أزمة الثقة بالمنظمات الدولية حقيقية

أزمة الثقة بالمنظمات الدولية حقيقية

المغرب اليوم -

أزمة الثقة بالمنظمات الدولية حقيقية

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

هناك أزمة ثقة حقيقية في المنظمات الدولية، خصوصاً بمنطقتنا، سواء كانت مراكز أبحاث وفكر، أو منظمات اعتبارية تمتد مكانتها وقوتها من القوانين الدولية. وهي أزمة ثقة عميقة، وتزداد على مدى الأيام والأحداث.

هنا مثال صارخ، أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كشف تحقيق صحافي قامت به «إيران إنترناشيونال» و«سيمافور» الأميركية عن اختراق إيران لبعض مراكز الفكر وصنع القرار السياسي بواشنطن من قبل مجموعة من المحللين المحسوبين على طهران.

حيث استطاع المحللون، ومهمتهم تحسين صورة طهران والتشويش على منتقديها بواشنطن، الوصول إلى مراكز مرموقة، وشكّلوا فريق «خطة خبراء إيران»، أو «شبكة الشباب»، وسط تساهل أميركي، خصوصاً من الديمقراطيين، وقت انطلاق المفاوضات النووية.

اليوم، وبعد خمسة أشهر، أظهر تحقيق جديد أجرته «إيران إنترناشيونال» و«سيمافور»، أن الحكومة الإيرانية شكّلت تحالفاً سرياً مع «مجموعة الأزمات الدولية»، أثناء فترة رئاسة باراك أوباما، واستخدمت هذا المركز البحثي البارز للضغط على الحكومة الأميركية بالملف النووي.

وحصلت «إيران إنترناشيونال» على آلاف من رسائل البريد الإلكتروني من دبلوماسيين إيرانيين أظهرت أن تعاون طهران مع مجموعة الأزمات تم من خلال مركز الدراسات السياسية والدولية التابع للخارجية الإيرانية.

وبحسب «إيران إنترناشيونال»، تظهر الوثائق إضافة إلى محادثات مع خبراء شاركوا في المفاوضات النووية أنه خلال المفاوضات بين إيران والقوى العالمية عامي 2014 و2015، روَّج محللو «مجموعة الأزمات الدولية» لمواقف إيران.

ووقَّع الطرفان مذكرة تفاهم عام 2016، ولم يتم الإعلان عنها مطلقاً، وتظهر الوثائق أن مذكرة التفاهم بين مركز أبحاث الخارجية الإيرانية و«مجموعة الأزمات الدولية» قدمت إطاراً لـ«التفاعلات العلمية والأكاديمية» بغرض «تعزيز وتقوية الصداقة، والتفاهم المتبادل».

على أثر ذلك لعبت «مجموعة الأزمات الدولية»، طوال عقد من الزمن، دوراً مهماً بالمفاوضات الخاصة ببرنامج إيران النووي، ورفع العقوبات عن إيران، وتقديم توصيات بشأن طهران إلى إدارات أوباما وترمب وبايدن والكونغرس.

ورغم كل ذلك لم تعلن «مجموعة الأزمات الدولية» قط أنها أبرمت اتفاقاً مع الخارجية الإيرانية، «ولم يذكر محللوها على الإطلاق، علاقاتهم الوثيقة مع المسؤولين الإيرانيين».

وأضف لكل ما سبق تقاعس بعض المنظمات الدولية مع ميليشيات إيران بالمنطقة، مثلاً قصة السيارات الأممية التي استخدمها «الحوثيون» باليمن، وكيفية تعامل الولايات المتحدة وبريطانيا مع الميليشيات الآن.

حيث أظهرت الأحداث الأخيرة، وبعد حرب غزة، أن القوات الأميركية والبريطانية تقوم بإشعار الميليشيات قبل القيام بالضربات الجوية، وهو ما يضعف أثر تلك الضربات، وبحال نفي ذلك يكفي التذكير بأن مواعيد الضربات محدد ومعلن سلفاً!

وبالنسبة للاختراق الإيراني للمنظمات الدولية، وتحت أنظار إدارة أوباما السابقة، أو بايدن الآن، فعلينا تذكر أن هذا التغاضي يتم حيال أخطر الملفات بمنطقتنا وهو الملف النووي الإيراني الذي يهدد كل المنطقة، وكذلك فرص الوصول للدولة الفلسطينية المنتظرة.

لذلك هناك أزمة ثقة خصوصاً بلحظات عدم اليقين الدولية، تحديداً حيال منطقتنا؛ أزمة ثقة حيال الغرب وتحديداً واشنطن، وأزمة ثقة في المنظمات الدولية ودوافعها، ومصداقيتها، والأمثلة كثيرة ومن شأنها أن تملأ كتباً، وليس صحفاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة الثقة بالمنظمات الدولية حقيقية أزمة الثقة بالمنظمات الدولية حقيقية



GMT 22:13 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الحقّ الفلسطيني وحياة القادة وموتهم!

GMT 20:38 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

وسواس العظمة يفسد الناس

GMT 20:34 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

عودة «النووي» الإيراني إلى الواجهة

GMT 20:29 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

نكسة لبنان الرقمية

GMT 20:25 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الحل الإقليمي للقضية الفلسطينية

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
المغرب اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 16:13 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
المغرب اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 13:16 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة الوزن
المغرب اليوم - التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة الوزن

GMT 18:43 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

محمد إمام يتعاقد على فيلم جديد بعنوان "صقر وكناريا"
المغرب اليوم - محمد إمام يتعاقد على فيلم جديد بعنوان

GMT 20:49 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:54 2020 الأربعاء ,10 حزيران / يونيو

لجنة أمنية تتفقد "المركز الجهوي للامتحانات" في فاس

GMT 20:25 2020 الأحد ,07 حزيران / يونيو

نصائح لاختيار أرضيات المنازل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib