استراتيجية بيع الوهم

استراتيجية بيع الوهم..

المغرب اليوم -

استراتيجية بيع الوهم

عبد العالي حامي الدين


المراقب للسلوك السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة يلاحظ بأن هذا الحزب أصبح يعاني من أزمة بنيوية ذات بعدين: أزمة وظيفة وأزمة منهج. كيف ذلك؟
عندما تأسس هذا الحزب في أعقاب الانتخابات التشريعية لسنة 2007 بالطريقة المعلومة، أُسندت إليه وظيفة واضحة، وهي مهاجمة حزب العدالة والتنمية، والحد من حضوره السياسي والانتخابي.
الآن، يمكن القول بأن هذا الحزب فشل في الوظيفة الأساسية التي أسندت إليه، وظهر واضحا بأن هذا الحزب بات يعاني من أزمة وظيفة..لكن ما يعرفه الكثير من المراقبين أن التيار المتنفذ داخل الحزب رسم أجندة موازية للوظيفة الأساسية التي رسمت له في البداية، وهي أجندة جمع الثروة عن طريق ابتزاز أصحاب رؤوس الأموال باسم الدولة، بالإضافة إلى اختراق أجهزة الدولة ومواقعها الحساسة لخدمة مشروع سياسي وإيديولوجي قديم..
لم ينجح الوافد الجديد في وظيفته الأساسية لسببين: السبب الأول هو الدينامية الاحتجاجية التي أطلقها شباب 20 فبراير، وهي دينامية رافضة لمسار التحكم السياسي، الذي اعتمده الحزب. والسبب الثاني هو نجاح حزب العدالة والتنمية في البرهنة على أنه حزب وطني يهدف إلى الإسهام في الإصلاح تحت ريادة المؤسسة الملكية، وأن جميع التخوفات التي كانت تُثار حوله نابعة من غياب المعرفة الدقيقة بمنهجه الإصلاحي، وبأسلوبه في العمل داخل المؤسسات.
والنتيجة التي يحاول النافذون في حزب الأصالة والمعاصرة التستر عنها الآن، هي يُتْمُهُ عن أجهزة السلطة وتجريده من كل غطاءٍ سياسي رسمي، لما أصبح يمثله هو والنافذون فيه من عبء سياسي على كل من ارتبط به في يوم ما.
إن فشل الحزب المعلوم في القيام بما وعد به من أوهام، كان من المفروض أن يفضي إلى إعادة صياغته على أسس جديدة أو انسحابه من الحياة السياسية.
لكن المتنفذين فيه مازالوا يصرون على المكابرة واعتماد سياسة الهروب إلى الأمام، عن طريق بيع الوهم للجميع، وعلى رأسهم الأعيان محترفي الانتخابات. وهنا ننتقل إلى النوع الثاني من الأزمة.
إنها أزمة المنهج عند الحزب في التعاطي مع الاستحقاقات الانتخابية..
في الانتخابات الجزئية لسنة 2008 لجأ الحزب حديث النشأة، إلى ترشيح شخصيات سياسية لا حاضن شعبية لها، فكانت النتيجة مُخيبة للآمال..
فَهِم القائمون على الحزب أن رهان الانتخابات المغربية يمر عبر طريقين: حزب سياسي حقيقي حامل لمشروع إصلاحي وله امتداد شعبي، وهذا ما ليس بمقدور الحزب بفعل عامل الزمن، أو كائنات انتخابية محترفة لها القدرة على انتزاع المقعد بأساليب مختلفة..
لذلك اختار الوافد الجديد الأسلوب الثاني بدعم مكشوف من بعض مراكز النفوذ داخل الدولة، وهكذا قام الحزب آنذاك بمساعدة جزء من الإدارة التي تحالفت معه بتوظيف أعيان الانتخابات وبعض أصحاب المصالح وسرقة مرشحي الأحزاب الأخرى وتوظيف بعض مسؤولي النيابة العامة ورجال السلطة..
الآن، لم يعد من الممكن القيام بهذه الأساليب التحكمية بشكل مباشر، إذ تمت الاستعاضة عن ذلك بأسلوب جديد..
تقوم استراتيجية بيع الوهم على تبني خطاب هجومي صوب رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والعدل والحريات، وهي استراتيجية تستهدف ادعاء سطوة وهمية والظهور بمظهر الحزب القوي الذي لازالت تربطه علاقة وظيفية بمراكز النفوذ داخل الدولة، لعل الحيلة تنطلي أولا على الأعيان محترفي الانتخابات، فينضموا إلى صفوف الحزب المعلوم لإحساسهم بالأمان في صفوفه، ثم من أجل أن تختلط الأمور في أذهان بعض مسؤولي القضاء والإدارة الترابية حتى يغضوا الطرف عن تجاوزات محترفي الانتخابات هؤلاء…
لكن هيهات..لقد انتهى عهد التحكم..انتهى عهد التجول في أروقة وزارة الداخلية بملابس الرياضة.. لا بديل عن ارتداء ربطات العنق الآن ومخاطبة الناس تحت الشمس ..ولو ببيع الوهم للمغاربة..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استراتيجية بيع الوهم استراتيجية بيع الوهم



GMT 16:51 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 16:49 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 16:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 16:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

GMT 16:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

من دفتر الجماعة والمحروسة

GMT 16:41 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

السلام في أوكرانيا يعيد روسيا إلى عائلة الأمم!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

«وباء العنف الجنسي» في حرب السودان

GMT 16:38 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقال نتنياهو بين الخيال والواقع

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 13:12 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت السبت 26-9-2020

GMT 13:22 2021 الأحد ,19 أيلول / سبتمبر

نادي شباب الريف الحسيمي يواجه شبح الانقراض

GMT 06:23 2023 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib