الدوحة ستتنازل في الظلام

الدوحة ستتنازل في الظلام

المغرب اليوم -

الدوحة ستتنازل في الظلام

بقلم - عبد الرحمن الراشد

مثل الكتاب المفتوح نتنبأ بخطوات الدوحة، فقد سبق ومارستها في الأزمات المشابهة الماضية. فهي حريصة على إظهار الرفض الدعائي، وتمثيل أدوار بطولية تلفزيونية لا تنسجم مع قدراتها، ولا تعكس حقيقة قراراتها التي تنوي أن تتخذها.

سمعنا أمس قرار قطر رفض مطالب الدول الأربع، لا تصدقوها، لأنها ستتنازل سراً في وقت لاحق. هذا ما فعلته في خلافها مع السعودية عام 2013، ثم كررته في خلافها في العام الذي تلاه. إعلامياً، بالغت في تشددها، ومن خلال الوسطاء أنفسهم، عادت ووافقت على ما طلب منها خلف أبواب مغلقة. استعانت بسمو أمير الكويت وسيطاً، تطلب منه من جديد التدخل ووقف الأزمة دبلوماسياً وحدودياً. وعندما وافقت الدوحة على كل المطالب تلك السنة، بما فيها إسكات قناتها الجزيرة، لم تقل إنه انتقاص من سيادتها. كان شرط أمير قطر الوحيد ألا تعلن تفاصيل الاتفاق، وبالفعل أبقت عليها السعودية سراً إلى أن اندلعت الأزمة الأخيرة قبل أسابيع وخرجت معظم معلوماته الى العلن.

واليوم في احتفالية إعلامية تفاخر وتطبل وتزمر السلطات في الدوحة معلنة رفضها، وتحديها. أمر جيد لو أنها فقط تثبت على موقفها هذا، لكنكم ستسمعون لاحقاً، بعد شهر أو شهرين انها أرسلت خفية وسطاء ومعهم رسالة قصيرة، تقول باستعدادها للقبول بكل الثلاثة عشر مطلباً. النفاق سيتكرر!

قطر يهمها مظهرها، يهمها أن يراها العالم ترفض، ثم ستكون مستعدة للتنازل بعيدا عن الأضواء.

يقول قطري عارف ببواطن الأمور، لا تصدق شيئا، سيتعهدون حتى بالتخلص من قناة الجزيرة وطرد عدد من موظفيها، ولاحقاً سيعلنون عن بيعها، وسيشتريها أحد المحسوبين عليهم، وتبقى تابعة لقطر.

ورأيي الشخصي أنه من الخطأ شمول «الجزيرة» بالمطالب، فهي مجرد وسيلة إعلامية لسياسة الحكومة تتوقف مع توقف سياستها، إضافة إلى أن الكل يعرف أنها لم تعد مؤثرة.

المناورات القطرية ستتكرر بأسلوب مختلف، ففي المرة الماضية تعهد أميرها بالتزامات مطابقة تقريباً لمطالب اليوم. اللائحة السابقة، أيضاً، تضمنت وقف تمويل الجماعات الدينية المتطرفة السعودية، ووقف تمويل حملات الخروج على الدولة التي تدار في الخارج، ووقف الأموال التي تدفعها الحكومة القطرية لسعوديين من رجال دين وإعلاميين وأكاديميين كانت تستخدمهم ضدها، ووقف حملات التحريض الإعلامية، بما فيها «الجزيرة»، وشروط أخرى. حرفياً نفذت قطر للسعودية تعهداتها، أما فعلياً لا. فـ«الجزيرة» توقفت عن انتقاد السعودية لثلاث سنوات متتالية، وكانت كريمة في مديحها للمسؤولين السعوديين، لكنها في الوقت نفسه فتحت محطتين تلفزيونيتين في لندن قامتا بمهمة التحريض ضد الرياض خصوصا الجماعات الإسلامية المتطرفة. وبعد أن توقفت «الجزيرة» عن انتقاد السعودية، بناء على اتفاق الحكومتين، خصصت معظم وقت المحطة للتحريض على السلطات المصرية.

أيضاً، أوقفت سلطات قطر المدفوعات المالية لسعوديين بناء على الاتفاق السابق، لكنها فتحت حسابات مالية جديدة لهم من خلال مؤسسات تابعة لها، ورفعت عدد الذين على حسابها إلى المئات بعد أن كانوا بالعشرات. بالنسبة لشرط عدم إيواء المتطرفين الإسلاميين السعوديين على أرضها قامت قطر بترحيلهم ليعيشوا في تركيا إلى اليوم على نفقتها هناك، وهناك من أبقت عليه في قطر بعد أن منحته جنسيتها!

في رأيي هذه الأزمة حاسمة، فالسعودية ليست وحيدة، بل معها مصر والإمارات والبحرين، وهذا يعطيها موقفاً دبلوماسياً أقوى. وهناك حكومات إقليمية أخرى أيدتها وستظهر موقفها ضد قطر في جولات دبلوماسية واقتصادية مقبلة. وكل هذه الدول متشددة جداً في موقفها ضد التصالح، وضد القبول بأي تعهدات من نظام الدوحة، تريده أن يشعر بالخطر نفسه الذي تسبب به لبقية الحكومات في المنطقة، بإصراره على تمويل الجماعات الإرهابية والمتطرفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدوحة ستتنازل في الظلام الدوحة ستتنازل في الظلام



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 07:41 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إكس" توقف حساب المرشد الإيراني خامنئي بعد منشور بالعبرية

GMT 16:24 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

ياسمين خطاب تطلق مجموعة جديدة من الأزياء القديمة

GMT 16:53 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الرجاء البيضاوي" يهدد بالاستقالة من منصبه

GMT 00:35 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

أسعار ومواصفات هاتف أسوس الجديد ZenFone AR

GMT 01:34 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

باي الشوكولاطة الشهي

GMT 07:04 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

القطب الشمالي يعدّ من أروع الأماكن لزيارتها في الشتاء

GMT 22:53 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المغربي ينجح في اختراق جرائم العصابات المنظمة

GMT 23:47 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلى علوي تستعيد ذكرياتها في الطفولة في "صالون أنوشكا"

GMT 06:26 2016 السبت ,24 كانون الأول / ديسمبر

عبود قردحجي يُؤكِّد أنّ 2017 ستكون مختلفة لمواليد "الجدي"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib