عن كورونا والإسلام السياسي

عن كورونا و"الإسلام السياسي"

المغرب اليوم -

عن كورونا والإسلام السياسي

بقلم - عريب الرنتاوي

هل تتحول "جائحة كورونا" إلى فرصة جديدة لحركات "الإسلام السياسي" في المنطقة؟ ... سؤال يقفز إلى الأذهان ونحن نراقب الجدل الدائر حول مرحلة "ما بعد كورونا"، ونرقب تحولات العالم الذي لن يبقى كما كان عليه من قبل.
 
ليس ثمة من إجابة واحدة على هذا السؤال، بيد أن كاتب هذه السطور، يجادل بما يلي:
من بين كافة المؤشرات التي تزحم الدراسات والتحليلات عن "عالم ما بعد كورونا"، يبدو أن واحدٍ منها، بات شبه مؤكد، ويحظى بإجماع الباحثين والمحللين: جيوش العاطلين عن العمل، ستفاقم أزمات الفقر والجوع والعوز، الانكماش الاقتصادي سيوسع جيوب الفقر، بل ربما يكون من الصعب استخدام مصطلح "جيوب" بعد أن "يتسع الفتق على الراتق"... بعض حكومات الإقليم وأنظمته، أظهرت بؤساً في أدائها لكبح الجائحة، والمرجح أنها ستبدي بؤساً أشد في السعي لاحتواء تداعياتها على الاقتصاد ومعاش الناس.
 
يخلق ذلك، أسباباً موضوعية لعدم الاستقرار، بل ويعزز من فرص اندلاع الاحتجاجات والانتفاضات، في سياق "الربيع العربي" بموجاته المتعاقبة، أو ربما في سياقات جديدة، قد تشق طريقها، تحمل في طياتها من معاني الفوضى والفلتان، أكثر مما تعد به من بشائر التغيير والإصلاح المنشودين.
 
فراغ الحكومات والأنظمة، وعجزها على توفير الخدمة والمعاش اللائق، سيشجع حركات "الإسلام السياسي" على اختلاف مدارسها ومذاهبها، على القفز فوق خشبة المسرح، وتجديد حضورها الذي انحسر كثيراً منذ المنقلب الثاني للعام 2013، وتحت ضربات عواصم إقليمية ودولية مقتدرة، نفذت من شقوق سوء الإدارة وبؤس "نظرية التمكين" الاخوانية، وانكشاف المجاميع السلفية الجهادية، بوصفها قوى مجرمة، كـ"النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله".
 
وهي القوى صاحبة الموروث التاريخي والخبرات المتراكمة والتجربة الأطول والأعمق، في مجال العمل الإغاثي/الاجتماعي/التربوي/ الخيري/ الدعوي، المتوفرة برغم التضييق، على "بنية تحتية" قابلة للإنعاش والانتعاش، ما أن تتاح لها الفرصة لفعل ذلك، وما أن تخف "القبضة الأمنية" التي تحيط بها من جهاتها الأربع.
 
ولأن القوى المدنية والحركات الشبابية والاجتماعية الحديثة، التي لعبت دوراً "تفجيرياً" و"تمهيديا" في موجتي الربيع العربي الأولى والثانية، عجزت عن التنظيم والانتظام في تحالفات وائتلافات عريضة، لـ"تخرج من المولد بلا حمص"، ولأنها ما زالت كذلك برغم الدروس الصعبة لتجربة السنوات العشر الفائتة، فإن التاريخ مرشح لأن يعيد نفسه من جديد... وعندما ستكون الفرصة الذهبية قد توفرت لهذه الحركات، من قام منها بمراجعة تجربته، ومن "لم تبدّل تبديلا"، لكي تعاود نشاطها، وتسعى في "ملء الفراغ القاتل" لمؤسسات الدولة المترهلة ... عندها سنكون أ مام موجة جديدة من موجات "الإسلام السياسي"، بعد أن ظن البعض منا، أن العالم العربي قد دخل مرحلة "ما بعد الإسلام السياسي"، وهي النبوءة التي اعتبرناه في حينه، سابقة لأوانها.
 
ليس هذا السيناريو قدراً لا رادّ له، إن تعلمت الأطراف دروس الحقبة السابقة، إن استيقظت الأنظمة والحكومات على الحاجة للحكم الرشيد وتوسيع المشاركة وقبول التعددية ومحاربة الفساد وتوظيف الموارد في مطارحها ... ليس هذا السيناريو قدراً، إن أدرك الفاعلون المدنيون والديمقراطيون الضرورة الوجودية للتنظيم والانتظام وتوحيد الصفوف وتغليب المشتركات ... لكننا غير متفائلين لا بالتطور الأول على مسار الحكومات والأنظمة ولا بـ"يقظة العقل" عند الفريق الثاني ... وربما لهذا السبب بالذات، نعتقد بأن "كورونا" التي حملت أصعب التحديات لدولنا ومجتمعاتنا، تحمل في طياتها أهم الفرص لتيار "الإسلام السياسي" بعد سنوات سبع عجاف من التراجع والانكماش.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن كورونا والإسلام السياسي عن كورونا والإسلام السياسي



GMT 15:33 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر عربي اخترته للقارئ

GMT 15:29 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

شعر المتنبي - ٢

GMT 15:18 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي - ١

GMT 23:58 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

شعر جميل للمعري وأبو البراء الدمشقي وغيرهما

GMT 21:18 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أقوال بين المزح والجد

صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

الرياض - المغرب اليوم

GMT 19:50 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود يسيطر على أزياء السهرة
المغرب اليوم - اللون الأسود يسيطر على أزياء السهرة

GMT 10:32 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

شهيرة تشن هجوماً شرساً على منتقدي الفنانين
المغرب اليوم - شهيرة تشن هجوماً شرساً على منتقدي الفنانين

GMT 20:25 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

عادل تاعرابت يعود كأساسي في فوز بنفيكا على "لخ بوزنان"

GMT 10:33 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

جمال المرأة له نفس تأثير المخدر على مخ الرجل

GMT 08:02 2017 الإثنين ,27 شباط / فبراير

"HP" تكشف عن حاسبها الهجين "Pro x2 612 G2"

GMT 00:13 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أنغام تكشف تفاصيل استعدادها للحفلات لترضي جمهورها

GMT 13:55 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

زينة الداودية ضيفة برنامج "رشيد شو"

GMT 23:20 2017 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

6 قواعد إتيكيت أساسية قيادة السيارة في الشوارع

GMT 21:16 2017 الأربعاء ,06 أيلول / سبتمبر

جزائريون يقودون حملات لوقف الإبادة ضد مسلمي بورما

GMT 05:10 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تؤكد حظر صيد سمك الحفش في بحر قزوين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib