خطوط واشنطن الحمراء في سورية

خطوط واشنطن الحمراء في سورية

المغرب اليوم -

خطوط واشنطن الحمراء في سورية

بقلم - عريب الرنتاوي

السؤال حول “جدية” الخطوط الحمراء في سوريا، يعود لطرق الأذهان في ضوء تطورين نوعيين حدثا خلال الأيام القليلة الفائتة ... الأول، ويتعلق بوصول وحدات من الجيش السوري و”القوات الرديفة” إلى خط الحدود مع العراق شمالي “التنف” ... الثاني، ويتصل بوصول الجيش السوري و”القوات الرديفة” إلى درعا كذلك، وسط معلومات عن وجود مقاتلين لحزب الله في حي المنشية أو على مقربة منه.

بالنسبة للتطور الأول، كنا تحدثنا من قبل عن معادلة “التنف مقابل البوكمال” ... لا ندري إن كانت هذه هي حقيقة التفاهمات الروسية – الأمريكية فعلياً أم لا، ولكن وصول الجيش السوري إلى مناطق الحدود مع العراق، يعني واقعياً على الأرض، أن الولايات المتحدة، لم تكن جادة في مشروعها لقطع “الحزام البري” الإيراني، وإسقاط محاولة طهران، خلق طريق واصل بين بحري قزوين والمتوسط.

بالنسبة للتطور الثاني، لا شك أن وصول “القوات الرديفة” إلى منطقة درعا، كما تقول مصادر مقربة من دمشق، شديدة الاطلاع، وإن لم تكن لدينا مصادر ثانية تؤكد أو تنفي المعلومة يعني أن إبقاء حلفاء إيران وحلفائها خارج شريط بعرض 70 كم في الداخل السوري، لم يعد بدوره خطاً أحمر، أردنياً وإسرائيلياً، واستتباعاً خطاً أحمر أمريكياً.

في الحالتين، وقفت روسيا إلى جانب حلفائها، في الجبهة الشرقية – الجنوبية، حمل الكرملين بقوة على الضربات الجوية الأمريكية لقوات الجيش السوري وحلفائه، واتهمت واشنطن بـ “الاستعانة” بداعش من أجل منع تقدم حلفائها، وحملتها مسؤولية “توظيف” داعش في حربها للسيطرة على أجزاء واسعة من سوريا، سيما بعد أن تأكد لموسكو، أن داعش وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” توصلا إلى اتفاق يقضي بترك ممرات آمنة لمقاتلي التنظيم للانسحاب صوب دير الزور والبادية الشرقية، وهي معلومات استتبعت بأخرى، لا تستبعد أن يقضي الاتفاق بقيام داعش بإخلاء الرقة، وتأمين خطوط انسحابها لمقارعة الجيش السوري وحلفائها الإقليميين والدوليين.

وفي الجنوب، والجنوب الغربي، لطالما تحدثت موسكو عن تفهمها للمخاوف الأمنية الأردنية والإسرائيلية ... لكن ذلك لم يمنع سلاح الجو الروسي من تقديم التغطية الكاملة لقوات الجيش والميليشيات الرديفة له، من اجتياز الخطوط الحمراء، والتفكير بمواصلة التقدم إلى مناطق حدودية أردنية، بدءاً بالجمرك القديم بين درعا والرمثا ... الأمر الذي يثير عدة أسئلة دفعة واحدة، وتتعلق جميعها بصحة أو عدم صحة وجود تفاهمات روسية – أمريكية مفصلة على هذه المحاور والجبهات، وبمدى التزام موسكو بتعهداتها لواشنطن وحلفائها في المنطقة، وتحديد عمان وتل أبيب، فيما خص الميليشيات المحسوبة على إيران وحزب الله.

التطورات المتسارعة على جبهتي الجنوب والشرق، تطرح تساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن ماضية في استعدادها لخوض الحرب ضد داعش حتى النهاية، حتى وإن تطلب الأمر الانزلاق إلى مواجهات أكبر ... كما أنها تطرح تساؤلات عمّا إذا كانت للمضي في مسعاها لملء فراغ داعش، مع كل ما ينطوي عليه من مخاطر الانزلاق إلى مواجهة أوسع وأشمل مع موسكو وطهران ودمشق والضاحية الجنوبية ... حتى الآن، ليس في أفق واشنطن أي مؤشرات دالّة على وجود نوايا من هذا النوع.

ولقد كان لافتاً أن البيت الأبيض نفسه، سبق وان تقدم بالشكر الواجب لموسكو لتعاونها المخلص على الجبهة الجنوبية ... لا أدري ما الذي قصده الناطق باسم البيت الأبيض، وهل كان يعني تحديداً عدم سماح موسكو لحلفائها بالتوجه فوراً صوب “التنف”، أم أن واشنطن كانت تقصد فصولاً أخرى، أكثر عمقاّ مما عرفنا ونعرف ... لكن المؤكد أن موسكو وهي تنسق مع واشنطن، لا تدير ظهرها لحلفائها على الإطلاق، كما يتبدى حتى الآن في حقلي السياسة والديبلوماسية وفي ميادين الحرب والقتال.

وربما يفسر الموقف الروسي سبب هذا الحجيج العربي، الخليجي بخاصة، صوب موسكو، التي باتت لاعباً لا يمكن القفز من فوقه، حيث تفيد المعلومات، بأنه يجري اختبار مدى استعداد “القيصر” للدخول في صفقات على طريقة نظيره الأمريكي الذي برهن أنه قابل لـ “لحس” جميع مواقفه السابقة، إن وجد من يدفع الثمن ويبرم الصفقات التي تدر بمليارات الدولارات، ويوفر فرص عمل إضافية لألوف الأمريكيين... التجربة السابقة مع “القيصر” لم تكن ناجحة، ولكن من قال إن المحاولات القادمة لن تنجح؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطوط واشنطن الحمراء في سورية خطوط واشنطن الحمراء في سورية



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:45 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية
المغرب اليوم - أول رد فعل من داود حسين بعد إعلان سحب الجنسية الكويتية

GMT 08:47 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تيك توك يتخلص من أكثر من 200 مليون فيديو مخالف خلال 3 أشهر

GMT 02:26 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

احتياطيات ورأسمال بنوك الإمارات تتجاوز 136 مليار دولار

GMT 03:01 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدفاع الجديدي يهزم حسنية أكادير

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ميناء طنجة المتوسط يحصل عل قرض من مؤسسة التمويل الدولية “IFC”

GMT 22:42 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب الطرق تواصل حصد أرواح المغاربة

GMT 21:19 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر

GMT 18:13 2023 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

بلينكن يُعلن دعمه المستمر لكييف في الحرب الروسية الأوكرانية

GMT 05:00 2024 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 13 مارس/ آذار 2024
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib