العنصرية العدو الأول للوطنية

العنصرية العدو الأول للوطنية

المغرب اليوم -

العنصرية العدو الأول للوطنية

عبد الرحمن الراشد


مع أنه شأن اهتم به المجتمع الرياضي السعودي، إلا أن الملك شخصيا تولى مسألة محاسبة أحد الأمراء، عندما تفوّه بعبارات نابية ذات دلالات عنصرية، وأمر بمعاقبته!
وهذه هي الرسالة الثالثة من الدولة في أسبوعين ضد التمييز والتفرقة بين فئات المجتمع؛ واحدة كانت بسبب تغريدة منسوبة لموظف، والثانية ضد ممارسة تمييز طائفي في التوظيف. والنظام، في نصّه وروحه، صريح ضد العنصرية والطائفية، لكن مع هذا الممارسات الفردية، وأحيانا الجماعية، موجودة بيننا حيّة وتتنفس، وتزداد في زمن الشحن الإعلامي، مما يجعل موقف الدولة مهما وضروريا لحماية كل مواطنيها، وكذلك حماية المقيمين على أرضها. وهي بتدخلاتها توجّه البوصلة الأخلاقية، ولا تكتفي بالأنظمة التي قد يصعب فرضها في التجاوزات الاجتماعية.
الملك سلمان بن عبد العزيز برسالته هذه، يرسي قواعد أساسية للحقوق والواجبات بين الدولة ومواطنيها، وبين مكونات المجتمع، وهو بدأ بمحاسبة أحد أفراد الأسرة المالكة، لإيصال رسالة صريحة ضد التمييز والعنصرية، الوطن أهم وأكبر من كل الفوارق. وهي ليست مسألة قوانين فقط، بل من صميم أخلاقنا، فمجتمعنا القديم من تدينه وطبائعه ينبذ الإهانة والإساءة للآخر، وقانون العيب فيه أعظم من قانون الحكومة، لكن هذه الأصول والأعراف باتت تتراجع مع الوقت.
نحن ندرك أنه لا يوجد اليوم مجتمع خالٍ من العنصرية؛ فهي من القواسم المشتركة في الدول الحديثة. وبكل أسف، كلما تمدن المجتمع، بان وعلا فيه التميز بين أفراده، وليس كما يظن البعض بأن المدنية تهذب النفوس والأخلاق. وهناك وسائل متعددة لمحاربته، وخير سلاح هو نشر الثقافة الموجهة لمحاربة التمييز في أي مكون وعنصر، القبيلة والطائفة والجنس والجنسية وغيرها. وتضييق الفوارق يتطلب برنامجا تثقيفيا طويل الأمد، يرسخ روح الوطنية، ويحارب العنصرية على كل المستويات، ومعه برنامج عمل يقوم بشطبه وملاحقته في كل الدوائر، الإعلام والمدارس والوظائف. والعديد من الدول صارت تلجأ لتغليظ العقوبة ضد من تثبت عليه العنصرية، أو التمييز بشكل عام ومتعمد. وتستهدف العقوبات أولاً، المؤسسات، مثل الأندية الرياضية والشركات، لأن مخالفات منسوبيها أو جماهيرها تعتبر محسوبة عليها، فتوقع مخالفة الفرد على الجماعة، لأنهم لم يقوموا بما يكفي للتخلص من النوازع العنصرية بين موظفيهم أو جماعتهم. وليس كل من يلجأ لممارسة التفرقة أو البذاءة العنصرية هم من الرعاع الجهلة، بل نراها كذلك بين أوساط المتعلمين والقادرين، لأنها صارت عادات تنتشر، ومع مرور الوقت أصبحت ممارسات مقبولة، أو «بلطجة» اجتماعية مسكوتا عليها.
وهنا للإعلام، بما فيه وسائل التواصل الاجتماعي، دور كبير في نشر أو محاربة التمييز، وكذلك وضع ما يُنشر ويُذاع فيه تحت المجهر، ومحاسبة المخطئ. هذا سيسهم أخيرًا في تنظيف المجتمع من مثل هذه العاهات التي تتسبب في شق الصف، وتبيح الاعتداء على الآخرين.
والعنصرية المذمومة تشمل أيضا التمييز ضد الأجانب، بكيل التهم الجماعية الظالمة لهم. فالتقول والتهجم الكلامي على البنغاليين والإثيوبيين وغيرهم، بسبب جرائم ارتكبها أفراد من هذه الجاليات، فيه اعتداء صارخ على الأغلبية البريئة. ونحن لا نشعر بمدى ما يلحق هؤلاء الناس من ظلم في حياتهم وعدوان عليهم، نتيجة الدعاية السيئة التي ينشرها الإعلام غير المسؤول. فالتعميم عنصرية مقيتة، والذي عاش منا في الخارج يعرف ويدرك خطأ وخطر مثل هذه الممارسات، لأنها تحرض البسطاء على الآخرين، وتضطهد أضعف الناس في المجتمع، الذين لا حول لهم ولا قوة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العنصرية العدو الأول للوطنية العنصرية العدو الأول للوطنية



GMT 21:07 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادي

GMT 21:05 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

GMT 21:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الآن؟

GMT 21:01 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 20:57 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سلام عليك يا شام

GMT 20:55 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

فريدريش ميرز... وأوان الترمبية الألمانية

GMT 20:53 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

أوراق اعتماد

GMT 20:51 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

دولة صيدنايا!

إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ المغرب اليوم

GMT 07:54 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
المغرب اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
المغرب اليوم - مقتل 54 صحافياً في عام 2024 ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية

GMT 09:49 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة
المغرب اليوم - أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة

GMT 16:08 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إنستغرام تتخلص من التحديث التلقائي المزعج عند فتح التطبيق

GMT 16:24 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 06:43 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أمزازي يؤكد أن الإحباط يحدّ من الرقي بمستوى الجامعات

GMT 20:23 2017 الإثنين ,20 شباط / فبراير

محمد برابح ينتقل إلى فريق نيميخين الهولندي

GMT 01:58 2020 الإثنين ,30 آذار/ مارس

علامة صغيرة تشير إنك مصاب بفيروس كورونا

GMT 06:32 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم في إطلالة جذابة باللون الأسود

GMT 01:51 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين زفاف تُناسب شكل جسم العروس وتُظهر جمالها

GMT 14:27 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

محمود الخطيب يُشعل حماس لاعبي "الأهلي" قبل مواجهة "الترجي"

GMT 06:12 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"إيتون Eaton- واشنطن" عنوان مميَّز للفنادق الفخمة

GMT 14:01 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حياة "غريس موغابي" المرفهة تتحول إلى أمر صعب للغاية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib