من الوقيعة إلى الخديعة

من الوقيعة إلى الخديعة..

المغرب اليوم -

من الوقيعة إلى الخديعة

عبد العالي حامي الدين

دعوة غريبة تلك التي أطلقها قادة المعارضة لمطالبة السيد رئيس الحكومة بتقديم استقالته، في سياق سياسي، تؤكد فيه جميع المؤشرات على ارتفاع منسوب الثقة في الحكومة من طرف شرائح واسعة من المواطنين وشركاء المغرب الدوليين..

قادة المعارضة البرلمانية يدركون جيدا أن دعوتهم لانتخابات برلمانية مبكرة، كانت ستُؤخذ على محمل الجد، لو أنهم بادروا لإسقاط الحكومة عبر ملتمس رقابة، طبقا لأحكام الفصل 105 من الدستور، أو اقترحوا على السيد رئيس الحكومة إعمال الفصل 104 من الدستور، الذي يعطيه الحق في حل مجلس النواب، بواسطة مرسوم يتخذ في المجلس الوزاري، بعد استشارة الملك ورئيس المجلس ورئيس المحكمة الدستورية..

لكن المعارضة اللفظية عاجزة عن سلك هذا المسلك الدستوري، لأن دعوتها إلى انتخابات مبكرة ليست نابعة من إحساس دقيق بتحول المزاج الشعبي العام، من مساندة الحكومة إلى مساندة اتحاد لشكر أو استقلال شباط أو «بام» إلياس العماري، وإنما راجعة إلى محاولتها دفع رئيس الحكومة المنتصر إلى التسليم بـ»هزيمة سياسية» عجزوا عن صناعتها..

فبعدما فشلت في إحداث الوقيعة بين رئيس الحكومة والمؤسسة الملكية، ها هي تُجرّب وصفة الخديعة السياسية..

جواب الأغلبية عن هذه الدعوة المخادعة أخذ منحى عمليا يعكس مستوى الإحساس بدقة الظرف السياسي، وهكذا تم الإعلان عن تشكيل فريق عمل لبلورة مقاربة جماعية للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، في اتجاه تعزيز العمل المشترك بين مكونات الأغلبية الحكومية المشتغلة في إطار من التفاهم والانسجام والتضامن.

هذا القرار يعكس فلسفة الاشتغال لدى أحزاب الأغلبية، وهي فلسفة قائمة على الإحساس بالمسؤولية تجاه الوضع السياسي الراهن، والإصرار على إنجاح التجربة الحكومية كأغلبية متضامنة أمام محاولات بعض أحزاب المعارضة إفساد المناخ السياسي، من خلال اعتماد لغة التشهير والقذف، واختلاق الوقائع، وتتبع عورات الوزراء وقيادات أحزاب الأغلبية وعورات أقاربهم، كذلك، وملاحقتهم بالأخبار الكاذبة والاتهامات الرخيصة.

لقد نجحت الأغلبية في عدم الاستدراج إلى لغة سياسية منحطة ومستفزة، وصلت إلى درجة اتهام رئيس الحكومة بالولاء لـ(داعش) و(الموساد) و(القاعدة) وتشبيهه بهتلر والقدافي.!

في المقابل، نجحت في بناء خطاب سياسي مبني على قول الحقيقة والرد على أكاذيب الخصوم بالحزم اللازم، وبالمبادرات العملية..

كما نجحت الأغلبية في الحفاظ على انسجامها وتماسكها، وقد ظهر ذلك بشكل واضح أثناء التصويت على مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بمجالس الجهات، ومجالس العمالات والأقاليم، ومجالس الجماعات الترابية، حيث تجاوز عدد الحاضرين المائتين، بينما لم يتجاوز عدد الحاضرين من أحزاب المعارضة سبعة وستين نائبا، وهو ما يعبر عن جاهزية كبيرة  لدى أحزاب الأغلبية لخوض الاستحقاقات المقبلة، ويظهر في المقابل عجز المعارضة وتفككها وانحصارها في المعارضة اللفظية الفاقدة لأية مصداقية، ما يؤشر على ظهور ملامح تعاقد سياسي جديد بين الأحزاب الجادة والمواطنين، تؤكدها الشعبية المتزايدة للحكومة وأغلبيتها..

بطبيعة الحال، لا ينبغي أن نكون واهمين، إذ على أحزاب الأغلبية أن تعبئ صفوفها لمواجهة حرب دعائية لا أخلاق فيها، انطلقت منذ مدة، وستستمر في سياستها التي تتأرجح بين الوقيعة والخديعة، إلى غاية الاستحقاقات الانتخابية المقبلة..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الوقيعة إلى الخديعة من الوقيعة إلى الخديعة



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib