نحن نعيش فى عالمنا العربى حالة من «الحرب السوفت».
الحرب السوفت هو مصطلح مجازى للتعبير عن حروب صغيرة فى حجم عملياتها لكنها وحشية فى خسائرها البشرية وتأثيراتها فى الدمار للعمران والاقتصاد، وفى نتائجها الإنسانية المؤثرة فى النزوح واللجوء.
والضربات المحددة، أى المينى ضربات، هى الصانعة للحرب السوفت على مسرح عمليات يبدأ من المحيط إلى الخليج من خلال جرائم يشترك فيها أسوأ ما فى العالم العربى والمنطقة والعالم من قوى عرقية ومذهبية وطائفية وتكفيرية مدعومة بالمال والسلاح من أكثر من 80 جهازاً استخبارياً محلياً وإقليمياً ودولياً مزوداً بترسانات سلاح ودفتر حساب مفتوح ومرتزقة بلا ضمير.
«الحرب السوفت» يبدأ رسم ملامحها من خلال قراءة أجندة أحداث وعمليات يوم عادى من أيامنا مثل يوم الأربعاء الموافق 25 يوليو 2018.
تعالوا نستعرض على سبيل المثال وليس الحصر أهم أحداث الحرب السوفت التى نعانى منها يوماً بعد يوم:
1- قبالة سواحل اليمن وعند باب المندب تعرض مرتزقة الحوثيين لقافلة نفط سعودية بهدف التأثير على عمليات نقل الطاقة فى المنطقة وللانتقام من القرار السعودى الأخير برفع الإنتاج إلى 2 مليون برميل يومياً لتعويض توقف التصدير الإيرانى بسبب العقوبات المفروضة.
2- قيام مجموعات إرهابية تنتمى لتنظيم داعش بارتكاب مجزرة مروعة وعمليات انتحارية فى محافظة السويداء فى ريف دمشق، الشمال الشرقى، وهى محافظة ذات مركز رئيسى للطائفة الدرزية السورية ضد المدنيين الآمنين من هذه الطائفة الآمنة الكريمة التى لم تشارك فى الحرب الأهلية السورية.
وتقول التقارير إن نتيجة هذه المجزرة بلغت 220 ضحية من الشيوخ والنساء والأطفال.
3- استمرار العمليات العسكرية عند مدن الساحل الليبى ودرنة وإعلان الجيش الوطنى سيطرته على 90٪ من الأراضى الليبية حسب تقديره.
4- استمرار التوتر السياسى الاجتماعى الطائفى فى البصرة وبغداد وبعض المدن العراقية وبدء الحديث عن تحول رئيسى فى موقف الزعيم الشيعى مقتدى الصدر للدخول فى تحالف سياسى برلمانى قد يؤدى إلى «إفشال مشروع حكومة بلا حيدر العبادى، والنجاح فى تحقيق مشروع اللواء الإيرانى قاسم سليمانى فى الدفع بتحالفات موالية لإيران».
5- تصريح اللواء قاسم سليمانى، وهو جنرال العمليات الخارجية الكبرى للحرس الثورى الإيرانى، فى كلمة له بأحد مساجد طهران، بأننا لا نخشى تهديدات «ترامب» القيام بعمل عسكرى ضدنا، فليأت وسوف يرى ماذا سنفعل معه.
وختم «سليمانى» كلمته: «نحن نعشق الموت».
«داعش» يتوعد بدماء جديدة، وإسرائيل مستمرة فى قصف أهداف فى غزة والجولان وجنوب سوريا، قاسم سليمانى يفتخر بأنه يعشق الموت، والإرهاب التكفيرى لا يتوقف فى سيناء وليبيا والجزائر وتونس، والحوثيون يريدون تفجير أكبر منطقة لنقل ومرور النفط.
قد لا تبدو حرباً عالمية بالشكل التقليدى الذى تعودنا عليه لكنها مجموع حروب صغيرة فى الحجم مدمرة فى النتائج.
وكما قال «كيسنجر» مؤخراً: من لا يسمع طبول الحرب العالمية الثالثة فهو أصم.
نقلا عن الوطن
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع