المسارات الخمسة لخطة ترامب

المسارات الخمسة لخطة ترامب

المغرب اليوم -

المسارات الخمسة لخطة ترامب

بقلم - عريب الرنتاوي

ثمة في أفق المنطقة من المؤشرات ما يكفي لـ “التبشير” بقرب انطلاق مبادرة سلام جديدة، تحمل توقيع دونالد ترامب هذه المرة ... حتى الآن، لا أحد لديه كافة تفاصيل تلك المبادرة ولم تتضح بعد، مرجعياتها وآلياتها، لكن ما رشح ويرشح من مصادر مختلفة، يوحي بأن هذه المبادرة، تستند إلى مسارات خمسة:

المسار الأول؛ الأهم والأخطر، هو المسار الإقليمي الذي طالما تحدث عنه ترامب منذ أن وطئت أقدامه سلالم البيت الأبيض ... المسار الإقليمي يعني من ضمن ما يعني تقوم الدول العربية، معظم إن لم نقل جميع الدول العربية (واستتباعاً الإسلامية) بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وبالتدريج إن تطلب الأمر، وليس بدءا بتبادل السفراء وفتح أبواب

السفارات على مصاريعها بالضرورة.
المسار الثاني؛ اقتصادي، ويقوم على تقديم حزمة من المشاريع والمساعدات التي يمكن من خلالها إقناع أوسع شريحة من الشعب الفلسطيني بأن تغييراً إيجابياً قد يطرأ على حياتهم ومعاشهم.

المسار الثالث، المسار الأمني، وهذا يختص أساسا بالسلطة الفلسطينية، التي يبدو أنه سيطلب منها اتخاذ مزيد من الإجراءات تحت عنوان “مقاومة التحريض” ووقف رواتب أسر الشهداء والأسرى، ورفع مستويات “التنسيق الأمني” إلى غير ما هنالك، هذا المسار يحتمل بدوره تخفيف القبضة الأمنية الإسرائيلية، من نوع رفع حواجز، تسهيل الحركة.
المسار الرابع: المسار السياسي، وهنا يمكن التفكير بمؤتمر إقليمي، بمشاركة دول عربية وازنة، هدفها إطلاق مفاوضات مباشرة، من دون مرجعيات أو “شروط مسبقة”، ومن دون جداول زمنية، وبرعاية أمريكية منفردة.

المسار الخامس؛ وهو ليس مساراً مستقلاً بذاته، بل يستبطن خطوات محددة من المسارات الأربعة السابقة، وهدفه توفير مناخات جديدة بين الجانبين، يمكن في إطارها خلق الانطباع بان تحولاً مهماً قد طرأ.

لأسباب عديدة، أهمها شخصي، ويتعلق بنظرة ترامب لنفسه، بأن الإدارة الأمريكية الجديدة، جادة في فتح الملف الفلسطيني، فالرئيس عين مبكراً فريقه (المتشدد) لإدارة هذا الملف، وبخلاف باراك أوباما الذي لم يبد استعداداً شخصياً للتورط في هذا الملف، وأحاله بالكامل إلى جون كيري، ومن دون إسناد ودعم كافيين، فإن ترامب استبقى الملف في حوزة البيت الأبيض وتحت وصايته الشخصية، ومن دون دور كبير لوزارة الخارجية وزعيم الديبلوماسية الأمريكية فيه.

لكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال، إن النجاح سيكون حليفاً للإدارة بالضرورة، أو أنها ستأتي بمبادرة تلبي الحد الأدنى من مطالب الفلسطينيين الحقة والعادلة والمشروعة .... حتى الآن، لا نعرف ما إذا كان ترامب سينتهج سياسة الخطوة خطوة والمراحل المتدحرجة كآلية للحل، أم أنه سينتهج أسلوب “الصفقة الشاملة” أو “صفقة القرن” كما سماها... الإدارة ذاتها منقسمة على نفسها، وفريق الخبراء والمختصين، لا يقرأون من الكتاب ذاته.

وبفرض أن الرجل سيذهب إلى عرض “صفقة القرن” على الأفرقاء، فهل ستكون هذه الصفقة منصفة ومتوازنة، أم أنها ستعبر عن مشاعره الحميمة والجياشة حيال إسرائيل، وبالذات حيال يمينها المتطرف ... والأهم من كل هذا وذاك، (سؤال المليون دولار) كيف سيتعامل ترامب مع التعنت الإسرائيلي ومحاولات “الترويكا” الحاكمة في إسرائيل إجهاض أي مبادرة وتجويفها، هل سينتقل من وضعية الغزل والتغني بانحيازه لإسرائيل أم أنه سيقدم على ممارسة ضغوط عليها لدفعها للاستجابة لمقتضيات مبادرته وعناصرها؟ ... الرئيس يمتلك القدرة على فعل الكثير في هذا الصدد، فهو ليس مديناً لليهود الأمريكيين، لا بأصواتهم ولا بأموالهم، كما هي حال مرشحي ورؤساء الحزب الديمقراطي... والرئيس، أي رئيس، يمتلك من الصلاحيات والسلطات، ما يجعله قادراً على ممارسة مثل هذه الضغوط، ولقد استخدمها باراك أوباما بكفاءة عالية، حين مضى حتى نهاية الشوط في إبرام الاتفاق النووي مع إيران، بالضد من رغبة إسرائيل ومشاغبات نتنياهو ... هل يفعلها ترامب، وهل يمتلك الإرادة السياسية لفعل ذلك؟

من بين مسارات المبادرة الخمسة المفترضة التي جرى تناولها، يبدو أن التقدم عليها جميعها أمر ممكن، باستثناء المسار السياسي الذي ما زالت تحيط به حقول من الألغام القابلة للانفجار عند أول خطوة خاطئة تخطوها “إدارة غير الرشيدة”، ورئيس اعتاد صنع السياسة والقرارات الخارجية والداخلية، عبر صفحته على شبكة “تويتر” ... إجراءات بناء الثقة، ممكنة، والمسار الاقتصادي مطلوب إسرائيلياً وممكن عملياً، ومرحب به فلسطينياً ... والمسار الأمني شديد التعقيد، حين يتطرق لملفات الأسرى والشهداء الحساسة جداً في ضمير ووجدان الشعب الفلسطيني ... أما المسار السياسي، فالأمر برمته رهن بما سيكشف عنه الرجل، ويقال إنه سيفعل ذلك “بعد العيد”، وليس ثمة ما يدعو للتفاؤل بمحتويات جعبة ترامب وفريقه الخاص بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

أخطر المسارات الخمسة، يتعلق أساساً، بالمسار الإقليمي، والذي يقوم على الشروع في تطبيع عربي (والأرجح إسلامي) شامل مع إسرائيل، قد يبدأ بفتح الأجواء أمام الطائرات الإسرائيلية وتشغيل خطوط الاتصالات المباشر مع إسرائيل (972) وهنا يقال إن دولاً عربية قد اتخذت خطوات عملية بهذا الصدد إثر زيارة ترامب للمنطقة، والتطبيع مفتوح على التنسيق الأمني و”المناورات المشتركة” وتبادل الزيارات، وربما بفتح سفارات ومكاتب تمثيل تجاري ودبلوماسي ... بهذا المعنى، ستكون وجهة النظر الإسرائيلية، قد انتصرت، ويكون العرب قد بدأوا مسيرة الهبوط المتسارع بسقوف مبادرتهم للسلام المقرة في بيروت في العام 2002.

إن تحركت عجلة المسار الإقليمي، كما يخطط ترامب – نتنياهو، فإن معادلة “الانسحاب الشامل مقابل التطبيع الكامل”، تكون سقطت كلياً، وسيكون التطبيع العربي مرتبطاً ومتزامناً مع إجراءات بناء ثقة وخطوات جزئية سيجري الإقدام عليها من قبل إسرائيل تحت ستار كثيف من الأوهام والأضاليل حول استئناف عملية السلام .... وستكون الأبواب فتحت أمام “الحلف الشرق أوسطي الجديد” المقرر تفعيله العام المقبل، قبل ومن دون أن تضع إسرائيل حداً لاحتلالها أو توقف استيطانها.... قبل ومن دون أن يتمكن الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية المشروعة، كما حددتها وعرفتها مبادرة بيروت.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسارات الخمسة لخطة ترامب المسارات الخمسة لخطة ترامب



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib