«حماس» وصفقة الخمس سنوات

«حماس» وصفقة الخمس سنوات

المغرب اليوم -

«حماس» وصفقة الخمس سنوات

بقلم :عبد الرحمن الراشد

الحقيقة أنني فوجئت بـ«حماس» هذه المرة، التنظيم والحكم، اللغة والأسلوب، وفوق هذا بالمهارة السياسية. ربما هذه المناسبة الوحيدة التي أطري فيها «حماس»، وأنا، مثل كثيرين، ناقد دائم للتنظيم المتطرف، لما سببه من فوضى وأزمات وما أفسده من فرص، وما ورط فيه شعبه داخل قطاع غزة وخارجه.

في صفقة الهدنة مع إسرائيل أدهشنا في «حماس» أنها أكثر مهارة سياسية من غيرها. بثمن قليل ستكسب كثيرا. في حال نجح الاتفاق تكون قد نجت من عملية خنق، هدفها القضاء عليها، وتبرهن أنها أدهى من منافستها السلطة الفلسطينية، وحتى من حركة «فتح» العجوز التي تحتكر القرار الاستراتيجي الفلسطيني منذ السبعينات.

نحن في انتظار تفاصيل اتفاق «أبو خمس سنوات»، هدنة سلام وصلح بين الجانبين. الحق أنه اختراع «خبيث»، فهو سلام وليس بسلام دائم، اعتراف وليس باعتراف كامل. بموجبه تحصل «حماس» على اعتراف نادر من الإسرائيليين بأنهم شرعية فلسطينية وليسوا مجرد ملحق بحكومة رام الله، وتتعهد إسرائيل بعدم الاعتداء عليها أو على القطاع مقابل أن تتوقف «حماس» عن شن هجمات تحت الأرض أو من السماء، عبر شبكة الأنفاق وقطع الأسلاك والصواريخ والبالونات الحارقة. أيضاً «حماس» أخيراً ستملك مفاتيح معبرين؛ كرم أبو سالم ورفح. وستتم زيادة مناطقها البحرية في البحر المتوسط 12 كيلومتراً أخرى، وسيسمح لها وللسكان بعبور البضائع والأفراد، وستفرج إسرائيل عن عدد من معتقلي الحركة في السجون الإسرائيلية. لقد خدعت «حماس» سلطة رام الله التي تركتها تراهن على الفشل وبالتالي عدم تخريب التفاوض. فالرئيس محمود عباس كان واثقا أن الصفقة بين «حماس» وإسرائيل مستحيلة فاختار التصعيد والتشدد في المواقف. صارت السلطة الفلسطينية هي «حماس»، و«حماس» هي السلطة. في رام الله كان مستشارو أبو مازن يقولون إنهم لن يجتمعوا، وعندما اجتمعوا قالوا من المستحيل أن يتفقوا، وهاهم يتفقون، ولا تزال رام الله تغط في قيلولة.

كانت «حماس» قبل أشهر قليلة تستعطف حكومة رام الله أن تدفع ثمن الكهرباء والهاتف ومرتبات الموظفين لكنها كانت ترفض إلا أن تتسلم الحكم كله في قطاع غزة مقابل دفع فواتيرها. «حماس» قررت بدلاً من أخذ ثمن الفواتير من سلطة رام الله التي تأخذها من إسرائيل، أن تذهب مباشرة إلى المنبع، إلى العدو الذي لا بد من صداقته بد. حصلت على أكثر من ثمن الكهرباء والهاتف تقريباً مقابل لا شيء، خمس سنوات بيات شتوي. وهي، أي «حماس»، أصلاً تعيش هذا الوضع بسبب تداعي نظام الأسد، وحصار نظام خامنئي. ولم يعد لها في هذا العالم الموحش من أصدقاء سوى محمد دحلان والحكومة المصرية، ومن خلال الاثنين استطاعت أن تحصل على أكثر مما كنا نتوقع. كانت التوقعات أن تلزم «حماس» بأن تأتي تحت قيادة السلطة الفلسطينية التي ستقدم مطالبها هي الأخرى من الحركة ومن إسرائيل ثمناً لذلك.

هناك من سيعيب على «حماس» قبولها توقيع هدنة الخمس سنوات وستتحداهم «حماس» أن يقترحوا بديلاً عن هذا الاتفاق في ظل التبدلات الخطيرة في الخريطة السياسية للمنطقة. والذين سيعتبرون الاتفاق محاولة لدق إسفين بين الفريقين الفلسطينيين فإنهم لا يستطيعون أن ينكروا أن العلاقة متصدعة أصلاً وما فعلته السلطة و«حماس» ببعضهما لا يحتاج إلى إسفين للقيام بالمهمة. والذين سيستنكرون على «حماس» قبولها بأن مصر ترعى الاتفاق لا يدركون أنه من المستحيل تحقيق أي اتفاق من دون مصر وبالتالي هذا اتفاق الضرورة.

لماذا وضعت صلاحية الاتفاق خمس سنوات؟ لا نعرف بعد كيف تم حساب الضمانات، وهل المدة تعبر عن اختبار نيات والانتقال إلى مرحلة أخرى أهم لاحقاً، ربما. فإسرائيل لا تثق بـ«حماس» التي دائما تضع اللوم في إطلاق الصواريخ على جماعات مسلحة في غزة خارج سلطتها، ولا «حماس» تثق بوعود إسرائيل لأنها مثلاً قامت باعتقال الذين أفرجت عنهم في صفقة شاليط الشهيرة. خمس سنوات هي فرصة جديدة للطرفين ربما تمهد لتغييرات فلسطينية مستقبلية مهمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» وصفقة الخمس سنوات «حماس» وصفقة الخمس سنوات



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 06:41 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل "سيد الناس"
المغرب اليوم - وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib