بقلم - عماد الدين أديب
دون لف أو دوران لست مع استخدام الدين فى السياسة، رغم ذلك كنت دائماً أتابع بشغف نشاط حركة النهضة التونسية منذ أن بدأت أولى خطواتها عام 1972 وحتى دخولها معترك الحياة السياسية بشكل شرعى فى الأول من مارس عام 2011 بعد رحيل الرئيس الأسبق زين العابدين بن على.
كنت أتمنى -ببراءة شديدة- أن يكون هناك نموذج يستطيع أن تكون له هوية عربية مدنية ينادى بالديمقراطية والاقتصاد الحر ودولة الدستور والقانون كما كان زعيم هذه الحركة الأستاذ راشد الغنوشى يقول ويعلن دائماً.
كان الفيصل الفارق عندى هو هل صاحب أى شعار من اليمين إلى اليسار وما بينهما يؤمن بالدولة المدنية، ويحتكم إلى حكم الدستور ومرجعية القانون، ويؤمن بأن القوة هى للدولة تستخدمها تحت مظلة القانون وأن السلاح هو فقط فى يد السلطة الشرعية المختارة من الشعب؟
ولا بد أن أعترف أننى أصبت بإحباط شديد عندما كشفت السلطات التونسية عن وجود تنظيم سرى وميليشيا عسكرية لحزب النهضة تعمل وتتحرك تحت قيادة الحزب الذى ظل يدعى أنه مدنى ديمقراطى ضد العنف ولا يلتزم إلا بقوة الشرعية والقانون.
كارثة كبرى تلك الثنائية التى تسيطر على كل الأحزاب الدينية التى تدخل معترك الحياة السياسية وتدعى أنها تريد أن تصل إلى السلطة عبر الصندوق الانتخابى وحده ثم نكتشف أنها تريد الصندوق وتريد أيضاً مدفع الكلاشينكوف.
فى إيران حزب حاكم وحرس ثورى، فى العراق حزب أغلبية وميليشيا الحشد الشعبى، فى اليمن أنصار الله وميليشيا الحوثيين، فى مصر تنظيم الإخوان والتنظيمات الدينية الإرهابية التى ظهرت على السطح منذ عهد حسن البنا حتى الآن.
أزمة حركة النهضة، إذا أثبتت التحقيقات والقضاء العادل فى تونس تورطها فى هذه الجريمة، أنها تكون بذلك قد حسمت مسألة فقدان أى أمل فى أن تكتفى أى حركة دينية، مهما ادعت التنوير والانفتاح، بالعمل السياسى دون أن يكون خلفه عمل عسكرى سرى.