التجربتان اليابانية والسعودية

التجربتان اليابانية والسعودية!

المغرب اليوم -

التجربتان اليابانية والسعودية

عبدالرحمن الراشد

في منتصف القرن التاسع عشر كانت اليابان بلدا منغلقا معزولا بسيطا، ودخلت هي والصين في حرب مع الغرب الأكثر تسلحا وتقدما الذي كان يريد فتح أسواق جديدة. الصين خضعت واكتفت بالمتاجرة، أما اليابان فقد قررت البحث عن سر المجتاح والتعامل ثقافيا أيضا، فأرسلت بعثات طلابية للغرب. تلك الخطوة غيرت مسار اليابانيين وحولت بلدهم إلى حديث وصناعي كبير. أما الصين، فقد ظلت مجرد سوق لمنتجات الغرب، وبقيت منغلقة ومتخلفة لعقود طويلة. هذه المقدمة من وحي زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد الذي خص اليابان بأكثر أيام جولته الرسمية. الأمير حضر حفل إحدى جامعات طوكيو، والتقى المبتعثين، وتحدث عن سعي السعودية لنقل العلم والتجربة والتقنية. يدرس في اليابان أكثر من 500 طالب وطالبة أرسلتهم الحكومة ضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله للابتعاث من بين 140 ألفا يدرسون في أنحاء العالم. هذا أعظم مشروع يمكن أن تفاخر به، وبه يمكن أن تغير مستقبلها للأفضل. اليوم السعودية من أغنى الدول، احتياطيها المالي أكثر من 600 مليار دولار، لكنه على الرغم من ضخامته وأهميته للمستقبل، يبقى بناء الشباب أهم من كل احتياطات الدولة النفطية والنقدية. وسبق أن زرت اليابان أيضا مع الأمير سلمان في التسعينات، ولا شك أن قاعدتها العلمية أنقذتها من انهيار أزمة امتدت لأكثر من عقد ونصف العقد. وعلى الرغم من أكثر من قرن ونصف القرن من التقدم، بقيت من أكثر بلدان العالم محافظة على تقاليدها. وشعبها مثير للدهشة ليس تقنيا وصناعيا، بل في نمط حياته وفلسفته. العقل الجمعي الذي يدير به اليابانيون حياتهم ما يميزهم، في انضباطه وتحمله ونجاحه. مصر واليابان تجربتهما الحضارية بدأتا تقريبا في التاريخ نفسه، لكن اليابانية لم تتعثر أو تنقطع على الرغم من الحرب العالمية والدمار الهائل. مصر، نموذجا للدولة العربية، عجزت عن التعامل مع إرث الهزائم والمضي إلى الأمام. والوقت عندما يمضي بلا حلول يضاعف الأزمات. مثلا، كان عدد سكان اليابان في عام 1960 يبلغ 90 مليون نسمة، ومصر 25 مليونا. اليوم، سكان اليابان 127 مليون نسمة، في حين مصر تضخمت إلى نحو 90 مليونا. الفارق في الثقافة. السعودية نحو 30 مليون نسمة، ومع هذا عدد قتلى حوادث الطرق أكثر من سبعة آلاف، أما في اليابان أقل من خمسة آلاف قتيل, ويمكن أن نستنتج أسباب بقية الحقائق؛ الثقافة المحرك الأساسي للتقدم والتأخر. لا يمكن للتجربة السعودية، أو العربية، أن تخرج من أزمتها إلا بمثل هذه المساعي الحضارية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التجربتان اليابانية والسعودية التجربتان اليابانية والسعودية



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib