«نوبل» لناديا مراد

«نوبل» لناديا مراد

المغرب اليوم -

«نوبل» لناديا مراد

بقلم - عبد الرحمن الراشد

المهاتما غاندي، شخصية تاريخية حظي بشبه إجماع في العالم على احترامه. عرف محباً للسلام وصانعاً له. قاد شبه القارة الهندية نحو بر الأمان، وربما لولا دوره التصالحي لتمزقت في سعيها للتحرر من الاستعمار البريطاني، والأرجح أنها كانت ستغرق في حروب أهلية بين الهنود أنفسهم، وامتداداتهم في الباكستان وبنغلاديش. مع هذا استكثر القيمون على جائزة نوبل للسلام منحه إياها آنذاك، وأعطيت لأناس أقل شأناً! ولم يكن ذلك غفلة من المشرفين على الاختيار، فقد رُشح غاندي لها عام 1937 وتكرر ترشيحه ثلاث سنوات أخرى، ولم يحظَ بانتباه اللجنة الدنماركية إلا بعد اغتياله، حيث أصدرت بياناً تعتذر أنها لم تفعل!
لا نستطيع أن نأخذها دائماً على محمل الجد، عندما نرى أنها قلدت لشخصيات لا تستحقها، وبعضها كانت من نصيب من أسوأ الخلق، وضد السلام، مثل رئيسة حكومة بورما، أونغ سان سو تشي التي غطت عينيها عن جرائم استهدفت أقلية الروهينغا.
وليس هذا التقديم اعتراضاً على منح جائزة نوبل للسلام للناشطة العراقية من الطائفة الإيزيدية ناديا مراد، أو الطبيب الكونغولي دنيس موكويغي، بل العكس، هذه المرة وهي من المرات القليلة أعطيت لمن هم أهلاً لها. ناديا أمضت معظم وقتها منذ إفلاتها من أسر تنظيم داعش الإرهابي تطوف العالم وتظهر على وسائل الإعلام تروي مأساتها، وتعظ داعية لمواجهة الإرهاب، وتبيان مخاطره على العراق والعالم أجمع. لم تحصل عليها لأنها كانت ضحية بل لأنها تحولت إلى داعية سلام، ومواجهة الكراهية ضد الأقليات مثل طائفتها الإيزيدية. فقد أفتى «داعش» بأنها جماعة كافرة، فاستباحت قريتها وقتلت أهلها، ومن بينهم أمها وستة من إخوانها، واغتصبت الطفلة ناديا حينها، وضُمت إلى رقيق وجواري تنظيم الدولة الإرهابي.
جائزة نوبل للعلوم والسلام حدث عالمي سنوي كبير منذ أكثر من مائة عام وقد خصصها صاحبها صانع الديناميت والصواريخ ألفريد نوبل ليكفر عن سيئاته من استخدام اختراعاته في الحروب والدمار. لكنها مع السنين تحولت إلى أداة سياسية تستجيب لحملات شركات العلاقات العامة أو ضغوط القوى السياسية.
المآسي لم تنقص في العالم، ولا فظائع البشر، بل ازدادت مما زاد المسؤولية على اللجنة النرويجية التي ائتمنها نوبل السويدي، لرعاية جائزته للسلام. وعندما نراجع قائمة الذين منحوا السلام نجد أن العديد منهم لا يستحقه، وهذه التي أضعفت المناسبة العالمية التي كانت في يوم مضى مناسبة يحتفى بها عالمياً. هنري كسينجر وزير الخارجية الأميركي منح الجائزة مع نظيره الفيتنامي، وعندما علت الاعتراضات والاحتجاجات على القرار وفشل السلام الذي تم توقيعه وسقطت فيتنام الجنوبية سريعاً بقوة السلاح في يد المقاومة الفيتنامية، أرسل كسينجر للجنة جائزة نوبل يعرض عليهم أن يعيد الجائزة لكنهم رفضوا. الآن عندما يحتج العالم على رئيسة حكومة بورما وأفعالها ويجمع أكثر من ثلاثمائة ألف توقيع تطالب بنزع الجائزة منها فإنها تتحدى العالم حتى من دون أن تتنازل وتقول كلمة تعاطف مع الآلاف من المدنيين من ضحايا جيشها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«نوبل» لناديا مراد «نوبل» لناديا مراد



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 06:41 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل "سيد الناس"
المغرب اليوم - وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib