قوارير الفاو

قوارير الفاو

المغرب اليوم -

قوارير الفاو

زاهي حواس
بقلم : زاهي حواس

تحدثنا في مقالات سابقة عن أهمية وثراء موقع الفاو الأثري بالمملكة العربية السعودية، الذي يقع على بعد 700 كم جنوب غربي مدينة الرياض، وما كشفت عنه أعمال المسح والتنقيب عن أدلة تكشف عن وجود نشاط إنساني مستقر ومزدهر في المكان الذي يحظى بأهمية تاريخية كبيرة، حيث إن قرية الفاو كانت هي عاصمة مملكة كندة الأولى، التي كان لها دور كبير في الجزيرة العربية من منتصف القرن الأول قبل الميلاد وحتى مطلع القرن الرابع الميلادي، وكانت مركزاً تجارياً مهماً وملتقى قوافل تحمل المعادن والحبوب والنسيج.

وتكمن أهمية قرية الفاو من كونها نقطة عبور للقوافل إلى محطة تجارية مهمة على الطريق التجاري الممتد من جنوب الجزيرة العربية والمتجه شمال شرقي إلى الخليج العربي وبلاد الرافدين وشمال غربي الحجاز وبلاد الشام إلى أن أصبحت مركزاً اقتصادياً وسياسياً وثقافياً في وسط الجزيرة العربية، وعاصمة لمملكة كندة لأكثر من خمسة قرون.

ولقد أظهر عدد من قوارير وزجاجات العطور المكتشفة في موقع قرية الفاو الأثرية مدى ما كانت تتمتع به حضارات وسط الجزيرة العربية وفي مقدمتها حضارة الفاو من ثراء ورقي حضاري واقتصادي. وتؤكد الدراسات الأثرية أن الجزيرة العربية لم تكن غائبة على مدى العصور عن التطور الحضاري والتأثير الاقتصادي من خلال ما شهدته من حضارات أسهمت في ازدهار القوافل والحركة التجارية التي تربط الشرق بالغرب.

تؤرخ قوارير العطور المكتشفة بالفاو بنهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني بعد الميلاد، وتتميز بدقة صناعتها وجمال أشكالها والمستوى المتقدم من الصناعة اليدوية على أيدي حرفيين متميزين، وصلت مهاراتهم إلى حد ابتكار وصناعة قوارير عطور من زجاج على شكل تمرة جافة وآخر بأشكال رشيقة كروية وأعناق طويلة دقيقة تناسب كونها قوارير لحفظ العطور التي كانت تعتبر من المواد الثمينة التي لا تمتلكها سوى الطبقة الغنية من المجتمع. وإلى جانب قوارير العطور تم الكشف عن عدد من أواني حفظ المراهم العطرية وأدوات التجميل.

انتشرت قوارير عطور الفاو انتشاراً واسعاً في كل أنحاء الشرق الأوسط القديم، وعثر على نماذج منها في بلاد ما بين النهرين وفي منطقة الخليج العربي، البحرين على سبيل المثال.

ومع استمرار أعمال المسح والتنقيب واتساع نطاق الدراسات الأثرية بالفاو فإن الكثير من المعلومات ستكشف لنا عن حقيقة ما كانت تتمتع به حضارات شبه الجزيرة العربية من ازدهار بين حضارات الشرق القديم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوارير الفاو قوارير الفاو



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بوخارست - المغرب اليوم

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 10:40 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مُهاجم تشيلسي السابق على رادار مانشستر يونايتد

GMT 10:07 2024 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

الأرجنتين تفتتح كوبا أميركا بمواجهة كندا

GMT 10:00 2024 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

إيطاليا تصطدم بإسبانيا في نهائي مبكر

GMT 08:19 2024 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

أرقام قياسية تُحطّم في خامس أيام يورو 2024

GMT 09:31 2024 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

ليونيل ميسي يكشف أكثر خصم أزعجه في مسيرته

GMT 10:11 2024 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

هاري كين يتعاون مع "ستاربكس" لعلاج المشاكل النفسية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib