أي آفاق للاتفاق النووي

أي آفاق للاتفاق النووي؟

المغرب اليوم -

أي آفاق للاتفاق النووي

ناصيف حتّي
بقلم: الدكتور ناصيف حتّي

«الجمود المتوتر» هو أفضل ما يمكن أن توصف به حالة التعثر التي أدت إليها محاولة إعادة إحياء الاتفاق النووي (المعروف باتفاق 5 زائد 1، اتفاق يوليو (تموز) 2015). لم تنجح محاولات إعادة بناء الجسور، بعد انسحاب الإدارة الأميركية من الاتفاق في عهد الرئيس ترمب (مايو (أيار) 2018) الذي اتهم إيران بعدم احترام تعهداتها حسب الاتفاق.
الوساطة الأوروبية من طرف الاتحاد الأوروبي وكذلك الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) الأعضاء في الاتفاق، إلى جانب الدور الناشط للوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذا الصدد، وصلت إلى حائط مسدود. مرد ذلك تبادل الاتهامات بين الأطراف الغربية من جهة وإيران من جهة أخرى، بشأن عدم احترام الشروط المسبقة: الأطراف الغربية تتهم إيران بعدم احترام سقف تخصيب اليورانيوم المسموح به في الاتفاق.
كما أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تكرر مطالبتها إيران بتفسيرات لوجود آثار ليورانيوم في مواقع لم يعلن عنها، بينما إيران تصر على رفض ما اعتبرته شروطاً جديدة أضافتها الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى الاتفاق، من خلال الإصرار على إبقاء «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب. ولم تُجدِ محاولة إيجاد تسوية لهذه النقطة الأخيرة، من خلال رفع «الحرس الثوري» عن لائحة الإرهاب، مقابل الإبقاء على «فيلق القدس» على تلك اللائحة.
ويتفق مجمل المتابعين المعنيين بهذا الملف على أن إيران تخطت بشكل كبير السقف المسموح به بشان تخصيب اليورانيوم، وأنها تقترب -ولو كانت هنالك اختلافات في تقدير الفترة الزمنية بين أسابيع وأشهر، أو سنوات جد قليلة- من بلوغ ما تعرف بـ«العتبة النووية»، أي امتلاك القدرة على إنتاج الرؤوس النووية من دون القيام بذلك بالضرورة. أدى ذلك إلى التصعيد بشكل خاص من طرف إسرائيل، عبر إعلان رئيس وزراء إسرائيل عن تبني «استراتيجية الأخطبوط» ضد النظام الإيراني، الهادفة ليس للاكتفاء بضرب «أذرعه» حسب هذه الاستراتيجية؛ بل بضرب «رأس الأخطبوط»، الأمر الذي تقوم به إسرائيل من خلال عمليات أمنية متزايدة ومحددة الأهداف في إيران.
وللتذكير، تندرج هذه السياسة الإسرائيلية فيما عرف تاريخياً بعقيدة بن غوريون، القائمة على امتلاك إسرائيل وحدها للقدرة النووية العسكرية في المنطقة. وتعتبر إسرائيل أن سباق تسلح نووي في المنطقة لن يكون لمصلحتها، بسبب عنصر الجغرافيا، وأيضاً عنصر الإمكانات المختلفة التي توظف في هذا المجال. ولذلك يبقى هدف إقامة شرق أوسط خالٍ من كافة أسلحة الدمار الشامل أمراً أكثر من ضروري في المنطقة.
الجمود الذي أصاب المفاوضات النووية زاد من حدة التوتر والتصعيد السياسي في المنطقة، وكذلك ساهم في تصعيد حدة المواجهة بالوكالة سياسياً، وعلى الأرض في المسرح الاستراتيجي الشرق أوسطي.
الجميع يريد إنقاذ الاتفاق النووي؛ لأن البديل هو الدخول في المجهول. والخلاف يقوم حول التعديلات والضمانات المطلوبة من داخله ومن خارجه. الخلاف أيضاً يشمل كيفية إحداث الربط المطلوب بين إعادة تفعيل الاتفاق من جهة، وإقامة تفاهمات إقليمية دولية في المنطقة من جهة ثانية حول القضايا الساخنة، والتي تتغذى وتغذي انسداد الأفق أمام إحياء الاتفاق النووي، عبر تحصينه بتفاهمات تصبح جزءاً منه وأخرى حاضنة له. تفاهمات تتعلق بشكل خاص بالأمن الإقليمي والأمن الوطني لدول المنطقة، وبالاتفاق على منظومة قواعد تنظم وتحكم وترعى العلاقات بين الدول، وتقوم على احترام سيادة هذه الدول، وعدم التدخل تحت أي مسميات أو عناوين بشؤونها الداخلية. إنه سباق بين التوصل إلى تفاهمات كبرى مترابطة في مواضيعها، في المنطقة، وبين انتشار الحرائق وتمددها، أياً كانت العناوين التي تجري تحتها وباسمها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أي آفاق للاتفاق النووي أي آفاق للاتفاق النووي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 11:03 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

أفضل الوجهات الشاطئية الرخيصة حول العالم
المغرب اليوم - أفضل الوجهات الشاطئية الرخيصة حول العالم

GMT 11:09 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

اشتباكات بعد مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في نيويورك
المغرب اليوم - اشتباكات بعد مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في نيويورك

GMT 17:42 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

المغرب يخصص 9 ملاعب لاستضافة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 20:58 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تتويج مغربي وفرنسية في النسخة الثالثة من ماراثون الصحراء

GMT 07:12 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تطبيق بسيط وعملي يحلّ مشكلتك مع المواعيد

GMT 07:51 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الأمريكي يبدأ زيارة إلى فرنسا

GMT 04:32 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

بقايا الطعام تعرقل أهداف النظام الغذائي

GMT 05:29 2014 الإثنين ,03 شباط / فبراير

نبات السنا دواء شامل للجسد

GMT 20:43 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

شهر جيد ومفرح يعيد البهجة والإبتسامة إلى حياتك

GMT 04:46 2016 الجمعة ,03 حزيران / يونيو

فئة النيسمو إصدار جديد للسيارة نيسان جي تي آر 2017

GMT 15:09 2017 الجمعة ,29 أيلول / سبتمبر

مروان بناني يتعرض لحادث سير خطير في البيضاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib