فلسفة الهزيمة وفلسفة الجريمة
أخر الأخبار

"فلسفة الهزيمة".. و"فلسفة الجريمة"

المغرب اليوم -

فلسفة الهزيمة وفلسفة الجريمة

سناء الجاك
بقلم: سناء الجاك

خارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بإن "جماعات المقاومة المتحالفة مع إيران تضبط الضغط بذكاء على إسرائيل ومؤيديها". وأضاف أن "لدى هذه الجماعات قدرات لم تستخدمها بعد".

ولا يختلف الأمر على الضفة المقابلة للصراع، فقد برر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سماحه بإدخال شحنات من الوقود إلى قطاع غزة، بقوله: "لو لم توافق إسرائيل على هذا القرار، لكانت قد فقدت جزءاً كبيراً من الشرعية الدولية لمواصلة العملية في غزة، بل وكان سيشتبه بها بارتكاب جرائم حرب".

وفي القولين فتاوى تبرر "فلسفة الهزيمة" و"فلسفة الجريمة" على حد سواء.. وكأن كل ما حصل ويحصل في غزة لم يتجاوز جرائم القتل بأشواط، أو كأن إدخال شحنات الوقود يكفي لرشوة المطالبين بوقف قتل المدنيين، ويمنح القتلة براءة ذمة للاستمرار في جرائمهم.

وبين "الضغط بذكاء" و"مواصلة العملية العسكرية" يغرق فلسطينيو غزة بدمائهم ويتهجرون من سجنهم الكبير إلى سجن أصغر، ومن دون أفق واضح لبارقة خلاص كفيلة بوقف هذا النزيف المستمر.

ويبدو أن هيمنة "المفاوضات بالدم" ستستمر ما دامت "قدرات المقاومة" لا تزال متوفرة، وما دام هناك من يكرر أن مقاتلي "حركة حماس" قادرون على الاختباء في أنفاقهم، والاكتفاء ببعض الرشقات الصاروخية من حين إلى آخر ليثبوا أن الاحتلال عابر، وما دام علم العسكريتاريا الحديث يربط انتصارات المحتل بقدرته على فرض السلام.. واسرائيل عاجزة عن ذلك، بالتالي هي خاسرة.. وتحديدا، بعد فشلها المرتقب في فرض مشروعها السياسي..

ولا يمل الممانعون من تفنيد "فلسفة الهزيمة"، تارة باللعب على فوارق الاجندة الاميركية وتلك الإسرائيلية، وطورا بحجة أن الواقع الميداني معقد، والقضاء على إسرائيل غير ممكن، لذا لا لزوم لفتح جبهات أوسع.. وعلى أي حال، فإن عبد اللهيان كان قد أشار إلى أن "حركة حماس" لم تطلب المساعدة، وأنها لا تزال تستطيع الصمود.. وكأن "غزة ليست القضية وليست الضحية".. وكأن وظيفة الجماعات المتحالفة مع إيران بمواجهة آلة القتل الإسرائيلية الممعنة في إبادة أهل غزة، تقتصر على "الضغط بذكاء" لإرباك إسرائيل وابتزاز المجتمع الدولي بورقة إضافية تضاف إلى أوراق الدول المنكوبة بهذه الجماعات.

ومقابل "فلسفة الهزيمة"، ترسي "فلسفة الجريمة" بنيانها، فتدعو وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية غيلا غملئيل، أمس الأحد، المجتمع الدولي إلى "تشجيع إعادة التوطين الطوعي للفلسطينيين خارج قطاع غزة.. ولأسباب إنسانية بدلاً من إرسال الأموال لإعادة إعمار القطاع" الغني بحره بالغاز، لمن فاته هذا التفصيل.

وليست المرة الأولى التي يقف فيها المجتمع الدولي مكتوف الأيدي حيال جرائم القتل والتدمير، واستباحة الشرائع، والقوانين، والمواثيق.. ولن تكون الأخيرة.

ليست المرة الأولى التي يكتفي فيها قياديو هذا المجتمع الدولي بالإعراب عن قلقهم الشديد حيال ما يحصل في غزة.. أو في أي مكان آخر تزهق فيه الأرواح ثمنا لصراع النفوذ والسلطة، ولن تكون الأخيرة. لن يقض مضاجعهم أن قرابة نصف ضحايا "حرب غزة" هم من الأطفال الذين لم يحظوا حتى بدفن لائق.

ومن باب رفع العتب، يسارع هؤلاء القياديون إلى إعطاء توجيهات بإرسال المساعدات إلى القطاع، وهم يدركون سلفا انها حتى لن تصل إلا إلى قوى الأمر الواقع، وليس إلى المنكوبين.. ولكنهم لا يبالون لأن "غزة ليست القضية وليست الضحية"، أيضا، بالنسبة إليهم..

وبين "فلسفة الهزيمة" و"فلسفة الجريمة"، لا إسرائيل ولا إيران ولا المجتمع الدولي يبالون بتبعات هذه الحرب على الفلسطينيين، الذين يجدون أنفسهم مرة جديدة ضحايا من يستغل معاناتهم، وليس فقط من يصر على إبادتهم.

فالمتفلسفون إلى أي طرف انتموا، لا يهمهم إلا التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى، مهما تطلبت من عمليات عسكرية وجولات قتال ومزيد من الضحايا، المهم أن يخرج كل يشارك فيها مدعيا أنه منتصر.. أما الذين قتلوا في سبيل هذه الصفقة.. فالرحمة لأرواحهم تكفي وتفيض.. لا سيما إذا شكل موتهم وسيلة من وسائل "الضغط بذكاء" على ضفتي الصراع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسفة الهزيمة وفلسفة الجريمة فلسفة الهزيمة وفلسفة الجريمة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 05:39 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

نتائج آخر 4 مباريات بين الإنتر وفيورنتينا

GMT 05:34 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

أبرز أرقام ديبالا ضد بارما

GMT 01:55 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميريام فارس تعود إلى محبيها بعد إصابة قدمها اليمنى

GMT 01:43 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أردنية تبدع في صناعة حلوى الدونات بطريقة جذابة

GMT 09:36 2020 الجمعة ,07 شباط / فبراير

إيطاليا تمنحُ نصف مليون يورو إلى مخيمات تندوف

GMT 15:30 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

كوبا... هل هي نهاية جيل سييرا مايسترا؟

GMT 16:17 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

المجموعة الثانية : البرتغال- اسبانيا - المغرب - ايران

GMT 13:02 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نهضة بركان يقيل مدربه رشيد الطاوسي بسبب سوء النتائج

GMT 02:17 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التكنولوجيا يكشفون عن موعد طرح الدمية الجنسية

GMT 07:17 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في مرتيل‎

GMT 19:19 2016 الثلاثاء ,20 أيلول / سبتمبر

نجلاء بدر تكشف عن استكمال تصوير مسلسل "ستات قادرة"

GMT 05:29 2015 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

جينفر لورانس تلفت الأنظار بثوب أبيض أنيق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib