول الأكثر قوة
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

«بهارات» الهندية... والدول الأكثر قوة

المغرب اليوم -

«بهارات» الهندية والدول الأكثر قوة

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

ماذا يعني أن تسعى نخب هندية لتغيير اسم الهند إلى بهارات؟ وما الذي يعنيه تصنيف السعودية والإمارات بين الدول العشر الأقوى في العالم، حسب تصنيف «يو إس نيوز آند وورلد ريبورت» لعام 2023، في حين تحتل إيران المرتبة 21 على قائمة تشمل 25 دولة؟

تسمية الأشياء وتصنيفها ليست أمراً بسيطاً. فهي، حسب الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو، لا تُحدد مجرد تصوراتنا فقط علن الصواب والحقيقة والخطأ، ولكن تُشكل نسيج المجتمعات نفسها وعلاقات القوة بينها وبين مكوناتها.

في عمله المهم، «الكلمات والأشياء»، يعرض فوكو إطاراً قيماً لفهم ديناميات القوة والمعرفة، ويحفر عميقاً فيما يسميها «هياكل المعرفة التأسيسية» على مر التاريخ، مشيراً إلى أن هذه الهياكل، التي تُحدد ما يمكن تصنيفه بالحقيقي، أو الشرعي أو الواقعي في سياق تاريخي معين، مسألة خاضعة للتغيير والتطور، ما يؤدي بدوره إلى تغيير جذري في فهم المعرفة والحقيقة والهوية والوجود.

يعتمد فوكو مفهوماً أساسياً في أطروحته هو «حفريات المعرفة»، ويحاول من خلاله تحليل تاريخ المعرفة وتحولاتها ليظهر أن ما نعدها في كثير من الأحيان معرفة موضوعية أو بدهية، هي في الواقع منتج تَشكَّل من خلال صيرورة تاريخية وثقافية عميقة.

وعليه، فإن النقاش الحالي حول تغيير اسم الهند إلى «بهارات» يتجاوز حدود اللغة والتسميات. الأسماء، هنا، كنايات معقدة عن سياقات تاريخية وثقافية وسياسية. اسم «بهارات» هو مفهوم متجذر في الميثولوجيا الهندوسية ويعكس الهوية الثقافية والتاريخية للأغلبية الهندوسية التي تتصدر اليوم عبر حزب الرئيس ناريندرا مودي قيادة الدولة (والمجتمع) والهوية السياسية والثقافية للهند.

لذلك سيعد تغيير الاسم تحولاً كبيراً في الإطار المعرفي الهيكلي للهند، لأنه سيُغير التصورات المحلية للهوية بمقدار ما سيغير فهم العالم الأوسع للبلد وعلاقاته الدولية والأسس التي تبنى عليها هذه العلاقات.

يتصل تغيير اسم الهند أيضاً، اتصالاً مباشراً بعلاقات القوة بين مكونات المجتمع الهندي التعددي. فهذا تغيير ينطوي على شكل من أشكال تأسيس السلطة والسيطرة على معنى وتفسير كيان ما –الأمة في هذه الحالة. تغيير التسمية لا يتصل فقط بمراجعة التاريخ الاستعماري للهند ورفض المسمى الإنجليزي للبلاد، بل هو يحدد عملياً من يحق له تعريف معنى وجوهر الأمة الهندية في الداخل أيضاً. ستنشأ بالتالي، عن لعبة تغيير التسمية، أسئلة مهمة، حول علاقات القوة بين المستفيدين من تغيير الاسم، وبين مَن يهمّشهم هذا التغيير أو يصادر حقهم في المساهمة في تشكيل السردية الوطنية لبلادهم.

أما أنظمة التصنيف، فهي تماماً كنظام الأسماء، تنطوي على منظومة معرفية وإدراكية وبنية علاقات قوة معقدة. فتصنيف الدول لا يعكس فقط هياكل السلطة القائمة وتوازناتها فحسب، بل إن التصنيف نفسه والمعايير التي يعتمدها يشكلان بحد ذاتهما سلطة مقررة لتعريف معاني القوة وعلاقاتها. التصنيفات تعبّر عن الإطار المعرفي العام الذي من خلاله تتشكل التصورات عمّا هي القوة وما هو النجاح. وتعكس هذه التصورات منظومة القيم التي تؤثر في صناعة السياسة والرأي العام.

حلول السعودية والإمارات بين الدول الأكثر قوة في العالم اعتمد على معيار التقدم الاقتصادي وحسن القيادة ومستوى العلاقات الدولية للدولتين مع بقية العالم، حسب مَن استُفتوا في الاستبيان. في حين اختيرت إيران وفق معيار القوة العسكرية بشكل رئيسي، بصرف النظر عن أن سطوة إيران في هذا المجال متأتية عن منظومة الميليشيات التي تقودها لا عن قوتها العسكرية النظامية.

تكشف هذه التصنيفات عن أساس معرفي سائد في ذهن الأغلبية البشرية، وخطاب ليبرالي غربي مهيمن، يعد القوة الاقتصادية المعيار الأكثر شرعية وحداثة لقياس القوة في مقابل معيار القوة العسكرية أو أشكال النفوذ التقليدية الأخرى.

وبالتالي فإن هذه التصنيفات والأسس التي بنى عليها المستفتون آراءهم وتصوراتهم، تعبّر عن كيفية فهمهم للعالم والتفاعل معه نفسه. ومن جهة أخرى يفصح هذا التصنيف عمّا هي الدول التي تمتع بصلات وثيقة بالعالم الحديث وهياكله وما هي الدول الواقعة خارج المسار المستقبلي الراهن للدول والمجتمعات.

الأمر إذاً لا يتعلق فقط بكيف ترى هذه الدول نفسها، ولكن أيضاً كيف يُنظر إليها من الخارج والداخل، وهو ما يحدد الكثير من طبيعة سلوكها وتفاعل الآخرين معها. من هنا لا تعود التسميات والتصنيفات مسائل بسيطة، لأن ما ينبثق عنها من تصورات، تلعب دوراً حاسماً في تشكيل العلاقات الدولية في السياسة والاقتصاد والثقافة.

والحال، فإن اللغة، أو الممارسة الخطابية على نحو أشمل، ليست مجرد وسيلة لوصف العالم، بل هي أداة لتشكيل الحقائق الاجتماعية والسياسية والتحكم فيها، أكانت على مستوى أدوار الدول أو مكونات الهوية. إنها ساحة معركة مفتوحة لتعريف الواقع والسيطرة عليه وتشكيل السرديات والهياكل التي تحدد المستقبل الفردي والجماعي للدول.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بهارات» الهندية والدول الأكثر قوة «بهارات» الهندية والدول الأكثر قوة



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib