حل إقليمي للصحراء أولاً

حل إقليمي للصحراء أولاً

المغرب اليوم -

حل إقليمي للصحراء أولاً

محمد الأشهب

تتضاءل حظوظ الاختراق أمام الجولة الراهنة للموفد الدولي إلى الصحراء كريستوفر روس، ليس بسبب استمرار تباين المواقف بين الأطراف المعنية بالتسوية السياسية فحسب، ولكن لأن الانشغالات الإقليمية والدولية تركز على أخطار الإرهاب والانفلات الأمني في المنطقة المغاربية وجوارها الأفريقي.
مادام الناظم المشترك في التنسيق الإقليمي في الحرب على الإرهاب غائباً، نتيجة تأثير الخلافات السياسية، وبخاصة بين المغرب والجزائر، يصعب توقع تفاهم يسقط في آخر لحظة بمظلة دولية أو وساطات أجنبية.
وكما استبقت الرباط زيارة روس باعتبار خطة الحكم الذاتي آخر خط في سلسلة التنازلات التي يمكن تقديمها لتسريع الحل السياسي الوفاقي، نحت الجزائر في اتجاه معاودة تأكيد موقفها الداعم لجبهة «بوليساريو»، من أجل تقرير المصير، فيما قالت الأخيرة إنها مستعدة للدخول في مفاوضات مع المغرب لتحديد آليات تنفيذ الاستفتاء.
لم يتغير شيء في المواقف. ومنذ تعليق آخر جولة من المفاوضات المباشرة التي رعاها الوسيط الدولي السابق بيتر فان فالسوم، لم تتمكن الأطراف من عقد أي جولة لاحقة. فقد بذل خلفه روس جهوداً مضاعفة لتقريب الآراء في مفاوضات غير رسمية، لكنها انتهت عند نقطة البداية.
يقول المغرب إن سقف المفاوضات لم يعد يحتمل جولات العلاقات العامة، ويستند إلى الخلاصة التي توصل إليها فالسوم لدى تأكيده أن استقلال إقليم الصحراء «ليس حلاً واقعياً»، ما يعني أن الانطلاق من هذه الفرضية يرجح وصفة الحكم الذاتي التي تظل حلاً وسطاً بين الاستقلال والانفصال. وترى «بوليساريو» أن الحكم الذاتي يمكن أن يطرح ضمن روزنامة الاستفتاء كخيار ثالث بين الاستقلال النهائي للإقليم أو انضمامه الشرعي إلى المغرب بدعم الأمم المتحدة، أو تكريس الحل الثالث برسم الحكم الذاتي.
لكن هذه الطروحات لم تتمكن من استخلاص موقف وفاقي، أقله أن مرجعية قرارات مجلس الأمن تدعو إلى أن يضع الحل السياسي في اعتباره الجهود المبذولة كافة، وفي مقدمها أنها تصف خطوة المغرب نحو الحكم الذاتي بـ «الجدية والصدقية»، إلا أنها لم تنص في القرارات ذات الصلة على أن ذلك يشكل الخيار الوحيد. مبعث ذلك أن المنهجية الوفاقية التي تعتمدها في رعاية الحل السياسي تنطلق من ضرورات التوافق على صيغة التسوية، وما لم يتحقق وفاق على الأرضية والمنهجية والآليات يصعب الإقرار بإحراز أي نوع من التقدم.

خلاصات جولة روس ستوضع أمام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي برمج زيارة مرتقبة إلى المنطقة، يرجح أن تتم قبل حلول موعد نهاية ولاية بعثة «المينورسو» في آخر نيسان (أبريل) المقبل. ومن غير الوارد أن يغامر بزيارة كهذه إن لم يكن متيقناً من أنها ستثمر مواقف إيجابية، ليس أبعدها الاتفاق على معاودة استئناف المفاوضات العالقة.

على الأرض سيرى واقعاً آخر يبدو مختلفاً كلياً عن طروحات الأفكار المتداولة للتسوية، فقد أقر المغرب تنفيذ «نظام جهوي» يمنح المحافظات الصحراوية صلاحيات ديموقراطية واسعة في تدبير شؤونها المحلية، ما يعتبر من وجهة نظر سياسية تمهيداً للحكم الذاتي الموسع. وفي مقابل ذلك ترزح مجتمعات تيندوف التي تؤوي المنتسبين إلى «بوليساريو» تحت نير أوضاع إنسانية في غاية القسوة وشظف العيش، إلى درجة أن مساعدات الدول المانحة لم تعد تكفي لسد الدعم الإنساني للتغذية والعلاج والحماية من غضب الطبيعة.

على الأرض أيضاً مسافة خلافات متزايدة يتسع نطاقها بين الجارين الجزائري والمغربي، ما يزيد في صعوبة تعبيد الطريق أمام أي تسوية، إلا أن البداية من ترميم العلاقات الإقليمية ربما تشكل نقطة الضوء الوحيدة في نهاية النفق، وليس دور الأمين العام للأمم المتحدة أن يرتب علاقات جوار، من الأفضل أن يهتدي أصحابها إلى فضيلة حسن الجوار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حل إقليمي للصحراء أولاً حل إقليمي للصحراء أولاً



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib