سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

المغرب اليوم -

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي

الكاتب أسامة خليفة باحث في المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات
بقلم : أسامة خليفة

يتعرض المسجد الأقصى خلال الأعياد اليهودية لإجراءات تتيح للجماعات الدينية اليهودية المتطرفة اقتحام باحات المسجد الأقصى وممارسة طقوسهم التي تتضمن أهدافاً سياسية استعمارية تهويدية، حيث تصر جماعات الهيكل المتطرفة على ممارسة طقوسهم بالمسجد الأقصى المبارك، وتعتبر الأعياد فرصة لحشد أنصارها لتنفيذ اقتحامات جماعية لساحات الأقصى، ولانتهاك حرمته ولتنظيم جولات وأنشطة تهويدية داخل المسجد وفي محيطه. ويرى أنصار تلك الجماعات أن ذبح القربان في هذا المكان برمزيته الحضارية المتأصلة ليس مجرد طقوس تلمودية دينية يهودية تؤدي إلى بناء الهيكل المزعوم على أنقاض الأقصى المبارك، إنما لهذه الأنشطة انعكاس في الجانب السياسي في التأسيس لإسرائيل دولة يهودية عاصمتها القدس.

في إطار تحضيراتها هذه الأيام لمناسبة «عيد الفصح اليهودي» أو «عيد الفطير» الذي يستمر لمدة 7 أيام، ابتداء من يوم الثلاثاء 23 أبريل/نيسان الحالي، عرضت جماعة «عائدون إلى جبل الهيكل» مكافآت مالية وصلت هذا العام إلى 50 ألف شيكل لمن يتمكن من الذبح في الأقصى، الإغراء بالمال تشجيعاً لمن يدعون أنهم مكلفون من الله لتنفيذ هذه العملية، ولحث أعضائها وزيادة أعدادهم، دفع مجموعة من الصبيان لمحاولة تهريب ماعز وحملان إلى الحرم القدسي للتضحية بها بمناسبة عيد الفصح اليهودي والفوز بنقود المكافأة.

ولإعطاء الذبح طابعاً سياسياً تم ربطه بالتضرع لخلاص الأسرى الإسرائيليين في قبضة المقاومة الفلسطينية، ومن أجل حماية اعتداء المقتحمين من غضب المرابطين في الأقصى، قدمت هذه الجماعة طلباً رسمياً للشرطة الإسرائيلية للسماح لها بذبح «قربان الفصح» داخل المسجد الأقصى المبارك، وحماية مرور أنصارها من ساحة البراق نحو قبة السلسلة.

وتتضمن التحضيرات استعداد الشرطة الإسرائيلية لحماية المقتحمين بنشر قوات إضافية خلال أيام العيد مدعومة بقوات من «حرس الحدود». ويسعى بن غفير وزير الأمن الإسرائيلي إلى تسهيل مهمة جماعات الهيكل في محاولة لتغيير الوضع القائم في الأقصى، وكانت وسائل إعلام إسرائيلية أعلنت الثلاثاء 16 نيسان: أن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أدرج بشكل رسمي ضمن جدول أعمال وزارته سلسلة من الإجراءات لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، تتمثل بمنح الحقوق الأساسية لليهود بحرية الصلاة في الأقصى، وتقوية السيطرة الأمنية داخله، وتوسيع نطاق السيطرة التكنولوجية على الأقصى لدى شرطة الاحتلال.

ففي النصف الأول من شهر آذار الماضي تم تشغيل برنامج تجسس عالي الدقة، تم تركيبه حول المسجد للسيطرة على كل ما يحصل فيه، على يد شركة أميركية، بما يعتبر أخطر من البوابات الإلكترونية 14/07/2021 أمام أبواب الأقصى التاريخية، والتي بسببها قامت هبة جماهيرية مقدسية نجحت في إجبار سلطات الاحتلال على إزالتها.

اقتحام المسجد الأقصى تقود المنطقة إلى مزيد من التصعيد والسير نحو المجهول، في ظل ظروف العدوان على القطاع، وتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين في الضفة، والظروف الصعبة التي تمر بها مدينة القدس، وكان موضوع القدس والمسجد الأقصى من الأسباب الرئيسية لمعركة طوفان الأقصى، وكان سبباً رئيسياً في معركة سيف القدس عام 2021، وسلطات الاحتلال أقدمت على انتهاكات خطيرة في المسجد الأقصى ومحيطه، واعتبر كل من الأردن والسلطة الفلسطينية السماح باقتحامات المستوطنين وجنود الاحتلال للمسجد خرقاً للقانون الدولي. وإخلالاً بوضع المسجد الأقصى كمكان مقدس حصري للمسلمين، ولا شرعية لأي وجود يهودي داخل سوره، ولا يوجد أي حق للشرطة الإسرائيلية بالتواجد على أبواب المسجد خلال مواسم الأعياد اليهودية لمنع دخول المصلين المسلمين أصحاب الحق في المسجد الأقصى المبارك، والمتوقع أن تُفرض قيود مشددة على دخول المسلمين إلى المسجد الأقصى يوم الجمعة القادم لأداء صلاة الجماعة التي تتضارب مع إصرار جماعات الهيكل المزعوم على اقتحام الأقصى وأداء طقوسهم في اليوم الرابع لعيد الفصح اليهودي.

صادف أمس الثلاثاء اليوم الأول لعيد الفصح اليهودي، مع اليوم الـ«200» من العدوان على قطاع غزة، من جهة تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفها الوحشي على بيوت الأمنين في مختلف مناطق القطاع، ومن جهة أخرى، عشية عيد الفصح، مساء يوم الاثنين  اقتحم 228 مستوطناً المسجد الأقصى، أدوا صلواتهم، وقرأ بعضهم سفر «أمر ذبيحة الفصح» الخاص بذبح القربان، وصبيحة أمس الثلاثاء بدأ المستوطنون باقتحام المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال في مواصلة لانتهاكات لم تتوقف في الأماكن الدينية عامة والمسجد الأقصى خاصة، منذ احتلال شرقي القدس عام 1967، والتي تصاعدت بشكل غير مسبوق منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، للسيطرة على الأقصى بشكل كامل وتحويله من مقدس إسلامي إلى يهودي. المتحدث باسم منظمات الهيكل المتطرفة آساف فريد كتب على صفحته في موقع فيسبوك «على الجميع الصعود إلى جبل الهيكل ومن دون حذاء جلدي.. سيادتنا على جبل الهيكل أول مكان يجب إصلاحه، والأمر بين أيدينا في عيد الفصح لتخليصه».

يرمز عيد الفصح في الديانة اليهودية إلى الفترة التي خرج فيها بنو إسرائيل من مصر هرباً من فرعون، وهي رواية غير موثقة تاريخياً، إذ لم تذكر الوثائق القديمة أي شيء عن حادثة الخروج، كما تفتقد إلى أدلة من علم الآثار تدعم صحتها، ويذكر الباحثان اليهوديان «زائيف هرتسوغ» و«إسرائيل فنكلشتاين»، وهما مختصان في تاريخ الشرق الأدنى القديم، أن حادثة خروج العبرانيين من مصر لم تقع، وذلك لأن اليهود لم يدخلوا مصر من الأساس، تناولت النصوص الدينية للديانات السماوية الثلاث قصة خروج بني إسرائيل من مصر، باختلاف في تفاصيل عديدة، وكان لعلماء التاريخ رأيهم، ابن خلدون لم ينفِ حادثة الخروج بل كذب أعدادهم التي لا يمكن لها حسب الطبيعة البشرية أن تزيد عن 600 فرد عبر أربعة أجيال ما بين وصول بني إسرائيل إلى مصر وخروجهم منها.

فبحسب ما ورد في سفر الخروج، أن عدد الرجال المقاتلين بلغ 600 ألف، دون الأطفال والصبيان والنساء. وبذلك يبلغ عدد الذين خرجوا من مصر من جميع الفئات، يتراوح بين مليونين ونصف إلى ثلاثة ملايين شخص، والقرآن الكريم يؤكد قلة عددهم بما ورد في سورة «الشعراء»: «وإن هؤلاء لشرذمة قليلون». وجاء في القرآن الكريم في سورة يوسف «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ»، هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما طلب أصحابه أن يقصَّ عليهم، بقولهم: يا رسول الله حدثنا فوق الحديث ودون القرآن، يعنون القصَص، والمهم من القصة هو العبرة وليس توثيق الحوادث التاريخية.

أسامة خليفة باحث في المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات "ملف"*

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك بحماية قوات الاحتلال في صبيحة عيد الفصح

 

نتنياهو يدعو "الإسرائيليين" للتنزه خلال عيد الفصح اليهودي في مناطق بالضفة الغربية وكافة أنحاء فلسطين المحتلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي سعيٌ للتهويد في عيد الفصح اليهودي



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:32 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 00:54 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب
المغرب اليوم - روحي فتوح لتولّي رئاسة السلطة الفسطينية حال شغور المنصب

GMT 17:34 1970 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
المغرب اليوم -

GMT 22:21 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
المغرب اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib