هذه حرب لها هدف سياسي

هذه حرب لها هدف سياسي

المغرب اليوم -

هذه حرب لها هدف سياسي

عبد الرحمن الراشد


حجم الاهتمام الإقليمي والخارجي بالحرب في اليمن فاق التوقعات، لم تبقَ حكومة أو مؤسسة دولية معنية إلا وكان لها رأي أعلنته صراحة. ومعظمها عبرت عن تفهمها ضرورة حماية النظام اليمني الذي كان يتعرض لعملية تدمير ستدخل اليمن حتما في حرب أهلية طويلة وخطيرة كما يحدث في سوريا وليبيا. 
مر وقت طويل من الصبر على المفاوضات وتقديم التنازلات للمعارضين والرافضين، من أجل المصالحة. لكن عندما لجأ المعارضون إلى استخدام السلاح، واستولوا على العاصمة، وعدد من المحافظات، وحاولوا قتل الرئيس عبد ربه منصور هادي، وقبلها قاموا بسجنه في قصر الرئاسة واعتقال كبار أعضاء حكومته، ولم يبقَ سوى الرد العسكري الخارجي عليهم. هذه حكومة شرعية من دون قوة عسكرية تحميها تواجه عصابة أعلنت صراحة عن نياتها.
هذا ما دفع معظم الحكومات الإقليمية والكبرى تأييد الخطوة العسكرية، ولم يبدأ الهجوم إلا بعد أن استوفت كل الشروط المطلوبة منها، المسوغات القانونية، وبناء تحالف يعبر عن موقف جماعي كبير للدول المعنية، وإشراك المؤسسات الإقليمية مثل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، والحصول على تأييد حكومات رئيسية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، ولم تعترض بقية الدول الكبرى، واعتراف الأمم المتحدة بشرعية الرئيس هادي، وحقه القانوني في الدعوة للتدخل بعد أن طارده المتمردون إلى مقره في العاصمة المؤقتة عدن مهددين بقتله. أغلبية الدّول أيدت صراحة الحملة العسكرية وقدمت لها الدعم.
وهناك من عارض الهجوم مثل إيران وحزب الله، وهو أمر متوقع لصلتهما بالمتمردين منذ البداية. لكن بشكل عام هذه واحدة من الحملات العسكرية القليلة المنظمة سياسيا ودبلوماسيا وقانونيا، وهذا ما جعل معظم الدول المتشككة في البداية تعلن تأييدها في اليوم الثاني.
ورغم أن أسراب الطائرات كانت تقصف مواقع تم تحديدها بشكل مبكّر استهدفت مقرات وقوات المتمردين، فإن الحل السياسي لم يتم استبعاده، وفق ما صاغه ممثل الأمم المتحدة. الهدف الأساسي ليس التخلص من الحوثيين أو المعارضين الآخرين، لأن هذا أمر مستحيل وليس مطلوبا، بل الهدف حماية الدّولة اليمنية، نظاما ومؤسسات وشخصيات، وحماية البلد والشعب اليمني من فوضى الاقتتال والحرب الأهلية. 
الحملة العسكرية لها هدف سياسي كذلك هو دفع كل الأطراف إلى حل تحت مظلة الأمم المتحدة، ووفق ما أجمع عليه كل أعضاء مجلس الأمن. على المتمردين المسلحين أن يدركوا أن الحكومة اليمنية الانتقالية التي لا تملك بذاتها قوة عسكرية كبيرة، تملك ختم الشرعية، وهناك قوة عسكرية أكبر ستحميها إن لزم الأمر. الفصل الثاني سياسي، يلي الحملة العسكرية، بعودة كل الأطراف إلى طاولة التفاوض، والبحث عن حل سياسي لا يستبعد أحدًا.
واليمن كان، ولا يزال، محل عناية مجلس الأمن، وممثل الأمم المتحدّة جمال بنعمر الذي يعمل بلا توقف منذ بداية الثورة، في عام 2011، وإلى اليوم، وهو يقدم تقاريره إلى رؤسائه بشكل منتظم، وهو الذي أشرف على الحل التصالحي بتكليف حكومة مؤقتة ورئيس انتقالي ثم إجراء انتخابات يختار فيها اليمنيون من يشاءون لقيادتهم. 
الرئيس المعزول علي عبد الله صالح والمتمردون الحوثيون وحدهم قرروا تحدي المشروع التصالحي، واستخدموا القوة لتخريب العملية السياسية، والاستيلاء على الحكم، ونشروا قواتهم للقتال في المدن والمحافظات الأخرى لإخضاعها بالقوة. من يفهم القصة اليمنية يستطيع أن يتفهم ويدعم الجهد الأممي ويتفهم ضرورات السعودية، الجارة الكبرى، ومعها بقيّة دول مجلس التعاون الخليجي المعنيّة مباشرة بأمن اليمن، للتدخل عسكريا لدعم الشرعية. 
الذين يحاولون تصوير المعركة على أنها حرب بلا مشروع دولي ولا شرعية، يهمهم فقط إبقاء الاقتتال في بلد يعاني من نقص الموارد وكثافة في السلاح، وعلى حافة حرب أهلية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذه حرب لها هدف سياسي هذه حرب لها هدف سياسي



GMT 18:55 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نقل عدوى لبنان إلى العراق

GMT 18:50 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 18:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نواب هل يجرؤون على حجب الثقة ؟

GMT 18:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 18:43 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 18:41 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غول الترمبية والإعلام الأميركي... مرة أخرى

GMT 18:38 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الصراع في سوريا وحول سوريا

GMT 18:36 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:24 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

ياسمين خطاب تطلق مجموعة جديدة من الأزياء القديمة

GMT 16:53 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الرجاء البيضاوي" يهدد بالاستقالة من منصبه

GMT 00:35 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

أسعار ومواصفات هاتف أسوس الجديد ZenFone AR

GMT 01:34 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

باي الشوكولاطة الشهي

GMT 07:04 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

القطب الشمالي يعدّ من أروع الأماكن لزيارتها في الشتاء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib