العمامة وليس الحجاب

العمامة وليس الحجاب

المغرب اليوم -

العمامة وليس الحجاب

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

تضاربت الأخبار من إيران، وفي غضون 48 ساعة، بين خبر مفاده أن نظام الملالي «حل شرطة الأخلاق»، وسيشرع باتخاذ توصيات لإجراء تغييرات في قانون الحجاب، بظرف أسبوعين، وبيان للحرس الثوري بأنه «لن يرحم مثيري الشغب وقطَّاع الطرق والإرهابيين».
ما الذي يعنيه ذلك، خصوصاً أن المعارضين الإيرانيين اعترضوا بشدة على خبر «حل شرطة الأخلاق»، ومراجعة قانون الحجاب، وعدُّوه خبراً مزيفاً؟ الواضح أن نظام الملالي في حالة ارتباك وقلق.
ويبدو أنه أيضاً في حالة انقسام، حيث لم يحدد كيفية تعامله النهائية مع ما يمكن وصفها الآن بثورة حقيقية، بمعنى أنه لا استراتيجية واضحة للنظام الذي كان يعتمد العنف والقمع فقط مع كل احتجاجات هناك.
الأخبار المتضاربة هذه تقول إن النظام يحاول ضرب صفوف المعارضين بين «وعود فارغة»، وتهديد بالقمع، كبيان الحرس الثوري الذي صدر بعد حديث النائب العام عن «حل شرطة الأخلاق» ومراجعة قانون الحجاب.
وهو ما يشير أيضاً إلى تباين بين أركان النظام في طريقة التعامل مع الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد، وأمام الدعوات الأخيرة الناجحة للإضراب العام لمدة ثلاثة أيام على مستوى المتاجر وغيرها.
وعن ذلك قال الباحث كريم سجادبور، الأميركي من أصول إيرانية، في تغريدة: ‏«عندما تعلم الديكتاتوريات أنها في ورطة تبدأ بقطع وعود لمواطنيها بأنها ستتغير، لكن من شأن هذه الوعود الفارغة أن تؤدي إلى تشجيع المطالب الشعبية لإحداث تغيير جوهري، بدلاً من إخمادها. ويبدو أن النظام الإيراني يدخل هذه المرحلة من دورة حياته».
وهذا ما رأيناه تماماً مع بعض الأنظمة العربية فيما عُرف بالربيع العربي، حيث كانت القرارات تأتي متأخرة، وبعد أن تجاوزها سقف المطالب، وبالتالي فإنها لا تلبِّي المطالب بقدر ما أنها تمنح المحتجين شعوراً بضعف النظام، وارتباكه، ورفع سقف المطالب.
وما لم يستوعبه الملالي الآن أن المطالب تجاوزت خلع الحجاب إلى إسقاط العمامة، أي إسقاط النظام، ولذلك فإن الحديث عن إعادة النظر في قانون الحجاب، سواء صدق أم لا، له مدلولات مهمة لأن قانون اللباس هذا بات ركيزة آيديولوجية للملالي.
وسبق أن كتب سجادبور، في صحيفة «واشنطن بوست»، أن «نظام العنف المؤسسي هذا لا علاقة له بالتقاليد الدينية الإيرانية». حيث إن «الحجاب الإجباري هو إحدى الركائز الآيديولوجية الثلاث المتبقية للثيوقراطية الإيرانية، إلى جانب شعار (الموت لأميركا)، و(الموت لإسرائيل)».
ويقول سجادبور إن ذلك «يساعد في تفسير سبب كره النظام لاتخاذ موقف أقل حدة بشأن مسألة قواعد اللباس. ويعتقد المرشد الأعلى، علي خامنئي، أن المساومة على الركائز الآيديولوجية للنظام، بما في ذلك الحجاب، لن تؤدي إلا إلى تسريع انهياره».
وعليه فإننا أمام لحظة ارتباك للملالي في محاولة للالتفاف على مطالب الشعوب الإيرانية التي اشتمَّت ضعف وربكة النظام، وبات مطلبها الآن ليس خلع الحجاب، بل إسقاط العمامة، وهو ما يعني سقوط النظام.
ولا طريق سهلاً لذلك، وأعتقد سنشهد تصعيداً غير مسبوق الآن من النظام، مع مزيد من الارتباك، إن لم يكن الانقسام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العمامة وليس الحجاب العمامة وليس الحجاب



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

GMT 11:08 2023 الجمعة ,08 أيلول / سبتمبر

بلينكن يشيد بـ«الصمود الاستثنائي» للأوكرانيين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib