نكد الحروب الأهلية

نكد الحروب الأهلية

المغرب اليوم -

نكد الحروب الأهلية

أمينة خيري
بقلم : أمينة خيري

 

رأى المتنبى أن «من نكد الدنيا على الحُرِّ أن يرى عـدوًا لـه مـا مـن صـداقته بــدُّ»، لكن الأوضاع الحالية تشير إلى أن الأكثر نكدًا أن يجد الحر نفسه معاديًا للأحرار الآخرين من إخوته وبنى جلدته.

نحن جميعًا مغموسون من رؤوسنا إلى إخمص أقدامنا فيما يدور فى غزة، حيث إخوتنا من أهل غزة المدنيون يتعرضون لما يشبه الإبادة الجماعية، إن هم لم يرتدعوا ويذعنوا وينفذوا مخطط تهجيرهم الجمعى.. ولكن هذا الغمس يجب ألا يجعلنا نغفل الجوانب الأخرى الكثيرة بالغة الخطورة التى لا تحوم فقط فى أفق غزة، ولكن فى أفق المنطقة كلها، ومصر فى القلب منها.

والتفكير والتجهيز لما يحوم فى الأفق لا يقلل أو يؤثر على حجم تعاطفنا الكامل والبالغ والشامل مع أهل غزة المدنيين. أهل فلسطين - شأنهم شأن أهل أى شعب فى العالم- ليسوا صورة طبقة الأصل من بعضهم البعض. تختلف الأيديولوجيات، وتتفاوت الآراء، وتتباين الأولويات، وهذا طبيعى.. لكن ما يجعل هذا الاختلاف «الطبيعى» غير طبيعى فى حالة إخوتنا الفلسطينيين هو وضعهم غير الطبيعى من حيث الوقوع تحت الاحتلال مبدئيًا، مرورًا بالشتات.. وأخيرًا وليس آخرًا الاختلافات والخلافات بين الفصائل والكتائب والسلطات!.

هذه الأخيرة هى مربط الفرس، فحين يواجه الجميع الاحتلال، فهذا أمر عظيم وجليل، وهو ما يجرى حاليًا بشكل أو بآخر، وذلك بفعل ثقل وفداحة ما يفعله الاحتلال. لكن ماذا بعد «تخفيف أحمال» الثقل والفداحة؟.

فداحة الاقتتالات المحلية أو الأهلية أو الداخلية فى رأيى المتواضع أعتى من الحروب بين الدول التى تناصب بعضها البعض العداء. الاختلافات القديمة والخلافات الجذرية لا يجرى حلها بين يوم وليلة، لا سيما تلك القائمة على صراع على سلطة، أو اعتقاد بالأحقية، أو تلك المرتكزة على معتقدات دينية يؤمن معتنقوها بأنها وحدها الجديرة والصحيحة.

يكثر الحديث فى شتى أرجاء العالم عن «اليوم التالى لحرب القطاع». ويكثر طرح السيناريوهات المتوقعة أو تلك التى يجرى دفعها أملًا فى أن تتسيد، ولكن مستقبل العلاقة بين «فتح» و«حماس» والفصائل والكتائب المنتمية لكل منهما هو مربط الفرس. ولنا فى التاريخ الحديث جدًا عبرة، حيث الاقتتالات المحلية أو الأهلية هى الأسوأ والأخطر.

أخطر ما يهددنا هو اعتياد فكرة الاقتتال والاحتراب الداخلى، والأسوأ منه أن يقلل أحدهم أو يهون من الحروب الأهلية فى مقابل الحروب متعددة الجنسيات. حرب لبنان الأهلية دامت 15 سنة، وما زالت أسبابها وآثارها تحوم فى الأفق. حروب اليمن الأهلية أنهكت اليمن السعيد. الحرب الأهلية الليبية تركت جروحًا أعتى من التهديدات الأجنبية لهذا البلد الذى يمتلك كل مقومات الثراء والرفاه. الحرب الأهلية فى الجزائر أو ما يسمى «العشرية السوداء» تركت جروحًا غائرة فى قلوب وعقول كل أبناء الجزائر والعرب. ولمن لا يهوى التاريخ ولا يعترف إلا بالحاضر، فلينظر جنوبًا صوب السودان الجريح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نكد الحروب الأهلية نكد الحروب الأهلية



GMT 19:32 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 19:29 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

انتخابات رئاسية لا معنى لها في إيران

GMT 19:28 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

الجنسية السعودية و«الرؤية»

GMT 19:25 2024 الأحد ,07 تموز / يوليو

انتخابات بريطانيا... حقائق خلف الأرقام

نجوى كرم تُعلن زواجها أثناء تألقها بفستان أبيض طويل على المسرح

بوخارست - المغرب اليوم

GMT 19:48 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

صور ماريا كاري بالحجاب وصدر مكشوف تشعل مواقع التواصل

GMT 10:07 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف علي الفجل الأسود لتطهير الكبد من السموم

GMT 07:38 2018 الجمعة ,01 حزيران / يونيو

أحدث موضة للتسريحات باستخدام دبابيس الشعر

GMT 04:52 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

صلاح محسن يتمنى عبور العالم خلا بوابة النادي الأهلي

GMT 18:55 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

أهم الفنانات الغير ناشطات على وسائل "التواصل الاجتماعي"

GMT 02:48 2016 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

تمتع بعطلة ساحرة في جزيرة ديزني الجديدة "أوقيانوسيا"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib