هل قرصنة البحر الأحمر مفيدة للقضية

هل قرصنة البحر الأحمر مفيدة للقضية؟

المغرب اليوم -

هل قرصنة البحر الأحمر مفيدة للقضية

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

عدد من الأسئلة واجب محاولة الإجابة عنها، وتتكون من جملة الاستفهامات، منها؛ هل ما يفعله الحوثي في تعطيل الملاحة البحرية في باب المندب والبحر الأحمر وحتى بحر العرب، والخلل بالتجارة العالمية، والمضاد لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار نصاً وروحاً، هل هو نافع للقضية الفلسطينية، وهل يساعد في إعادة الحق الفلسطيني، أو يقلل من معاناة أهل غزة، وهم في ظروف عصيبة، أم هو استجداء لعواطف مؤقتة نضج عنها كثير من العرب منذ زمن طويل؟ وهي مزايدة انكوت بنيرانها شعوبنا العربية في أكثر من زمان ومكان في عصرنا الذي نعيش!

إذا كانت القرصنة لا تقوم باعتراض لا ناقلات البضائع الكبيرة القادمة من الصين، ولا الناقلات القادمة من الهند كما أعلن أكثر من مرة، وهما من أهم الدول المصدرة للبضائع إلى إسرائيل من الشرق، فيعني ذلك أن معظم حاجيات إسرائيل من الشرق تمر بسلام! أما البضائع القادمة من أوروبا إلى إسرائيل، فهي تصل للموانئ المتعددة لإسرائيل في شرق البحر الأبيض بسلاسة ويسر!

من المتضرر إذاً من هكذا فعل؟ أول المتضررين هي مصر، لأن الشركات الناقلة توخياً للحذر غيرت مسار سفنها الكبيرة إلى طريق رأس الرجاء الصالح البعيد عن مغامرات الحوثي، مما يعني حرمان مرفق قناة السويس، كما تقول بعض الدراسات، بحوالي 40 % من دخلها، وهذا ضرر بالغ على الاقتصاد المصري، وعلى الشعب المصري الذي قدم التضحيات الجسام للقضية ولا يزال يفعل، أما المتضرر الثاني فهو السودان والذي ليس له موانئ بحرية إلا على البحر الأحمر، ودول أخرى عديدة لها موانئ فقط على البحر الأحمر أيضاً تتضرر، وهي دول إما مسلمة وإما صديقة للعرب، أما دول الخليج التي تصدر النفط والغاز، فإن الضرر على اقتصادها شبه معدوم، لأنها أولاً يمكن أن ترسل سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، وفروق الشحن يدفعها المستهلك الأوروبي، ولأن واردات دول الخليج معظمها من الشرق، فإنها تستقبل تلك الحمولات في موانئها المطلة على الخليج أو بحر العرب، أي أن الضرر هنا محدود.

ما تفعله القرصنة على وجه الدقة أنها ترفع أثمان السلع الواردة من الشرق إلى أوروبا، وبالتالي تهيئ إلى تضخم في تلك الأسواق، التي ما كادت تخرج منه، وكذلك ترفع نسبة البطالة في تلك البلدان، كل ذلك يسبب ضرراً لتلك المجتمعات، والتي كان لجمهورها موقف مناصر للقضية، ولكن عندما يمس ذلك الجمهور الضرر الاقتصادي، سوف يتغير موقفه من التعاطف إلى عداء، فالنتيجة النهائية هي تقليل التأييد للقضية، وتكثيف التأييد للأعمال الإسرائيلية، وقد أخذت بعض وسائل الإعلام الغربية تشير إلى ذلك بكل وضوح.

موقف الولايات المتحدة وبريطانيا في إرسال طائرات حربية لضرب بعض الأهداف في الأراضي التي تنطلق منها أعمال الحوثي العدائية، هو موقف مبدئي لحماية التجارة العالمية، وما تسببه أعمال الحوثي من اضطراب في مسارات تلك التجارة العالمية، والمتضرر منها كل العالم، وليس بعض الدول فقط.

الحقيقة الثابتة أن كل هذه المظاهر (العنترية) هي في الحقيقة تعود على الشعب اليمني بالكوارث، وتهيئ لشن حصار على موانئ الحوثي، يعني بالضرورة زيادة الفقر وزيادة انتشار الأمراض لدى اليمنيين المنكوبين بحكم الحوثي، حيث يمنع عنهم المساعدات الدولية التي تقدم لهم من غذاء ودواء وحاجيات إنسانية ضرورية.

الفعل الذي نراه أمامنا لا يخدم القضية الفلسطينية، بل على العكس يضرها، إلا أنه يتغذى على عواطف لم تعد مقبولة عقلاً، ولا مبررة أخلاقاً. فمساعدة الفلسطينيين ليس باستعداء العالم ضدهم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل قرصنة البحر الأحمر مفيدة للقضية هل قرصنة البحر الأحمر مفيدة للقضية



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib