بقلم : محمد أمين
إذا كانت إسرائيل كلها قد نشأت على أكذوبة أرض الميعاد، فهل نستغرب أنها تروج الأكاذيب بلا خجل أو حياء؟.. معظم الأكاذيب التي نعيشها ونكشفها تُصنع في غرف الموساد.. وأحدث هذه الأكاذيب كانت أكذوبة مخازن السلاح في مستشفى الشفاء، وأنه مستودع أسرار قيادة غزة وذراعها حماس.. وهى أكاذيب من صنع الآلة الإعلامية العبرية، التي ادّعت وجود أسلحة وذخائر داخل مستشفى الشفاء، وباقتحام المستشفى ثبت أنها أكذوبة اعترفت بها إسرائيل، ثم بررت ذلك الفشل بأنهم نقلوا الأسلحة والأسرى والرهائن قبل الغزو!.
إنها سقطات متتالية، وارتباك مستمر تعانى منه حكومة بنيامين نتنياهو، منذ 7 أكتوبر الماضى، حينما فشلت أجهزة استخبارات الاحتلال في رصد تحرك الفصائل الفلسطينية مبكرًا، قبل أن تبدأ عملياتها لتحرير مستوطنات غلاف غزة!.
والفبركات الصحفية والإعلامية قديمة، ولكنها تنشط في زحام الأحداث أكثر وأكثر.. وغالبًا ما تكون ضمن الحرب الإعلامية، التي تتزامن مع الآلة العسكرية لتكسب أرضًا أو تضعف معنويات الخصم.. أو تصنع بطولات وهمية.. وللأسف، درجت على هذا الأسلوب بعض الأنظمة، حتى صدّقنا بعض الأكاذيب، ومنها أكذوبة أن أمريكا راعية السلام، مع أنها راعية لإسرائيل أكثر منها راعية للسلام!.
هذه الفبركات معروفة في الوسط الصحفى، ومنها ضرب الأخبار لصناعة إنجازات وهمية، أو ضرب الأرقام، وأشهر أكذوبة تم بعدها ضرب العراق كانت أكذوبة امتلاكه السلاح النووى، أيضًا أكذوبة سبتمبر، وبعدها ضرب أفغانستان، وها هو العالم، بعد قرابة ربع القرن، يقرأ رسالة بن لادن إلى أمريكا، وينتبه إلى أنه عاش أكبر أكذوبة!.
وقد قرأت رسالة بن لادن إلى أمريكا، وقرأها شباب غربى بالملايين، حتى أصبحت «ترند»، وخشيت أمريكا على نفسها من تحولات الرأى العام الغربى تجاهها، حتى اضطرت الصحيفة التي نشرت الرسالة إلى حذفها، بعد أن قرأها أضعاف الذين قرأوها قبل الحذف، والرسالة كأنها كُتبت أمس، وكأنها تعبر عن كل الشعب الفلسطينى، وترد على السؤال: «لماذا نقاتلكم؟، ولماذا نهاجمكم؟!».
وتتعرض الرسالة للأكاذيب، وتقول إن إسرائيل نفسها أكذوبة كبرى، لابد أن تُمحى من الوجود، وقد اختارت طريق الأكاذيب طوال تاريخها في كل شىء!.
أخيرًا، الآلة الإعلامية العبرية كان يمكن أن تنجح في عصر مختلف، منذ قرن مثلًا، لكن الآن لا يمكن أن تستمر في ظل عالم المعلومات وفى عصر التعليم.. فالشعوب التي خرجت بالملايين لوقف الحرب هي شعوب غربية كانت إسرائيل تعتقد أنها تناصرها وتمضى لها على بياض.. الآن تغيرت اتجاهات الرأى العام، ولم تعد الشعوب تصدق الأكاذيب من بعيد أو قريب!.