حكومة منصبة برلمانيا

حكومة منصبة برلمانيا..

المغرب اليوم -

حكومة منصبة برلمانيا

عبد العالي حامي الدين

الكثير من النقاشات التي أثيرت حول مدى دستورية «الحكومة الجديدة» جاءت محكومة بخلفيات سياسية أكثر منها قراءات قانونية تحترم روح النص الدستوري ولا تتعسف كثيرا في تأويله وفي هذا السياق، أثار البعض حاجة الحكومة التي عرفت تعديلا حكوميا «واسعا» إلى تنصيب برلماني جديد QUOTE   كما ارتفعت أصوات أخرى تطالب بتصريح حكومي جديد مباشرة بعد الإعلان عن التعديل الحكومي ليوم 10 أكتوبر 2013. هذه المطالب استندت إلى معطيات سياسية بالدرجة الأولى، بحثت لها عن مسوِّغات دستورية، وهو ما يثير نقاشا ذا طبيعة دستورية وسياسية في الوقت نفسه. أولا، علينا أن نتفق على أن من أهم المكتسبات الديموقراطية التي تحققت مع الوثيقة الدستورية لفاتح يوليوز 2011، مسألة التنصيب البرلماني بناء على مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 88 من الدستور، حيث «تعتبر الحكومة منصّبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي». ثانيا، إن ثقة مجلس النواب المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء تتم لصالح البرنامج الحكومي وليس لأعضاء الحكومة، ويتم هذا التصويت بعدما يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، يعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه، ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسة للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به، في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية. ثالثا، إن الثقة المعبر عنها من طرف أعضاء مجلس النواب لفائدة البرنامج الحكومي يوم 26 يناير 2012، هو ما يترجم التنصيب البرلماني الذي تتمتع به الحكومة ولاتزال قائمة، حيث أفرد الدستور المغربي مجموعة من الآليات لفائدة أعضاء مجلس النواب لوضع حد لهذه الثقة. وفي الحالة التي بين أيدينا لم يحدث ما من شأنه أن يفيدنا بانصرام المفعول القانوني للتنصيب البرلماني الذي تتمتع به هذه الحكومة. رابعا، إن خروج حزب معين من الحكومة سبق له أن صوت لفائدة البرنامج الحكومي هو سلوك سياسي لم يثمر أي أثر على المستوى المؤسساتي، ولا يعني -من الناحية الدستورية- أن أعضاءه في مجلس النواب أصبحوا ضد البرنامج الحكومي بصفة تلقائية، والآلية الوحيدة لإثبات ذلك هي طرح ملتمس الرقابة انطلاقا من الفصل 105 من الدستور، وهو الأمر الذي كان بإمكان هذا الحزب، إلى جانب أحزاب المعارضة، أن يجمع له النصاب القانوني المطلوب، وهو خُمُس أعضاء مجلس النواب. خامسا، إن دخول حزب سياسي جديد سبق له أن صوت على البرنامج الحكومي بالرفض هو معطى سياسي يهم مكونات الحكومة، ولا يعطي الحق لمكونات المعارضة لتطالب بتغيير البرنامج الحكومي وإعادة التصويت عليه، وبالتالي، فإن مجلس النواب الذي سبق له أن صوت يوم الخميس 26 يناير 2012، خلال جلسة عمومية، على البرنامج الحكومي بغالبية أعضائه، حيث صوت لصالح البرنامج 218 من البرلمانيين، مقابل اعتراض 135 دون أن يمتنع أي من البرلمانيين، يكون قد مارس واجبه الدستوري في التنصيب البرلماني، ولم يحدث ما من شأنه أن يدل على أن هذه الحكومة فاقدة لثقة مجلس النواب، وبالتالي، فثقة مجلس النواب كمؤسسة مازالت قائمة ولا يمكن أن تتأثر بموقف هذا الحزب أو ذاك. سادسا، إن انسحاب وزراء حزب الاستقلال كان محكوما باعتبارات سياسية لا تعني بالضرورة معارضة البرنامج الحكومي، وإذا كان الأمر يتعلق بعدم الاتفاق على البرنامج الحكومي، فإن الآلية الدستورية الوحيدة للتعبير عن ذلك هي معارضة مواصلة الحكومة لمهامها عن طريق التقدم بملتمس الرقابة، وليس كما ذهب البعض -عن جهل واضح- إلى أن «يتقدم الفريق النيابي الاستقلالي بمذكرة يسحب بمقتضاها أصواته التي ساند بها برنامج حكومة بنكيران الأولى، ويشرح فيها أن أسباب التصويت لم تعد قائمة ويطالب على إثرها بإعادة التصويت»!  إن هذا الطرح غير ممكن من الناحية العملية لسبب بسيط، ففضلا عن كونه غير دستوري، فإنه لا يمت بصلة إلى التقاليد البرلمانية التي جرى بها العمل...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة منصبة برلمانيا حكومة منصبة برلمانيا



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 18:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
المغرب اليوم - أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib