عبد اللطيف حسني الأستاذ المناضل

عبد اللطيف حسني.. الأستاذ المناضل

المغرب اليوم -

عبد اللطيف حسني الأستاذ المناضل

بقلم : عبد العالي حامي الدين

بقلوب راضية بقضاء الله وقدره، وفي جو ممطر، شيع عدد من أصدقاء الفقيد ورفاقه جثمان الدكتور عبد اللطيف حسني، يوم الأحد الماضي بمقبرة حي الرياض بالرباط.

كانت لحظة حزينة ودعنا فيها شخصية فريدة من عالم الثقافة والفكر والنضال، هو من الأساتذة الجامعيين القلائل الذين جمعوا بين البحث الأكاديمي والإشعاع الثقافي والنضال الحقوقي والسياسي.

جمعتني بالمرحوم عبد اللطيف حسني العديد من الذكريات، بعضها يستحق أن يروى عرفانا بالجميل ووفاء لذكريات مليئة بالدروس القيمية والأخلاقية.

عرفت المرحوم حسني منذ منتصف التسعينات عندما اخترت -إلى جانب مجموعة من أصدقاء الدراسة- أن أتابع دراستي في السنة الثانية من السلك العالي بوحدة العلاقات الدولية والقانون الدولي.

كان اختيارا مقصودا رغم أننا كنا نميل إلى العلوم السياسية، وذلك بغرض واحد، هو أن ندرس عند الأستاذ الكبير عبد الله إبراهيم…

كانت دروس المرحوم عبد الله إبراهيم فرصة لنا لإشباع حاجتنا إلى فهم الكثير من المحطات السياسية المهمة في تاريخ المغرب المعاصر، وكنا نستغل الفرصة لإمطاره بالكثير من الأسئلة حول الإصلاح السياسي بالمغرب، خصوصا أننا كنّا نعيش في تلك الفترة ما سمي بالتناوب التوافقي، والبدايات الأولى لتشكيل حكومة عبد الرحمن اليوسفي.

كان المرحوم عبد الله إبراهيم صارما في عدم الخلط بين مهمته كأستاذ جامعي وبين مهمته كرئيس لحزب سياسي معارض (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية).

في هذا السياق، دعانا إلى التعرف على المرحوم عبد اللطيف حسني الذي نظم لنا لقاء مع المرحوم عبد الله إبراهيم في مقر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بشارع علال بن عبد الله بالرباط، ثم تكررت اللقاءات والزيارات لمنزل المرحوم عبد الله إبراهيم بالدار البيضاء، إلى أن وافته المنية، رحمة الله عليه.

كانت علاقتي بالمرحوم عبد اللطيف حسني، في البداية، علاقة التلميذ بأستاذه، قبل أن تتطور إلى علاقة صداقة وزمالة قوية استمرت، إلى أن عاجله المرض الخبيث قبل سنة ونصف، فاقتصرت علاقتنا على الاتصالات الهاتفية، باستثناء لقاء واحد وهو يقاوم المرض بشجاعة المؤمن بقضاء الله وقدره.

لن أنسى دعمه المتواصل -رحمه الله- لي وأنا أعد بحث الدكتوراه، فقد ساعدني في اختيار موضوع البحث، وكم كانت مفاجأتي سعيدة وهو يدعوني إلى جلسة علمية في بيته، ليزودني بمجموعة كبيرة من الكتب ذات العلاقة بموضوع البحث، تجاوزت الثلاثين كتابا في ما أذكر.

سأذكر دائما أن المرحوم عبد اللطيف حسني هو الذي فتح لي باب التدريس بالجامعة كأستاذ مشارك لمادة تاريخ الفكر السياسي بكلية الحقوق بالمحمدية من 1997 إلى 2000، وكان عضوا بلجنة المناقشة.

عندما قرر تأسيس مجلة ‘‘وجهة نظر’’، التي لعبت دورا مهما في تأطير طلبة العلوم السياسية في المغرب، فاتحنا في الموضوع، وأشركنا في هيئة تحريرها منذ العدد الأول الذي كتبت فيه تقريرا عن ندوة علمية حول سؤال الإصلاح في المغرب، افتتحها المرحوم عبد الكبير الخطيبي بمحاضرة قيمة حول مفهوم الإصلاح.

كان المرحوم حسني تجسيدا حيّا للمثقف المغربي الذي آمن بقيم اليسار الحقيقي، المؤمن بضرورة الانخراط العضوي في أسئلة عصره، والحريص على مبدئية مواقفه. كان دائم الحضور في اللجان التضامنية والوقفات الاحتجاجية.. كما واكب الدينامية الاحتجاجية لـ20 فبراير بالكثير من الأمل والتفاؤل بمغرب تسود فيه قيم الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

كثيرا ما كان يرفع سماعة الهاتف ليعبر عن موقفه التضامني ضد بعض الحملات التشهيرية الرخيصة، وليتبعه بدعوته إلى الثبات والصمود، مؤكدا أن ذلك من ضريبة النضال الديمقراطي في المغرب.

قبل أن يعاجله المرض الخبيث، أصبح مدمنا على الرياضة والكتابة والقراءة، وخاصة قراءة القرآن الكريم، وكم كانت مفاجأتي سعيدة حينما كنت أتصل به لأسأله عن أحواله مع المرض وتداعيات العلاج الكيميائي، فكان يجيبني بلغة المؤمن الواثق: “أدرك أن الموت آت لا محالة، وأنا أستعد له بما يلزم، حتى ألقى الله وهو راضٍ عني”…

مازالت ذاكرتي تحتفظ بالكثير عن المرحوم عبد اللطيف…

رحمة الله عليك أيها الأستاذ، والمثقف، والمناضل، والكاتب، وأسكنك فسيح جناته.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

المصدر : جريدة اليوم 24

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبد اللطيف حسني الأستاذ المناضل عبد اللطيف حسني الأستاذ المناضل



GMT 00:07 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

المغرب والجزائر.. واتحاد المغرب العربي

GMT 00:07 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

صحافة التشهير لا تواجه بالتشهير

GMT 05:51 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

قضية الصحراء والمنعطفات الخطيرة

GMT 00:05 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

ماذا تبقى من تجربة التناوب؟

GMT 08:15 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

قضية بوعشرين.. البراءة هي الأصل

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib