التدخل في اليمن منع الكارثة

التدخل في اليمن منع الكارثة

المغرب اليوم -

التدخل في اليمن منع الكارثة

عبد الرحمن الراشد

كنت كتبت مقالا لليوم، أجزم فيه بأن اليمن مآله التفتيت وحرب أهلية لسنوات، لكن لحسن حظي، وحظ اليمنيين، شن التحالف هجومه بقيادة السعودية أول البارحة، وفاجأنا جميعا. الآن يوجد أمل كبير أن يقبل الجميع بحل سلمي، بما فيهم العصاة من حوثيين وجماعة الرئيس المعزول علي صالح. فقد وصل المتمردون إلى استنتاج سيئ جدا، أنه صار بالإمكان فرض واقع جديد، يحكمون من خلاله اليمن ضاربين بعرض الحائط الاتفاقيات والعهود التي وقعوها. وضعوا الرئيس ورئيس الوزراء وبقية أفراد الحكومة الشرعية تحت الإقامة الجبرية، وبعد إفلات الرئيس والبعض منهم، إلى عدن، قرروا مطاردتهم إلى آخر اليمن وقتلهم. كانت تلك آخر الكيلومترات من العاصمة المؤقتة، تحدد مصير النظام اليمني وشرعيته. وبلغ اليأس من اليمنيين درجة تأكدوا أنها نهاية اليمن، حتى شنت أسراب القوات الجوية هجماتها، عاد الأمل بقيام يمن يشارك فيه الجميع، لأن التحالف موافق على إشراك الجميع في إدارة الدولة ضمن ترتيب أشرفت عليه الأمم المتحدة.
كانت أمامنا خريطة تتمزق لليمن، بلا عاصمة ولا حكومة موحدتين، تعيث في أرجاء البلاد مجاميع مسلحة: حوثيون إيرانيون، «قاعدة»، إرهابيون، متمردون من مسلحي المعزول علي صالح، قوى جنوبية انفصالية، مقاتلو قبائل هنا وهناك. ووسط هذه الفوضى سعى الحوثيون، بشكل خاص، للهيمنة على أكبر قدر ممكن من الأراضي وفرض الأمر الواقع، بأنهم القوة الأكثر تماسكا وزحفا.
وكان توجه ميليشياتهم إلى الممر البحري الاستراتيجي، باب المندب، ومحاولة السيطرة عليه سيعني حرمان السعودية من مرور بترولها وبقية دول الخليج.
وقبل التدخل السعودي - الإقليمي كان اليمن يسير إلى الأسوأ، إلى حرب أهلية عميقة بين القوى المختلفة، وطويلة الزمن. بالفوضى المرعبة، كان الحوثيون ينوون إدارة اليمن. بسلسلة حروب مفتوحة، تكون لهم فيها اليد العليا. الفوضى سياسة مفيدة لأنهم في ظل عدم وجود موارد كافية لإدارة البلاد، حتى لو سيطروا على قطاع النفط. ومن خلال تجربتهم السابقة في الشمال، لا يكلف الحوثيون أنفسهم إلا بالسيطرة العسكرية، لم يعالجوا حاجات المناطق التي استولوا عليها، على اعتبار أن السكان بين فلاحين وموظفي حكومة، كانت العاصمة صنعاء مسؤولة عن دفع مرتباتهم. والوضع في مناطقهم وخارجها بالفعل يعيش مأساة إنسانية خارج متابعة الإعلام. وقد سبق أن أصدرت الأمم المتحدة عدة تحذيرات من خطر المجاعة في كثير من المناطق اليمنية، مع تناقص موارد السكان، وتعطل الحكومة.
التدخل السعودي أوقف زحف الحوثيين وحلفائهم شرقا وجنوبا، وصارت هناك فرصة جديدة لليمن. وما لم تستفد دول المنطقة، والمجتمع الدولي، من التدخل ووقف الانهيار، فإنه لن يكون سهلا منع الفوضى التي ستجعل اليمن الدولة الرابعة حيث تشتعل الحروب وتنتعش فيها الجماعات المتطرفة، بعد سوريا وليبيا والصومال. والذي يجعل اليمن مختلفا عن الثلاث، أن المجتمع الدولي متفق على نظامه السياسي. وما يحدث الآن هو تحطيم للنظام الذي رعته الأمم المتحدة ودول المنطقة، والذي بني بشكل مرن حتى يستوعب جميع القوى السياسية، بما فيها الحوثيون والمؤتمر الشعبي والقوى الجنوبية. والحرب التي شنها المتمردون كان هدفها تخريب النظام وفرض واقع آخر. لكن هذه المرة، السعودية قالت هذه نهاية الحياد السلبي ونهاية السكوت عن إيران، وحان الوقت لتعزيز حكومة مركزية ودولة يمن جديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التدخل في اليمن منع الكارثة التدخل في اليمن منع الكارثة



GMT 18:55 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نقل عدوى لبنان إلى العراق

GMT 18:50 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 18:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نواب هل يجرؤون على حجب الثقة ؟

GMT 18:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 18:43 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 18:41 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غول الترمبية والإعلام الأميركي... مرة أخرى

GMT 18:38 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الصراع في سوريا وحول سوريا

GMT 18:36 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:24 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

ياسمين خطاب تطلق مجموعة جديدة من الأزياء القديمة

GMT 16:53 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الرجاء البيضاوي" يهدد بالاستقالة من منصبه

GMT 00:35 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

أسعار ومواصفات هاتف أسوس الجديد ZenFone AR

GMT 01:34 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

باي الشوكولاطة الشهي

GMT 07:04 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

القطب الشمالي يعدّ من أروع الأماكن لزيارتها في الشتاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib