في وداع لبنان
عاصفة شتوية قوية تضرب شمال أميركا وتتسبب في انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في الجنوب الكشف عن خطة إسرائيلية أعدتها جمعيات استيطانية لإنشاء مدن جديدة وتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية خلال فترة ولاية ترامب قمة دول الخليج العربي تُطالب بوقف جرائم القتل والعقاب الجماعي للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب جماعة الحوثي تنفذ عملية ضد هدف حيوي في منطقة يافا بفلسطين المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي الجيش الروسي يُحرر بلدتي بيتروفكا وإيليينكا في جمهورية دونيتسك الشعبية استشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين في خان يونس بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت اتحاد طنجة لكرة القدم الشاطئية يتأهل إلى مرحلة البلاي أوف من البطولة الوطنية الرجاء الرياضي ينعي وفاة مشجعين للفريق في حادث سير بعد مباراة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا موريتانيا تفرض غرامة ثقيلة على فرع "اتصالات المغرب" بسبب جودة الخدمات
أخر الأخبار

في وداع لبنان

المغرب اليوم -

في وداع لبنان

طلال سلمان رئيس تحرير جريدة السفير اللبنانية
بقلم:طلال سلمان

سأخونك يا وطني

ضع نقطة على سطر التاريخ. لبنان انتهى. الهاوية تتسع. الآلام تتعاظم. الرؤيا عمياء. لا بارقة أمل. الطوائف قتلت لبنان، ولا تريد دفنه، ولا أحد مستعد لوراثة التركة المزمنة.

كان ذلك متوقعاً. شياطين الطوائف عاثت بالتجربة اللبنانية المتهالكة، مرة تلوة مرة، أو مراراً كثيرة. منعت عنه العافية الوطنية. لم يكن وطناً هذا الكيان. كان ملجأ مفترضاً، أضحى مغارة للصوص السياسة وفقهاء التبرير وأبالسة المال وعصابات النهب. ولا مرة كان لبنان وطناً، ولا مرة كان سكانه مواطنين. ولا مرة كان يتقدم، بل كان يتراجع دائماً، حتى بلغ المئة سنة، وهو لقيط لطوائف سامة وطائفيين متمرسين بألاعيب معيبة، وعلنية، وبلا خجل.

حلمنا مراراً أن يصير لبنان دولة، وطناً، او مأوى مناسباً. فشلنا، وكان الفشل ثقيلاً… حلمنا بديموقراطية مقبولة. منعوها. عوّضوا عنها بالتوافقية النفاقية. دربونا على التعصب، وعلى التكاذب. قضوا على أفكار خلاصية، كالمدنية والحرية والمساءلة والمحاسبة والقضاء النزيه، والإنفاق المدروس، والتربية الوطنية وألف صفة من صفات المواطنة… كانوا عباقرة في الإرتكاب. انتزعوا منا كل ما هو جميل ونظيف وإنساني وإجتماعي وتقدمي ووطني. أقاموا لنا زرائب حيوانية، فتحوَّل الكثيرون إلى قطعان طائفية هائجة كثيراً في ساحة، “كالتوريرو”.

الغريب جداً، أنهم يعرفون ما نعرفه عنهم ولا يبالون. يعرفون رأينا فيهم علناً. يعرفون أننا نعرف نهبهم وسرقاتهم وانتماءاتهم وعقولهم الجهنمية وخياناتهم السياسية. إنهم على دين الإرتكاب، والناس خلفهم عل دين ملوكها. وملوكنا “زعماء” كذبة. ماهرون في الكذب والتكاذب، وممثلون يجيدون الخيانة ببراءة كاذبة.

هذا الكيان الذي كنا فيه، أفلس تماماً. خلقياً وعقلياً ومالياً وقضائياً وصحياً وتربوياً وإنسانياً وإجتماعياً. أفلس على الملأ. ومع ذلك يتبارون في الرقص على جثة البلد… كل المحاولات الإنقاذية فشلت. عفواً. أفشلوها بذكاء شيطاني. وكلهم يعني كلهم. لا بريء أبداً في ما بينهم. عباقرة في الإرتكاب.

صدف أن وجد في هذه الجغرافيا الملعونة، أناس مؤمنون بالوطن. حاولوا. فشلوا. صمدوا ثم تبدّدوا. رغبوا ثم خابوا. تأملوا ثم يئسوا. أكثرية الشعب اللبناني مؤلفة من أقليات متنازعة. هؤلاء، لا يصنعون ثورة. يكتفون وبالإعلان عنها شفهياً. لا أحزاب علمانية وديموقراطية وتقدمية. لغتها خشبية. لا نقابات البتة. هياكل عظمية لا روح فيها. النقابات تابعة للطوائفيات.

دلونا على جسم سليم في هذا الكيان السقيم. لا شيء يبشر بفجر. كله كالح. أسود. أو رمادي يعمي العيون ويطفئ القلوب.

وبعد كل ذلك، فما العمل؟

لم يتبق لنا سوى الخيانة.

نعم الخيانة. علينا أن نصل إلى القطعية التامة مع هذا النظام المسخ، هذا الكيان اللاغي للوطن، هذا الوطن الذي يمتنع عن الحضور.

بكل موضوعية، أعلن خيانتي لهذا اللبنان المسخ. أحببناه فكرهنا. قدمناه على الطائفية فتشبث بها. فعلنا ما نستطيع، ولو قليلاً، ولكنه تجنبنا وشرَّدنا. شعبه يملك من الذكاء والعلم والعبقرية الكثير، ولكنه محكوم بعصابات شاطرة جداً في الغزو والفتك والبقاء، وإحاطة مواقعهم بأتباع أحقر من أحقر الكائنات. يحمون محمياتهم بتأصيل التعصب والكراهية، ويتبارون في ارتكاب الزنى السياسي، في فراش الحكم الفاسق.

غداً، سيموت اللبنانيون قهراً وجوعاً وفقراً وعوزاً ومرضاً. لم يبق لسكان هذا الكيان رغيف خبز بسعر عرق الجبين. لا دواء غداً. الإفلاس، الذي ارتكبه الحكام، قديماً وحديثاً، هو نتيجة طبيعية لتراخي الناس ومسامحتهم لزعمائهم. إنهم متهمون بخيانة أنفسهم لصالح مقاماتهم السياسية والمذهبية… كان يشبه مغاور اللصوص.

الكيان الموروث من الإستعمار، فشل المستعمرون في إصلاحه. حاولت فرنسا محاولة خائبة. فشلت بسرعة. كيان مشلَّع بين محاور. هذا الأمر ليس جديداً أبداً. طول عمره موزع بالولاءات بين محاور ومذاهب وبلاد وثقافات. لا شيء يجمعه سوى سرقة البلد وأهله.

هل من إصلاح؟ سؤال سخيف ومنحط. من سيقوم بهذه المهمة؟ الناس؟ أين هم؟ الأزلام؟ لقد قاموا بمهمة التدمير. عبث. لا حل أبداً، لا في الأفق المنظور ولا في الأفق البعيد.

نحبك يا لبنان الذي حلمنا به وطناً. نكرهك يا لبنان الذي هو صنيعة لصوص السياسة. وأفضل ما نقوم به، هو خيانة هذا “اللبنان”، على أمل، قد يكون مستحيلاً، في ولادة لبنان آخر، في زمن غير معروف.

لقد انتهى لبنان. مات. جثته حية ترزق، لأن لا أحد مؤهل لدفنه أو لقيامته.

وعليه، سأخونك يا بلدي الحبيب. وفي عيني دموع، وفي قلبي غصة، وفي أفقي عتمة.

اللعنة، ثم اللعنة، على من قتل لبنان الذي حلمنا به وطناً، وحوَّلوه إلى مبغى.

فوداعاً يا لبنان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في وداع لبنان في وداع لبنان



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 06:38 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة
المغرب اليوم - السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 11:51 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

شهر حزيران تميمة حظ لمواليد برج السرطان

GMT 13:31 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

السفير المغربي سمير الدهر يتعرض إلى السرقة في حي يسيشيكو

GMT 19:54 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

والد حمزة منديل يرفض الرد على اتصالات نجله

GMT 02:43 2015 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

حلى الزبادي بالأوريو

GMT 08:36 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

شركة "تسلا" تبني مصنعًا لإنتاج السيارات الأجنبية في الصين

GMT 08:25 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

نتائج القسم الثاني لكرة القدم بالمغرب

GMT 07:21 2023 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

أبرز النجمات اللواتي ارتدين البدلة الرسمية هذا العام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib