مصر هل يتعظ الجيش والمنتصرون

مصر: هل يتعظ الجيش والمنتصرون؟

المغرب اليوم -

مصر هل يتعظ الجيش والمنتصرون

عبد الرحمن الراشد

الحدث جاء سريعا، وبالضربة القاضية، وعجز الرئيس المعزول، ومعه الإخوان، عن استشعار الخطر رغم أن الموعد مضروب، والحشود تعلن عن برنامجها منذ زمن، والنداءات كانت تتعالى بإسقاط النظام. أعتقد أن الجيش المصري نفسه لم يكن متوقعا أن تمتلئ الشوارع والميادين بهذه الملايين وفي أنحاء الجمهورية، وإن كان حتما قد خطط للتدخل إن أحس بخطر الانهيار، أو الفوضى. الآن، أمامنا فريقان وحدث واحد. منتصرون: ائتلاف المعارضة، يشعرون أن غالبية الشعب معهم، وقد أعطاهم «الشرعية» بنفس الطريقة التي نزعها من الرئيس الأسبق حسني مبارك. وخاسرون؛ الإخوان المسلمون، في حالة عدم تصديق كأي ملاكم يسقط بمثل هذه الضربة السريعة، ويعتقد أنه صاحب «الشرعية» وسيقاتل لاستردادها. الجيش، كونه راعي الثورة الثانية أيضا، أدهش الجميع بقدرته على التخطيط والتدخل، وإجراء عملية استئصال جراحية سريعة ونظيفة، لم نشهد لها مثيلا من قبل. في خلال يوم واحد فقط، سقط نظام كامل، رئيس ورئيس وزراء وحكومة وأجهزتها الكبيرة. وفي يوم نجح الجيش المصري في تعيين رئيس مدني وفق الدستور، أقسم اليمين أمام القضاة والقوى الدينية الرسمية والمدنية، كما امتنع الجيش عن تولي مقعد رئيس الحكومة كما أشيع من قبل، وقال إنه سيبقى أيضا مدنيا. أيضا، تحاشت القيادات العسكرية إطلاق البيانات، وقللت من الظهور على الشعب، ببيان واحد أعلنت فيه عن التدخل وأسبابه. هذا ما جعل الغرب تحديدا، يتردد في وصف ما حدث بأنه انقلاب عسكري، لأن المشهد فيه ملايين من الشعب المصري، فاق عددهم عدد الثورة الأولى، وسلم الجيش البلاد لقيادة مدنية، على الأقل ظاهريا. لكن الخشية أن ينسى ثوار اليوم دروس الأمس القريبة، ويرتكبوا نفس خطأ الإخوان، بالنوم على وسادة ضمانة تأييد الشعب. الحقيقة، الشعب سيكون هو الخصم وليس الحليف، لأن الناس ستتوقع الفرج بعد خلع مرسي ولومه على معاناتهم الاقتصادية وغيرها. ومثلما لم يمنح الشعب مرسي سوى سنة واحدة وأسقطه، فإنه قد يخرج بعد عام، أو أقل، يهتف من جديد.. يسقط الرئيس عاش الرئيس! الدرس الأول: الوقت هو العدو. ولو صح ما سرب في الإعلام، أن المرحلة الانتقالية ستدوم عامين، فإنها غلطة ويكون النظام الانتقالي قد حكم على نفسه بالإعدام. خلال عام، سنشهد عودة الشكوى والمظاهرات، وسيتنازع المنتصرون بينهم على كل شيء، وسيعمل الإخوان، وهم الأكثر احترافا للمعارضة، على تعبئة الرأي العام ضد الجيش والحكومة المؤقتة. على الجيش أن يدفع نحو انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، وقبلها كتابة الدستور الجديد ثم الاستفتاء عليه. الثاني: الصبر على أذى المعارضة فضيلة. رغم «نظافة الانقلاب» فإن الهجوم على الإعلام الخصم وتكميمه كان خطأ فادحا. لا يمكن لنظام في العالم اليوم إسكات النقد. هذه معركة رأي وفكر وعمل ولا بد أن يعبر الغاضبون عن رأيهم، وتكميمه قد يخرس الناس مؤقتا ثم يعودون للصراخ. حتى محطات الحكومة التلفزيونية، أو المحسوبة عليها، ستنتقدها، والتحريض عليها، فهذه طبيعة الإعلام، منبر للأصوات الشاكية، وكذلك الجمهور. الثالث: الأخلاق لا تقل أهمية عن القوانين. أغلبية الناس ضد الظلم والتشفي والقهر والإهانة، والانتقام وما فعل بالرئيس مبارك وأولاده، والمحسوبين عليهم، بعد الثورة الأولى، خلق انقساما، ونقدا ليس منبعه التشكيك في المبررات بل لأنها ضد أخلاق الإنسان المصري. النبل والمروءة والشهامة والتسامح خصال مغروسة في أعماق الناس، ومن تربيتهم حب العفو ومعاملة الخصوم بالحسنى. وهي ليست فقط أخلاق العرب وحدهم، فما فعله المهاتما غاندي في الهند يخلده التاريخ، ونيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، والملك عبد العزيز بعد توحيده للسعودية الذي سامح خصومه وعمق معهم صلة الرحم، وعين عددا منهم في مناصب كبيرة. الرئيس مرسي أخطأ، وكذلك رفاقه، إنما العمل السياسي ليس فيزياء أو رياضيات، بل جملة اجتهادات يندر أن يجمع عليها الناس جميعا. وعلى الجيش والحكومة الانتقالية، أن تبدأ نحو مصالحة عامة تشمل الملاحقين جميعا، وإدخالهم في مشروع مشترك ينهي الأزمة ويؤسس لدولة مؤسسات لمائة عام لا عام فقط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر هل يتعظ الجيش والمنتصرون مصر هل يتعظ الجيش والمنتصرون



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib