قتل الناس مثل الحشرات

قتل الناس مثل الحشرات

المغرب اليوم -

قتل الناس مثل الحشرات

بقلم - عبد الرحمن الراشد

في سوريا، هذه ليست المرة الأولى، ولا الثانية، ولا العاشرة، التي يُرش فيها أهالي المدن ويخنقون مثل الحشرات بالغازات الكيماوية.
إن لم تكن حياة آلاف السوريين بذات قيمة عند الذين يتفرجون بلا مبالاة فإن العالم كله في خطر من هذه السوابق التي أصبحت عملاً مألوفاً ومقبولاً بالسكوت عنه وعدم محاسبة المجرمين. السكوت عما تفعله الأنظمة الثلاثة في سوريا سيجعل كل مدن المنطقة مفتوحة للقتل بالغازات مع توسع الحروب وبرودة ردود فعل العالم حيالها.
القتل الجماعي ضد المدنيين بدأ منذ أربع سنوات ولا يزال مستمراً. أول ما سمعنا به في حرب سوريا كان في 19 مارس (آذار) عام 2013 في ضواحي حلب، وتلاها هجوم كيماوي آخر في 29 أبريل (نيسان) في سراقب، وتلاها هجوم على الغوطة في 21 أغسطس (آب)، وبعدها بثلاثة أيام رشت بلدة جوبر، وبعدها بيوم هوجمت كيماوياً صحنايا في 25 أغسطس. كل هذه الهجمات المتعددة والمتلاحقة نفذت في العام نفسه ورغم كثرتها لم يحاسب أحد. ورغم تكرر الجرائم والأدلة ظل النظام السوري ينكر أنها كيماوية، كان يقول إنها مجرد مسرحية إعلامية ومبالغات، مما اضطر المعارضة السورية، بالتعاون مع الأمم المتحدة، إلى جلب جثة ماتت بالسارين ونقلها إلى الولايات المتحدة لتحليلها وثبت قطعاً أنه غاز الأعصاب المحرّم.
المشكلة ليست في توفر الأدلة، وهي كثيرة، وليست في المجرمين الأنظمة الثلاثة، بل في المجتمع الدولي ومؤسساته الذي صار يتجاهل وبشكل خطير سلوك المجتمع الدولي الغريب تجاه جرائم عادة يعتبرها هجوماً عليه وخطراً على الجنس البشري. جرأة الأنظمة الثلاثة، السوري والإيراني والروسي، على استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في سوريا والسكوت عنها، تشجع حكومات وتنظيمات في اللجوء إليها لأنها سلاح رخيص وسهل وفعال ومرعب نفسياً.
لنقارن بينها وبين ردة الفعل على حادثة محاولة اغتيال العميل الروسي في بريطانيا التي ارتكبت فقط نتيجة للاستهانة والاستكانة. فهي لم تكن الأولى، وما سبقها من جرائم تركت بلا محاسبة. فقد مات أحد الروس وهو يركض وطوي ملف التحقيق رغم أن هناك شبهة في أنه قتل بالسم، كان ذلك عام 2012. البوليس أغلق التحقيق. تكررت الجريمة قبل شهر مضى في إحدى الحدائق، عندما وقع عميل روسي مزدوج وابنته من اعتداء غامض استهدف الاثنين، ويعتقد أنه غاز كيماوي للأعصاب. اعتبرته بريطانيا هجوماً خطيراً على أراضيها، وطردت عدداً كبيراً من الدبلوماسيين وأعلنت مقاطعتها بطولة كأس العالم لكرة القدم في روسيا. وما كان للخطوة البريطانية وحدها ثقل كبير، حيث قوبلت بالسخرية في موسكو لولا أن تضامنت معها عشرات الدول في العالم، وفرضت عقوبات على روسيا وطردت عدداً كبيراً من الدبلوماسيين في ردة فعل لم يشهد لها مثيل منذ الحرب الباردة. الآن موسكو تريد الحوار لأنها شعرت بخطر ما حدث ونسب إليها سواء كان فعلاً لها علاقة أم أنها بريئة.
مثل نظام سوريا، فإن إيران دولة لا تبالي بالتضحية بمواطنيها ولا تتردد في القتل الجماعي لمن تعاديهم. مثل إيران لن تتوانى غداً عن اللجوء إلى مخزونها الكيماوي لقتل الآلاف من الناس في كل مكان تحارب فيه، الحروب تزداد ووسائل القتل الجماعي والدمار الشامل لم يعد يعرف حدوداً.
alrashed@asharqalawsat.com

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قتل الناس مثل الحشرات قتل الناس مثل الحشرات



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 03:28 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

يستقبل الرجاء الكوديم والوداد يواجه الفتح

GMT 03:05 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تواركة يعمق جراح شباب المحمدية

GMT 08:39 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها

GMT 02:38 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تسعى لشراء قمح في ممارسة دولية

GMT 19:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 00:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

دبي تعلن عن أكبر صفقة عقارية هذا العام بأكثر من 137 مليون دولار

GMT 15:58 2019 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

المغرب الفاسي يسدد ديون الضمان الاجتماعي

GMT 06:55 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل بروتين لشعرك من "المواد الطبيعة"

GMT 01:31 2023 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

آرون رامسديل يتعرض للانتقادات في آرسنال

GMT 20:41 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

غرف نوم باللون التركواز

GMT 03:47 2019 الأحد ,20 تشرين الأول / أكتوبر

ثعلب وسنجاب بطلا أفضل صورة للحياة البرية لعام 2019

GMT 11:48 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

شخصيات في حياة أحمد زكي والعندليب

GMT 00:01 2013 الأحد ,09 حزيران / يونيو

فقمة القيثارة مخلوق غريب لايتوقف عن الأبتسام

GMT 12:14 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السعادة المؤجلة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib