الأسدنتنياهو والإحساس بـ «فائض القوة»

الأسد-نتنياهو والإحساس بـ «فائض القوة»

المغرب اليوم -

الأسدنتنياهو والإحساس بـ «فائض القوة»

بقلم - عريب الرنتاوي

هذه المرة، تبدو الصورة مختلفة تماماً ... إسرائيل سبق ونفذت عدة ضربات جوية وصاروخية، وقارفت عدة اغتيالات معلومة وغير معلومة على الأرض السورية، لكنها المرة الأولى التي يعلن فيها الجيش الإسرائيلي، فوراً ورسمياً عن مسؤوليته عن هذه الضربات، وبصورة تنطوي على تهديد بتنفيذ المزيد منها.

وهي المرة الأولى التي تتصدى فيها دفاعات أرضية سورية للطائرات الحربية الإسرائيلية، وتطلق صواريخ من منظومة “إس 200” ضد طائرات العدوان، وتتصدى فيها منظومة “حيتس” المضادة للصواريخ، وتُسقط بعضها فوق الأراضي الأردنية والفلسطينية المحتلة، بل وهي المرة الأولى، التي يعلن فيها الجيش السوري عن تصديه لهذه الغارات، وبصورة “تشفّ” عن الاستعداد لتغيير قواعد الاشتباك من الجانبين.

نتنياهو مزهواً بالدعم غير المسبوق التي حصل عليه من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومدفوعاً بشغف غير محدود، في تظهير إيران وحلفائها كخطر استراتيجي يهدد أمن المنطقة واستقرارها، مدغدغاً بذلك، مشاعر ومواقف ترامب وبعض العواصم العربية ... نتنياهو في مثل هذه الظروف، يشعر بـ “فائض قوة” يمكنه من قطع مسافة أبعد في اعتداءاته المتكررة على سوريا وحلفائها.

في المقابل، فإن الأسد المزهو بانتصارات قواته على أكثر من محور، والمطمئن لبقائه في “عرينه”، والمتكئ على وجود عسكري كثيف لحلفائه من روس وإيرانيين من حوله وعلى مرأى بصره وسمعه، بات يستشعر “فائض قوة” أيضاً، يمكنه من رفع مستوى الرد على الاعتداءات الإسرائيلية، وتوجيه رسائل ذات مغزى، للداخل والخارج ... للداخل، مفادها أن لصبره على العدوانات الإسرائيلية حدوداً، وأنه بات في موقع يؤهله تغيير قواعد الاشتباك، وخارجياً مفادها أن الأزمة السورية مفتوحة على احتمالات مواجهة وتصعيد، ستشمل أطرافاً أخرى، إن لم تجر الاستجابة لمقتضيات الحل السياسي للأزمة، كما تراها دمشق وحلفاؤها.

كلا الجانبين حققا أهدافهما بمجرد عودة الطائرات الحربية الإسرائيلية إلى قواعدها وانطلاق الصواريخ السورية والصواريخ الإسرائيلية المضادة للصواريخ ... نتنياهو أكد أن أحداً لن يكون بمقدوره إبقاء يديه مغلولتين إلى عنقه في سوريا، فهو يضرب في كل زمان ومكان، ولديه خطوط حمراء سيسعى دائماً في فرض احترامها، وأهمها على الإطلاق، منع وصول سلاح “كاسر للتوازن” لغريمه اللدود: حزب الله، ومنع الأخير من بناء قواعد قوة له ولحلفائه على مقربة من الحدود مع الجولان المحتل.

والأسد بدوره، أظهر أنه ليس “دمية” في يد موسكو، وأن تفاهماتها مع تل أبيب لا تقيده تماماً، وأن لديه هامش حركة ومناورة يمكن استغلاله، ودائما في إطار “الدفاع عن السيادة” ... والأسد أظهر أن تهديداته بالرد في الوقت والزمان المناسبين، ليست كلاماً في الهواء، بل قد يكون مقروناً بالأفعال، وإن صحت الأنباء أن ثمة صاروخ “أرض – أرض” قد انطلق ضد أهداف إسرائيلية، فإن رسالة الأسد ستكون حملت معنى مزدوجاً: لن نكتفي بالتصدي للطائرات المغيرة، بل سنرد بضربات صاروخية إن اقتضى الأمر.
لا مصلحة لكلا الجانبين في الانزلاق إلى مواجهة شاملة، فالتصعيد من الجانبين مضبوط ومحسوب، لكن قواعد الاشتباك القديمة لم تعد صالحة كما يبدو ... إسرائيل لم يعد بمقدورها الضرب في العمق السوري دون أن تخشى ردات أفعال مقابلة، وثمة محاولة لإرساء قواعد اشتباك جديدة، من الجانب السوري على الأقل، تقوم على قاعدة لكل فعل إسرائيلي ردة فعل سورية، فهل ستستلم إسرائيل لهذه القواعد الجديدة؟ ... وما الذي ستفعله للعودة إلى الاستباحة غير المكلفة للأجواء السورية؟

لا شك أن التصعيد المفاجئ في الأجواء السورية – الإسرائيلية، والتي بلغت شظاياه الأراضي الأردنية، قد أشعل العشرات من الأضواء الحمراء في غرف صنع القرار في العواصم الإقليمية والدولية، ولا شك أن من مصلحة الأطراف الفاعلة العودة لاحتواء التصعيد ومنع انزلاق الأطراف في أتون مواجهة أوسع، وأحسب أن جهوداً كثيفة قد بدأت تُذبل بالفعل، لاحتواء الموقف، والأرجح أنها ستعطي ثمارها المرجوّة، فسوريا باتت مقصداً لعدد كبير من الجيوش الإقليمية والدولية (روسيا، تركيا، إيران، الولايات المتحدة، بريطانيا وربما غيرها)، وأي خروج غير محسوب عن قواعد اللعبة، سيفضي إلى نتائج كارثية على الجميع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسدنتنياهو والإحساس بـ «فائض القوة» الأسدنتنياهو والإحساس بـ «فائض القوة»



GMT 19:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:29 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 19:26 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 19:25 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

خطيب العرابيين!

GMT 19:20 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 19:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل؟!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
المغرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
المغرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:08 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أنغام ترد على اتهامها بتدبير الهجوم على شيرين عبد الوهاب
المغرب اليوم - أنغام ترد على اتهامها بتدبير الهجوم على شيرين عبد الوهاب

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
المغرب اليوم - الكشف عن قائمة

GMT 16:38 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

إضافة 408 هكتارات من الحدائق والمساحات الخضراء في بكين

GMT 10:48 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

جنون الريمونتادا

GMT 12:35 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

امرأة تعقد عقد جلسة خمرية داخل منزلها في المنستير

GMT 04:14 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ارتفاع سعر الدرهم المغربي مقابل الريال السعودي الخميس

GMT 10:06 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الطاعون يلتهم آلاف المواشي في الجزائر وينتشر في 28 ولاية

GMT 03:21 2019 الجمعة ,25 كانون الثاني / يناير

إعادة افتتاح مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك

GMT 10:21 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

فضيحة جنسية وراء انفصال جيف بيزوس عن زوجته

GMT 09:04 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

والدة "راقي بركان" تنفي علمها بممارسة نجلها للرقية الشرعية

GMT 05:06 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

جمهور "الجيش الملكي" يُهاجم مُدرّب الحراس مصطفى الشاذلي

GMT 06:44 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

"Il Falconiere" أحد أجمل وأفضل الفنادق في توسكانا

GMT 00:44 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشف قائمة أفخم الفنادق في جزيرة ميكونوس اليونانية

GMT 15:10 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

شركة دودج تختبر محرك سيارتها تشالنجر 2019

GMT 19:15 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

يوسف النصري علي ردار فريق "ليغانيس" الإسباني
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib