للفوز شروط، وللانتصار علامات، وللتفوق فاتورة غالية الثمن، نحن العرب لا نعرفها جيداً.
العالم المتقدم المتطور، يعرف حركة الحياة على أنها حركة وصراع وتنافس بهدف التفوق والتميز.
ومن أجل تحقيق هدف التميز والتفوق يرفع شعار ضرورة الانتصار مهما كان الثمن ويسعى إلى تجنب الهزيمة مهما كانت العوائق.
الفوز يعنى الانتصار، والهزيمة تعنى الإخفاق والفشل، ولا يمكن تسمية الهزيمة «فوز» ولا فوز الغير علينا «فشل».
وتعريف الفوز منذ الحضارة الأنجلوساكسونية أى الـ«النصر» أو «الفيكتورى» بالإنجليزية هو «النجاح أو الفوز على العدو أو الخصم أو المنافس بشكل صريح».
لا يوجد رُبع انتصار أو نصف هزيمة، ولا يوجد لدى الغرب عبارة «انهزمنا ولكن انهزمنا بشرف»!
وهناك فلكلور فى الثقافة الكروية العربية يقوم على مبدأ «انهزمنا ولكن قدمنا تمثيلاً مشرفاً لبلادنا».
عند «الخواجة» المسألة إما نصر أو هزيمة، ولا توجد مسألة التمثيل المشرف هذه التى نعزّى أنفسنا بها دائماً، ونقوم من خلالها بتبرير الأخطاء أو تخدير العقول.
وفى كأس العالم كانت فضيحة الفرق العربية مدوية لأنها ببساطة ليست على مستوى الإعداد الفنى والبدنى والخططى العالمى للعبة كرة القدم.
للأسف هذا هو مستوانا الحقيقى فى اللعبة، وهذه هى النتيجة العادلة لتراكم الخبرة للاعبينا دون تقليل أو إساءة إليهم.
كرة القدم رياضة، والرياضة صناعة وعلم وإدارة وتمويل وتسويق وطب وعلاج نفسى.
إن لعبة كرة القدم أكبر من أن تكون مدرباً ولاعبين وملعباً وشوية فلوس!
واللعبة لا كبير فيها مهما كان عالمياً، تأملوا ماذا حدث مع الفرق التى تقاعست عن دفع فاتورة الإعداد الجيد:
الأرجنتين انهزمت من كرواتيا وقررت إقالة مديرها الفنى.
إسبانيا بطلة كأس العالم قبل الأخير أفلتت بصعوبة من إيران.
فرنسا بطلة أوروبا والعالم سابقاً فازت بشق الأنفس على بيرو.
البرتغال بطلة دول أوروبا وبلد كريستيانو رونالدو كادت تفقد توازنها أمام المغرب.
البرازيل وإنجلترا وألمانيا فى محنة مخيفة!
أما من استعد بقوة للبطولة مثل بلجيكا وكرواتيا وروسيا فهو يجنى ثمار الفوز.
الدنيا، والكون، والصراع، كله إما فوزاً أو هزيمة مفيش «نُص نُص»!
لذلك تجد لدى ثقافة الغرب إما الحصول على الصفقة أو خسارتها، احتلال أرض أو تحريرها، إتمام اتفاقية أو الإعلان عن فشلها، شراء أو بيع، نجاح أو فشل، انتصار أو هزيمة.. هكذا تكون الأمور دون خداع أو دجل أو شعوذة فكرية.
باختصار شديد وممل: «الفوز فوز، والهزيمة هزيمة، ولا شىء بينهما»!!