جهود هوكستين إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

المغرب اليوم -

جهود هوكستين إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»

سام منسى
بقلم - سام منسى

يبدو أن زيارات المبعوث الأميركي آموس هوكستين للبنان تحاكي زيارات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ورئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز، لإنجاح مفاوضات وقف النار في غزة، وكلها فشلت. المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، أو الأصح بين «حزب الله» وإسرائيل، تدور على ضرورة مراجعة الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في القرار «1701»، وقد يتطلب إنفاذها إنشاء «مجموعة عمل» خارج إطار مجلس الأمن، وهذا من النقاط الخلافية، إضافة لبنود أخرى تنتهك السيادة اللبنانية بحسب ما يتسرب من المعنيين بالمفاوضات.

وصّف القرار «1701» الأسباب الرئيسة لاندلاع حرب 2006: حيازة «حزب الله» لأسلحة خارج الشرعية، ونشر مقاتليه في جنوب لبنان على طول الحدود مع إسرائيل. ولمنع حرب ثالثة، دعا القرار بيروت إلى بسط سيادتها عبر نشر الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية (بدعم من قوات «اليونيفيل»)، وإنشاء منطقة جنوب نهر الليطاني خالية من أي قوات مسلحة غير شرعية. وطُلب من الحكومة نزع سلاح جميع الميليشيات إنفاذاً لاتفاق الطائف وقرارَي مجلس الأمن «1559» و«1680»، وكُلّف الأمين العام للأمم المتحدة بوضع مقترحات لتنفيذ هذه القرارات.

عماد المفاوضات الجارية بين الأميركيين ولبنان الرسمي و«حزب الله» وإسرائيل هو التوصل إلى وقف الحرب عبر تطبيق القرار «1701»، ومن هنا تظهر إشكاليات عدة.

الإشكالية الأولى تكمن في أن تطبيق القرار «1701» بكل مندرجاته يخضع لتفاسير متباينة تكاد تنسفه برمته، بخاصة مسألة سلاح «حزب الله». فالقرار واضح لجهة نزع سلاح جميع الميليشيات، لكن الحزب يريد الاحتفاظ بسلاحه بعد انسحابه عدة وعديداً إلى شمال نهر الليطاني. ما الغاية من بقاء الحزب مسلحاً ما دامت ستصبح الحدود بعهدة الجيش اللبناني والقوات الدولية، وستنهي التسوية الأعمال العسكرية كافة على الحدود مع إسرائيل بما يكاد يشبه اتفاقية الهدنة لسنة 1949، وقد تمهد لاستكمال ترسيم الحدود البرية لاحقاً؟

استمرار الحزب مسلحاً شمال نهر الليطاني بعد وقف نهائي للأعمال العسكرية، للذين يرفضون كلمة الهدنة، يعني أنه إما أن يتهيأ لحرب رابعة مع إسرائيل؛ أي التسلل إلى الجنوب لمتابعة المقاومة المسلحة في عودة تدريجية لسيناريو ما بعد حرب 2006، أو أنَّه يريد استعمال السلاح كأداة للاستقواء في الداخل ومواصلة الهيمنة على القرار السياسي والأمني وعلاقات لبنان الخارجية. المحصلة هي العودة إلى المربع الأول مضافاً إليها الخسائر المهولة من بشر وحجر. ولا بد من الانتباه إلى أن الحزب وجمهوره بات جراء النزوح الهائل من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية موزعاً على مختلف المناطق اللبنانية بعد أن كان محصوراً إلى حدٍّ ما في مربعات أمنية، ويشكل ذلك رافعة أخرى لإحكام سيطرته على البلاد، بخاصة إذا بقي مسلحاً.

الإشكالية الثانية أن المفاوض اللبناني؛ أي رئيس مجلس النواب نبيه برّي، لم يفصح مرة واحدة عن موقفه بشأن سلاح الحزب، بل يبدو أن جل ما يسعى إليه هو إرجاع الساعة إلى ما قبل 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ولكن لا استشراف لأي متغيرات جدية في مسار استعادة الدولة.

الإشكالية الثالثة الناتجة عن الثانية، هي أن الصلاحية مناطة برئيس الجمهورية أو بحكومة أصيلة مجتمعة في حال الشغور الرئاسي. في واقع الأمر، وبرّي يفاوض وحيداً ودون إشراك سائر الأطراف اللبنانية باسم «حزب الله» كشريك له في الثنائية الشيعية، يعمل للحفاظ على حساباته السياسية قبل المصلحة العامة، وإلا فلماذا لا تُعقد الاجتماعات مع هوكستين بحضور رئيس الحكومة وقائد الجيش بغياب رئيس للجمهورية جراء الفراغ الدستوري الذي سببه برّي و«حزب الله»؟ الغرابة أن واشنطن وإسرائيل لا تمانعان من التفاوض حول الشأن اللبناني مع فريق دون سائر الأطراف، وتعرفان تمام المعرفة أن برّي لا يمثل الدولة اللبنانية، وأنه حتى لو وافق مجلس الوزراء المستقيل على أي اتفاق سيبقى منقوصاً وفاقداً للشرعية الدستورية والشعبية. من هنا الخشية من صفقة تكون على حساب لبنان واللبنانيين، تقضي بتنازلات من هنا وهناك، وتؤمّن الأمن للحدود الشمالية لإسرائيل مع ضمانات دولية، وتترك لبنان شمال الليطاني يتدبر شؤونه مع ما تبقى من الحزب وسلاحه والأزمات الناتجة عن حروبه العبثية.

المفاوضات بالشكل الذي تجري به تؤكد ما حاول «حزب الله» جاهداً سفسطائياً نفيه، وهو أنه المسؤول الأول والأخير عن زجّ البلاد في حرب ستترك ندوباً في الجسم اللبناني، ومهارات برّي في «استخراج الأرانب» لن تعفيه من المسؤولية أمام التاريخ.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جهود هوكستين إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله» جهود هوكستين إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib