هامبورغ على المفترق بـيــن أســتـانــا

هامبورغ على المفترق بـيــن أســتـانــا

المغرب اليوم -

هامبورغ على المفترق بـيــن أســتـانــا

بقلم - عريب الرنتاوي

لن يكون مصير الجولة القادمة من مفاوضات جنيف، أفضل من مصير الجولة الأخيرة من مفاوضات أستانا، ما لم يطرأ ما ليس في الحسبان، وتنتهي المحادثات الروسية – الأمريكية في هامبورغ على هامش قمة العشرين، إلى نتائج مرضية، أقله لجهة تخفيف حدة التوتر بين الدولتين العظميين، إن لم نقل استئناف التعاون والتنسيق بينهما في الميدانيين السياسي والعسكري.

الموفد الدولي ستيفان ديمستورا، عَمَد عن سبق الترصد والإصرار إلى “تخفيض سقف التوقعات” من جنيف القادم، وهو القادم من محادثات ماراثونية في أستانا، لم تنته إلى توقيع أي وثيقة من قبل الأطراف ذات الصلة، لتنتهي الجولة إلى فشل آخر، يبني على الفشل المتكرر لجولات عديدة سابقة ... وهي الخلاصة التي انتهى إليها رئيس الوفد السوري الحكومي، الدكتور بشار الجعفري، الذي اكتفى بالحديث عن نتائج متواضعة، في تعبير دبلوماسي ملطف عن الفشل.

ليست الولايات المتحدة مسؤولا عن فشل أحدث جولة من المحادثات في العاصمة الكازاخية، فهي هناك بصفة مراقب، والمفاوضات الحقيقية تجري بعيداً عنها ... لكن الولايات المتحدة، لها كلمة حاسمة في مفاوضات جنيف، والأرجح أنها تبوح بها قبل أن تنتهي الإدارة إلى بلورة استراتيجية واضحة حيال سوريا وربما حول الإقليم برمته، وهذا ما ستتضح بعض ملامحه مع اختتام أول قمة بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب.

في أستانا، يعود الفشل إلى عمق الفجوة التي تباعد ما بين الأطراف، وهي فجوة ثقة ومصالح ورؤى وحسابات جيوبوليتيكية معقدة ... فليس من السهل على دمشق أن تقبل و”تشرعن” الانتشار العسكري التركي على ترابها الوطني، وهو الذي اتخذ منذ البداية، شكلاً عدوانياً سافراً، ليس سهلاً على دمشق وحلفائها، التعامل مع أنقرة بوصفها الخصم والحكم.

الشيء ذاته، ينطبق على إيران، التي تخوض حرباً ضروساً إلى جانب النظام السوري ومن موقعه وخنادقه، فليس بمقدور المعارضة وداعميها ورعاتها، أن تقبل بدور إيراني كضامن نزيه لمناطق خفض التصعيد، سيما في ظل اشتداد حالة الاستقطاب والعداء في الإقليم برمته، بتشجيع أمريكي وتحريض إسرائيلي مباشرين.

“الفجوات القاتلة” إلى أفشلت مسار استانا حتى اليوم، تبدو ثانوية قياساً بالفجوات التي تحول دون التوصل حل سياسي شامل للأزمة السورية، تلحظ مطالب مختلف الأطراف ومصالحها وتأخذها بنظر الاعتبار ... وما لم يطرأ “اختراق” على مسار العلاقات الأمريكية – الروسية، فليس مرجحاً أن يشهد أيٌ من مساري أستانا وجنيف، أي تقدم جوهري يذكر.

الأنظار تتجه منذ عدة أيام صوب المدينة هامبورغ، حيث ستلتئم القمة المنتظرة بين بوتين وترامب، وعلى جدول أعمالها الأزمة السورية، من بين ملفات أخرى عديدة، أكثر أوأقل أهمية، وسط تقديرات متفاوتة بشأن النتائج المحتملة لهذا اللقاء المنتظر طويلاً.

والحقيقة أن ليس في أفق العلاقة بين الرجلين والبلدين، ما يدعو للتفاؤل بحدوث مثل هذا “الاختراق” في العلاقات الأمريكية – الروسية ... فـ “المؤسسة” الأمريكية (الدولة العميقة) نجحت في استيعاب ميل ترامب للتعاون مع بوتين والكرملين، والحد من اندفاعته، بل ووضعته في موقع دفاعي، لا يتخطى درء الاتهامات، ولعل قرار ترامب استقبال الرئيس الأوكراني قبل الرئيس الروسي، وعشية لقائه بـ “القيصر” يبعث برسالة سلبية إلى موسكو، ويلقي بظلال كثيفة وكئيبة من الشك والتشاؤم.

لقاء هامبورغ لن ينتهي إلى “اختراق” بيد أنه لن ينفض عن فشل يفضي إلى مزيدٍ من التأزيم غير المرغوب فيه العلاقة الثنائية بين العملاقين، ما يدعو للاعتقاد بأن الأزمة السورية ما زالت بعيدة عن بلوغ ضفاف الحل النهائي، وأن الكلمة الفصل في مقبلات الأيام، ما زالت للميدان والسلاح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هامبورغ على المفترق بـيــن أســتـانــا هامبورغ على المفترق بـيــن أســتـانــا



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 08:47 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تيك توك يتخلص من أكثر من 200 مليون فيديو مخالف خلال 3 أشهر

GMT 02:26 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

احتياطيات ورأسمال بنوك الإمارات تتجاوز 136 مليار دولار

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ميناء طنجة المتوسط يحصل عل قرض من مؤسسة التمويل الدولية “IFC”

GMT 22:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب الطرق تواصل حصد أرواح المغاربة

GMT 21:19 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر

GMT 18:13 2023 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

بلينكن يُعلن دعمه المستمر لكييف في الحرب الروسية الأوكرانية

GMT 05:00 2024 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 13 مارس/ آذار 2024
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib