تصحيح العمالة خطوة إنسانية وذكية

تصحيح العمالة خطوة إنسانية وذكية

المغرب اليوم -

تصحيح العمالة خطوة إنسانية وذكية

عبد الرحمن الراشد

أقل ما يقال عنها إنها منصفة، وفوق هذا تعبر عن عقلانية في التعامل مع مشكلة كبيرة. أعني تلك التي أصدرت بحق المخالفين لنظام الإقامة السعودية، وكانت الحكومة قد بدأت ترحيلهم، ثم تدخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ومنحهم شيئين؛ وقف الترحيل مؤقتا، والسماح لهم بتصحيح أوضاعهم، وفق نظام جديد أكثر عدلا. الحقيقة الرقمية مجهولة، لا أظن أن أحدا يعرف على وجه الدقة عدد الذين لا يحملون إقامات شرعية، والذين يعملون بصفة غير نظامية. تقديرات المختصين أن عددهم 6 ملايين غير نظامي الإقامة، وربما أكثر بكثير، من جنسيات مختلفة من أنحاء العالم. من ناحية، نرى أن توقيف الترحيل الذي أعلن فجأة، وإعطاء ملايين الأجانب فرصة حتى يصححوا أوضاعهم فيه عدل إنساني، وإن لم يكن ضرورة قانونية. أغلبهم قدم للسعودية للعمل، ولاتزال الأعمال مطلوبة والبلد بحاجة مستمرة لخدماتهم، والحاجة إليهم اكيدة بدليل استمرار نشاطهم لكن كان في إطار غير قانوني. ومن الناحية الأخرى، الترحيل ليس حلا سهلا، بل دون تنفيذه بشكل شامل وكامل عقبات يصعب تخيلها. من أجل البحث والترحيل، قد لا يكفي الدولة إمكانياتها الحالية، إلا إذا قررت الاستعانة بالقوات المسلحة كلها، وهذا المهمة ستضع ضغطا رهيبا على كل أجهزتها المختلفة. نحن نتحدث عن ملايين الأشخاص الذين يتطلب ضبطهم والتحقق من معلوماتهم، وجمعهم، وأبعادهم معسكرات تفوق احجامها معسكرات لاجئي سوريا، ويتطلب ترحيلهم اساطيل من الطائرات لن يكفيها عامان لنقلهم! وفوق هذا، ستنشغل مكاتب التوظيف في أنحاء العالم جلبا للمزيد من العمالة الماهرة وغير الماهرة للقدوم إلى المملكة لتعويض من سافر منهم، لنعود من جديد إلى نقطة الصفر. القرار حكيم، وتبعاته الإيجابية أكبر من مجرد شغل الوظائف بمن يحتاجون إليها ونحتاج إليهم، فأغلبية الملايين منهم لا أحد يعرف عناوينهم، ولا نشاطاتهم، ولا يمكن بناء خطط الدولة ويوجد هناك منطقة رمادية خارج الحساب. يستحيل تجاهلها عند التخطيط للعمل، والخدمات، والأمن، والسلامة، من دون معرفة عددهم وتفاصيلهم، كأي مجتمع متمدن يقوم أولا على المعلومات الحقيقية لا التقديرية فقط. ولا بد من الإقرار أن الكثير من الأخطاء في السابق ادت إلى الفوضى والتراكم المليوني الرهيب، ومن المؤكد أن التسامح والموضوعية في فتح الباب لجميع المقيمين غير الشرعيين بالعودة والعمل تحت مظلة نظامية يحمي الجانبين، العامل والمجتمع. القرارات تسمح للفارين والمخالفين الآخرين العودة للعمل، ويسمح لهم أن يختاروا أي عمل يريدونه، وفي أي بيت أو مصنع يشاؤون، طالما أن هناك حاجة لهم. لم يعد هناك مرغمون على أعمال لا يريدونها أو بيوت لا يرضون على اهلها. أيضا، لن يكون هناك شح في سوق العمال، للباحثين عن عمالة في كل المجالات، انتهت مبررات التذمر والشكوى، وصار من حق وزارة العمل فرض الرسوم التي تراها مناسبة على المستقدمين الجدد من الخارج، طالما أنه يوجد في الداخل فائض بملايين العمال، يمكن التعاقد معهم. هذه الخطوة ستغلق مرحلة الفوضى، وننتظر أن تعقبها خطوات تنظيمية توقف تكرارها، مثل رفع اسعار الاجور حتى لا يجد العامل مبررا للهرب بحثا عن سعر أفضل، ويصبح توظيف المواطن مجديا ومنافسا. وكذلك تأسيس شركات متخصصة للوظائف والعمالة، بدل سمأسرة العمالة الذين افسدوا السوق ودمروه. أيضا، إلغاء نظام الكفلاء الفاشل بدليل وجود ستة ملايين خارج القانون، والذي يضع العبء على المواطن والعامل معا، ويساء استخدامه. نظام الشركات المتخصصة ينهي مشكلة المسؤولية، ويحمي كل الأطراف، بما فيها الدولة وتكون هناك جهات مسؤولة ومساءلة. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تصحيح العمالة خطوة إنسانية وذكية تصحيح العمالة خطوة إنسانية وذكية



GMT 19:50 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

نكتة سمجة اسمها السيادة اللبنانية

GMT 19:48 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

اكتساح حلب قَلبَ الطَّاولة

GMT 19:46 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

جاءوا من حلب

GMT 19:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

هو ظل بيوت في غزة يا أبا زهري؟!

GMT 19:39 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

... عن الانتصار والهزيمة والخوف من الانقراض!

GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 19:33 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 19:30 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بعيداً عن الأوهام... لبنان أمام استحقاق البقاء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib