واشنطن ضغوط ناعمة على إسرائيل

واشنطن.. ضغوط ناعمة على إسرائيل !!

المغرب اليوم -

واشنطن ضغوط ناعمة على إسرائيل

فيصل مكرم
بقلم : فيصل مكرم *

الهوس التوسعي الإسرائيلي القائم على حلم إسرائيل من البحر إلى النهر يجعل منها كيانًا مثيرًا لقلق الدول المجاورة ومنطقة الشرق الأوسط، ناهيك عن الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت احتلال هذا الكيان لأكثر من ثمانين عامًا، ويقاوم كل صنوف القتل والقهر والتهجير والمعتقلات ونهب الأرض ومصادرة البيوت والمزارع والممتلكات الخاصة، ولم ير بصيص ضوء في نهاية نفق الاحتلال، ومع ذلك بقي صامدًا في وجه الصلف الإسرائيلي بكل شروره وسوداويته وسعيه لإفراغ الأرض من أصحابها ومحو تاريخ إنساني متجذر فيه اسم هذا الشعب العربي عبر كل حقب التاريخ القديم والمعاصر، ولأن حقائق التاريخ والجغرافيا لا يمكن محوها أو العبث بها لأنها مرتبطة ارتباطًا أزليًا بوجود الإنسان وصيرورته، فقد دأبت كل حكومات الاحتلال على ارتكاب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وإنكار حقه في تقرير مصيره والحياة بكرامة على أرضه وقامت بكل الأفعال الاستيطانية بمخالفة القرارات والقوانين الدولية لكي تمنع قيام دولة فلسطينية وفقًا للقرارات الأممية والحقائق التاريخية والجغرافية ذات الصلة حتى على حدود ما قبل الخامس من يونيو 1967، ذلك أن إسرائيل مسنودة بالدعم والحماية الأمريكية والغربية، والمستفيدة من حالة التفكك العربي وإثارة الصراعات والحروب في المنطقة لتحقيق تفوقها العسكري والاقتصادي والنووي وتوجيه هذا التفوق لخدمة مشروعها لجهة الهيمنة المطلقة على الشرق الأوسط وفرض شروطها في أي تطورات قد تُحتم على واشنطن والمجتمع الدولي إعادة طرح حل الدولتين لتحقيق السلام مع الفلسطينيين وضمان أمن إسرائيل كما هو الحال في خضم حرب الإبادة بكل وسائلها البشعة التي تقوم بها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

إن حكومة الحرب الإسرائيلية برئاسة نتنياهو لا تنوي اجتياح مدينة رفح المكتظة بنحو مليون ونصف المليون فلسطيني نزح معظمهم من مدن ومخيمات قطاع غزة التي ساوتها القوات الإسرائيلية بالأرض، وإنما هي تعِد العدة لذلك وبحيث يكون هجومًا دمويًا بهدف قتل أكبر عدد من أطفال ونساء ومدنيين فلسطينيين وإرغامهم على النزوح خارج أرضهم غير عابئة ولا ملتزمة بنصوص اتفاقية السلام مع مصر ولا بأمن ومصالح دول مجاورة وقّعت معها اتفاق سلام، وكل ما يهم نتنياهو وحكومة حربه هو القضاء على كل فلسطيني أو إبعاده قسرًا عن أرضه وإنهاء قضيته العادلة متجردة من كل المبادئ الإنسانية والأخلاقية ومخالفة كل قوانين وقواعد العدالة الإنسانية الدولية التي نشاهدها تسقط أمام غطرسة إسرائيل وأهواء واشنطن، وتغط في سبات عميق كلما تعلق الأمر بمحاسبة إسرائيل على جرائمها، وتستفيق حينما يوقظها ضمير الغرب كما فعلت في حرب أوكرانيا حين أقام مدعي عام محكمة الجنايات الدولية كريم خان الدنيا ولم يقعدها على روسيا، ووصل به الحال إلى توجيه استدعاء لرئيس ثاني أكبر دولة في العالم الرئيس بوتين موجهًا إليه تهمًا بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، ورغم أن كريم خان يُعتبر وفقًا للقانون الدولي هو المدافع عن الإنسانية والتصدي لجرائم الإبادة الإنسانية والعنصرية وتقديم مرتكبيها للمحاكمة الدولية إلا أنه لا يّرى فيما ترتكبه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي كامل الأراضي المحتلة جرائم تستوجب تقديم مرتكبيها إلى العدالة الجنائية الدولية، لأنه ومحكمته يفضلون السبات أو الصمت عن مخالفة واشنطن والغرب الحليف لإسرائيل، والتوافق مع سياسة ازدواجية المعايير حتى وإن سقطت معايير العدالة الإنسانية هذا السقوط المدوي والمخزي الذي يشهده العالم اليوم على إسرائيل في فلسطين.

وها هو العالم وبعد نحو 135 يومًا على حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق أطفال ونساء ومدنيين فلسطينيين في غزة، ها هو يترقب استعداد
إسرائيل لارتكاب مجازر جديدة في مدينة رفح، بعد أن دمرت كل ما له صلة بالحياة في كل قطاع غزة، وكأن هذا الكيان المنبوذ أقوى وأكبر من أن يُحاسب أو من كل وسائل ردعه، والحقيقة أن الضغوط الناعمة التي تمارسها واشنطن على حكومة نتنياهو لن تُفضي إلى نتيجة تُذكر اليوم أو غدًا لجهة منع إسرائيل من الهجوم على رفح أو القبول بصفقة سلام مع كتائب المقاومة الفلسطينية، ومع ذلك تمارس واشنطن كل الضغوط على المقاومة الفلسطينية في غزة لتقديم تنازلات مميتة والقبول بشروط تحقق لنتنياهو وحكومته انتصارًا على جثث الشهداء الفلسطينيين وأنين الجرحى ودموع الثكالى والأيتام دون وازع من ضمير إنساني، وكأن أكثر من 29 ألف شهيد وجريح وتدمير نحو 85 % من قطاع غزة ليس كافيًا لإشباع نهم إسرائيل، وليس كافيًا لأن يقول العالم يكفي من الدماء ما سُفكت ومن الأرواح ما زُهِقت ومن الدمار الممنهج ما دمرته عنجهية إسرائيل، وأن الضغوط الناعمة ودبلوماسية المهادنة التي تتبعها واشنطن والدول الغربية في التعاطي مع إسرائيل باتت مفضوحة بشهادة العالم بأسره.

فيصل مكرم صحفي وكاتب يمني*

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن ضغوط ناعمة على إسرائيل واشنطن ضغوط ناعمة على إسرائيل



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 17:27 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
المغرب اليوم - النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 06:07 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صادرات الحبوب الأوكرانية تقفز 59% في أكتوبر

GMT 06:23 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

صندوق النقد يتوقع نمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5.1% في 2025

GMT 06:50 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لتحديد أفضل وقت لحجز رحلاتكم السياحية بسعر مناسب

GMT 04:32 2020 الإثنين ,23 آذار/ مارس

ستائر غرف نوم موديل 2020

GMT 15:48 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 05:27 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تشن حملة ضد ممثلة نشرت صورها دون الحجاب

GMT 07:16 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

الهاتف "ري فلكس" يطوى ليقلب الصفحات مثل الكتاب
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib