إعدام سياسي

إعدام سياسي

المغرب اليوم -

إعدام سياسي

عبد العالي حامي الدين

عقوبة الإعدام التي صدرت في حق رجل الدين السعودي باقر النمر، تستحق النقاش لاعتبارات فكرية وأخرى سياسية..
اعتبارات فكرية تتطلب انخراط المثقفين والعلماء وكل أصحاب الرأي من أجل تحصين المجتمعات ضد خطر العصبيات القاتلة، التي تلبس لبوسا طائفيا أو مذهبيا وهي قادرة على إشعال المنطقة بصراعات لا منتصر فيها، والكل سيحصد الخسارة في النهاية.
التهم التي وجهت «لرجل الدين» السعودي باقر النمر هي تهم سياسية بامتياز وقرار إعدامه نابع من اعتبارات سياسية لا علاقة لها بالمذهب..الأمر يتعلق بمعارض سياسي للعديد من الأنظمة العربية في المنطقة بما فيها النظام السوري الموالي لإيران، ولذلك فإن النقاش ينبغي أن ينصب حول الدوافع السياسية التي تحركها نزعات السلطة ويجري تغليفها باعتبارات مذهبية وأخرى قانونية.
علينا أن نتذكر بأن التضييق على المعارضة في السابق شمل شخصيات إصلاحية سنية، وهو ما يؤكد البعد السياسي الذي يؤطر هذا التوتر.
الاعتبارات السياسية التي تدعو إلى مناقشة هذا الموضوع هي التطورات الميدانية التي أعقبت قرار الإعدام والمتمثل في ردود الفعل الغاضبة في إيران، والتي وصلت إلى درجة الإقدام على إحراق السفارة السعودية في طهران، وهو ما يعني أن الشحن الطائفي وصل إلى درجة تنذر بالأسود في مستقبل الأيام.
المغرب اتخذ موقفا حكيما بدعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس، بعيدا عن الكثير من الخطابات التي تؤطر المواقف الكلاسيكية حول العلاقة بين إيران والدول العربية، ولذلك فإن المطلوب اليوم، هو الاحتكام إلى صوت العقل ولغة المصالح أيضا..
إن الأنظمة العربية التي نجحت في صياغة المبادرة العربية من أجل السلام وتقدمت بها تجاه إسرائيل، مطالبة بصياغة رؤية عربية موحدة تجاه الجار الإيراني من أجل تسوية تاريخية حقيقية للخلافات السياسية التي يتم تغليفها بشعارات مذهبية وطائفية..
الشجاعة السياسية تقتضي من العرب استخلاص الدروس من البراغماتية السياسية التي تنهجها إيران في المنطقة، والاعتراف بها كقوة إقليمية غير قابلة للتجاوز. لقد جرب الغرب سلاح العزل السياسي والحصار الاقتصادي ولم يفلح في إيقاف المشروع النووي الإيراني، كما خاضت دول الخليج وبعض الأنظمة العربية مواجهات حربية وأخرى كلامية، ولم تستطع الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، كما فشلت في بناء الدولة القطرية الموحدة على قاعدة الولاء لمؤسسات الدولة انطلاقا من مبدأ المواطنة، بل ساهمت سياستها في تعميق التوترات المذهبية والطائفية بين أبناء البلد الواحد.
لا خيار أمامنا إذن، إلا الاعتراف بالأمر الواقع، وذلك بإعادة النظر في سياسة المحاور المبنية على أساس طائفي، والتفكير في رؤية جديدة لجعل إيران جزءا من الحل لمشاكل المنطقة على أرضية البحث في المصالح المشتركة وتجاوز سياسة الاستقطاب والاحتراب المذهبي والطائفي التي لم تنتج سوى الدمار والإحباط لشعوب المنطقة.
وصدق من قال: «نمر مُفترس أمامك.. خير من ذئب خائن وراءك».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعدام سياسي إعدام سياسي



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib