بلدوزر يجتاح الأدب
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

بلدوزر يجتاح الأدب!

المغرب اليوم -

بلدوزر يجتاح الأدب

سوسن الأبطح
بقلم - سوسن الأبطح

كيف يمكن لشابة صغيرة لم تتجاوز الخامسة والعشرين، وباسم مستعار، تعيش في عاصمة وديعة وهادئة مثل الجزائر، أن تكتب روايات من مئات الصفحات تنضح بالمجرمين والعصابات التي تمارس مختلف أنواع الانتهاكات والشرور، تسافر بأبطالها بين لندن وأميركا وأستراليا، تجوب القارات، وتقنع ملايين القراء، ثم تزحزح الأمير هاري عن عرشه في المكتبات، بزمن قياسي، وتتجاوز مبيعاتها كتابه «البديل»؟
ظاهرة سارة ريفنس، الروائية الجزائرية الشابة التي زلزلت المقاييس وقلبت المعايير، في غفلة من الناشرين والقراء معاً، تستحق التوقف مليئاً. بدأت الصبية النشر كهاوية على موقع «واتباد» الكندي تحت اسم «الفتاة الغامضة». هناك حصد الجزء الأول من روايتها «الرهينة» 8 ملايين قراءة، والجزء الثاني أزيد منهم بمليون على الأقل. كل ذلك كان يحدث في فترة الوباء والحجر وبعدهما. التقطت دار «حلاب» الفرنسية التابعة لـ«هاشيت» الفرصة، وطبعت الكتاب ورقياً. المفاجأة كانت حين اصطفت الطوابير الطوال أمام مكتبة «فناك» في باريس للفوز بتوقيع الكاتبة التي تبيع ملايين النسخ، وأصبحت الكاتبة، الأكثر مبيعاً على الإطلاق بعد أن نفدت عدة طبعات كتابها، متجاوزة بذلك الأمير «هاري» وكل أجهزته الدعائية، وحملاته الإعلانية وفضائحه واعترافاته التي كلفته ما يصعب حصره. فقد ترجمت سارة إلى 9 لغات بحسب ما نشر، رغم عمرها الأدبي الذي لا يتجاوز عدة سنوات، وملأت أخبارها وسائل التواصل.
هذا يتغنى بجملها، وذاك يمثّل مقاطع من قصتها، وآخر يحكي عما أعجبه عندها، وتلك تتحدث عن سحر الشخصيات. حتى صارت سارة كنجوم المطربين الذين تغنى مقاطع من أعمالهم. إنه «فيروس الحب» الذي ينتقل في وسائل التواصل بأسرع من الأوبئة ويحدث ما هو أدهى.
تصنف كتابات سارة ريفنس بـ«الرومانسية السوداء» رغم أنه لا رومانسية فيها ولا قصة حب متماسكة من أي لون.
الحكايا بالمجمل هي عن «إيلا» الشابة التي تتحول إلى رهينة بل قل عبدة، بعد أن تنضم إلى مافيا أو عصابة، طوعاً لأسباب قد تكون المال أو مصلحة أخرى. فثمة ضبابية كبيرة في العديد من جوانب القصة، لكن المهم أن القارئ يتابع محاولاً الفهم. تقع إيلا تحت سطوة (أشر)، الذي ستتراوح علاقتها معه بين حب وبغض، عشق ونفور، فمن الحب ما قتل! وتدور الأحداث في إطار إجرامي وتتحرك الشخصيات بلا منطق عاطفي مفهوم أو اعتبار إنساني واضح. كأنما نحن أمام حسابات لا تمت لطبيعتنا البشرية بصلة، فلا العنف الجسدي وردود الفعل عليه مقنعة، ولا مشاعر (إيلا) واعتباراتها تشبه ما ننتظره منها.
تبني الكاتبة على إثارة المشاعر، وتحفيز التشويق وتطويق القارئ بالمتناقضات. الفحولة عند رأس العصابة (أشر) صاحب الوشوم، مقابل البراءة عند (إيلا) التي تفهم وحشيته وتود أن ترعاه لأنه في النهاية ضحية ماضيه الأسود. الاغتصاب المتكرر والعنف المقزز، مقابل الدموع والآهات والحب والقسمات الندّية. هو أسلوب سارة الذي لا يعتمد على قوة الأسلوب الأدبي بقدر ما يستند إلى الأكشن، والمفاجآت المستمرة، لنرى جميلتنا (إيلا) تنتقل من يد إلى أخرى، وتخضع لنفس الإجرام والانتهاك، دون أن نرى ردود فعل مناسبة لما تتعرض له، وكأنما هي تمتص كل هذا كإسفنجة.
الخطورة ليست في أن الكاتبة قررت أن تترك لمخيلتها العنان، وأن تذهب قصتها حيث تشاء، وهذا قد يكون مشروعاً، وإنما في الطريقة التي تتعامل بها الشخصيات مع الفظائع والبشاعات، وعشق القراء لها.
علاقات مسمومة، شخصيات مريضة، ارتباطات غريبة، وحب يصارع كل أنواع الموبقات، والعقد النفسية؛ للوصول إلى بر الأمان.
ربما هذه الفوضى الوحشية، والسلوكيات الآلية للمخلوقات كأنها تجردت من خلفياتها الإنسانية، هي التي تجذب الشباب وتجعلهم ينتقلون مع الكاتبة إلى مكان آخر، يهربون فيه من حساباتهم المرهقة.
لم تجد سارة الحماس نفسه في بلدها الجزائر، بل ثمة أصوات ترى فيها انقطاعاً عن المسار الأدبي المعهود، وبالطبع حتى في فرنسا، لا نجد احتفاء على الصفحات الأدبية المرموقة. هناك من يتساءل عن خطورة الاستسلام لهكذا كتابات، فيها تسامح مع المغتصبين والمجرمين، وحب للعلاقات الشاذة عاطفياً.
على يناعة سنها، تمكنت سارة من جمع عناصر التشويق، رغم أسلوبها الضعيف وكثرة التكرار والاستطراد. فشخصياتها المعذبة، المقهورة، التي تحاول النهوض من انكساراتها والخلاص بنفسها، هي أكثر جذباً بالطبع من الأبطال المتوازنين، الذين يتعرضون للظلم المجاني.
لسنا في معرض مقارنة هدوء شخصيات كاتب مثل هاروكي موراكامي الأدبية بجنون عالم سارة وعصاباتها الإجرامية التي تبدو وكأنها تهيم على وجهها، لكننا ننتقل من النقيض إلى النقيض برمشة عين، ونحن نعرف أن هذا «الرومانس الروائي» المغرق في الجريمة هو عشق الشباب.
يوم فاز نجيب محفوظ بنوبل، وفرحنا به كأول عربي ينالها، ويرفع الأدب العربي إلى مصاف العالمية، وترجمت رواياته إلى الفرنسية. كنت أمرّ يومياً أمام مكتبة «جوزف جيبير» في سان ميشال، قريباً من الحي اللاتيني وأحزن؛ لأنني لا أرى أحداً (يفلفش) صفحات كتب محفوظ المصطفة على طاولات الرصيف الخارجي للمكتبة. جاءت صغيرة جزائرية، لا نعرف اسمها الحقيقي، ولا خلفياتها، سوى أنها تعمل في صالة رياضية، لتثأر لمحفوظ وتوزع رواياتها كالخبز المنفوخ الخارج للتو ساخناً شهياً من الفرن. هل نفرح أم نحزن؟! على أي حال... عذراً يا نجيب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلدوزر يجتاح الأدب بلدوزر يجتاح الأدب



GMT 13:57 2024 الإثنين ,05 آب / أغسطس

محاصر بين جدران اليأس !

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

«مسار إجبارى».. داش وعصام قادمان!!

GMT 10:52 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الفوازير و«أستيكة» التوك توك

GMT 10:49 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

الأخلاقى والفنى أمامنا

GMT 10:47 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

ذكرى عودة طابا!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام

GMT 09:34 2023 الأربعاء ,15 آذار/ مارس

فيضانات مُدمرة تجتاح جنوب تركيا وتوقع قتلى
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib