حفاظا على الأمل

حفاظا على الأمل..!

المغرب اليوم -

حفاظا على الأمل

عبد العالي حامي الدين

كثيرا من نضطر في حياتنا الخاصة إلى تبرير أخطائنا وتصرفاتنا بدل نقدها وبذل مجهود أكبر لإصلاحها..وفي المجال السياسي يحضر العقل التبريري لتصويغ مجموعة من القرارات التي قد لا ترضي كثيرا من الناس.. خطورة الفكر التبريري هو أنه يجعل الإنسان عاجزا عن التمييز بين الخطإ والصواب، ولا يساعده على معرفة الحقيقة واتخاذ القرار الأصوب ومراجعة أخطائه، ويدفعه للاستسلام لمنطق العاطفة، والتصدي لكل نزعة نقدية تعتمد العقل المنطقي والتفكير العقلاني لتحليل المواقف.. اللجوء إلى منطق التبرير كثيرا ما تقف وراءه دوافع ذاتية محكومة بالحفاظ على مصالح خاصة، يتطلب الحفاظ عليها عدم تجريم الخطإ والتطبيع مع الكثير من التناقضات التي تخترق واقعنا المعقد.. العقل التبريري لا يقف عند هذا الحد، بل هو قادر على تبسيط أعقد القضايا، وتبرير السلوك وضده، وخلط المفاهيم والأفكار.. وفي بعض الأحيان الجمع بين القيم المتناقضة. المشكلة الكبرى للعقل التبريري في الحقل السياسي، أنه يدفع صاحبه إلى تبرير الكثير من الأخطاء التي لا يتضرر منها لوحده، ولكن نتائجها يتضرر منها المجتمع والوطن، فالعقل الذرائعي مستعد دائما لإثبات صحة المواقف والأفكار وتسويغ مختلف الأخطاء وتعليقها على الآخر.. المنهج التبريري يحرر الإنسان من الإحساس بتأنيب الضمير والشعور بالمسؤولية الذاتية ويلقي بكل مشاكله وإخفاقاته على الآخر، وهو ما لا يساعد على مراجعة المواقف الخاطئة ويرسخ الاستعداد لتكرار  الأخطاء نفسها والعزم على تكرارها عدة مرات بدون إحساس بأي عقدة.. إن مجتمعاتنا تعاني الكثير من التخلف الفكري والسياسي، كما تعاني العديد من الأمراض الاجتماعية التي تقف عائقا أمام تطور المجتمع وتنميته، ينبغي العمل على فضحها وتشريحها بغية الحد من آثارها المدمرة. إن لجوء الفاعل السياسي والاجتماعي إلى منهج التبرير والتسويغ والتستر فإنه لا يسهم سوى في المزيد من جرأة من يهمه الأمر على ترسيخ هذه الأمراض، وزعزعة الثقة في الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين وقدرتهم على الإصلاح والتغيير، ذلك أن مبتدأ الإصلاح هو الصدق مع النفس ومع الآخرين.. طبعا، لكل منا حظه من العقل التبريري، الذي نلجأ إليه دائما لتبرير إخفاقاتنا وأخطائنا، والاستسلام لأهوائنا.. لكن، أستسمحكم في القول بأن لكل قاعدة استثناء.. ففي بعض الأحيان يكون اللجوء إلى تبرير الكثير من التناقضات والمواقف والأفعال للتغطية على سلوك الآخرين وتبرير تناقضاتهم وتحمل تبعات أخطائهم، وليس بغرض التملص من تحمل المسؤولية وليس هروبا من الاعتراف بالأخطاء الذاتية، ولكن ـ وهذا هو الاستثناء ـ بغرض الحفاظ على شعلة الأمل في الإصلاح والتغيير، وبغاية حماية بعض المكتسبات التي لا يدرك العديدون قيمتها.. إن اللجوء الاضطراري إلى المنهج التبريري في مثل هذه المواقف، يكون هو الحل الوحيد لمخاطبة الجماهير والإبقاء على شعلة الأمل والتفاؤل لديها متقدة خوفا من ضياع الحلم في التغيير والأمل في الإصلاح..   نعم، إن الناس يدركون بذكائهم الفطري أن تعقيدات المرحلة لا تسمح بأكثر من ذلك..وتستطيع مع مرور الزمن أن تميز بين المنهج التبريري متى يكون اضطراريا ومتى يكون بغرض تنويم الجماهير وتضليلها..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حفاظا على الأمل حفاظا على الأمل



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib