نكسات متناسلة

نكسات متناسلة

المغرب اليوم -

نكسات متناسلة

بقلم -عريب الرنتاوي

التحالف العربي الذي خسر الحرب في اليمن، أمام إيران وحلفائها، يتجه اليوم لخسارة الحرب في ليبيا أمام تركيا وحلفائها... نكسة حزيران أمام إسرائيل التي استرجعنا ذكراها الثالثة والخمسين قبل أيام، تتناسل اليوم، مزيداً من الهزائم والنكسات وليس بعيداً – على ما يبدو- ذاك اليوم، الذي سيُمنى فيه الأمن القومي العربي بنكسة إضافية، حين تحكم أثيوبيا سيطرتها على صنابير مياه النيل و"حنفياته".
 
إيران تفاخر بسيطرتها على أربع عواصم عربية: بغداد، دمشق، بيروت وصنعاء ... وأردوغان يتبجح بعظمة إنجازات جيشه في كل من العراق وسوريا وليبيا (نسي الإشارة لقواعده في الخليج والبحر الأحمر) ... أما نتنياهو، فيتباهى بعمق روابطه وصداقاته على امتداد الأرض والأجواء والمياه العربية، ومن المحيط إلى الخليج، ومن ورائها مساحات واسعة من العالم الإسلامي، أيُ خزي هذا؟
 
لم يكن الأمن القومي العربي مستباحاً كما هو عليه اليوم، مراكز القوة والقيادة فيه، قديمها وجديدها، تخرج من فشل إلى فشل، ومن نكسة إلى أخرى ... لا هي قادرة على كسب الحروب والمعارك، ولا هي قادرة على إبرام الصفقات وعقد التسويات، لا في نزاعاتها البينية، ولا في صراعاتها مع جوار الأمة الإقليمي ... جيوش تُسمّن، وتسخر لها اقتصادات البلاد والعباد، ومئات مليارات الدولارات تنفق سنوياً على شراء الأسلحة من مختلف مصادرها الكونية، جنرالات واستعراضات ونياشين وأوسمة، لكن حصيلة ذلك كله، لم تزد عن "صفر مكعب"، لكأننا نزرع الريح فلا نحصد سوى العواصف.
 
وحدة اليمن، باتت فصلاً من التاريخ، بعد سنوات خمس عجاف من الحرب المدمرة فيه وعليه، والسؤال الدائر اليوم هو: كم "يمن" سيجري "تفصيله" من الركام والخرائب ... ليبيا دخلت عصر "المكونات"، والمبادرات المطروحة بشأنها تستبطن الفيدراليات الثلاثة، توطئة للتقسيم والتقاسم ... و"اللبننة" التي كانت استثناء في سبعينات القرن الفائت، صارت "عرقنة" و"سورنة" و"يمننة" و"لبلبة" وإلى غير ما هنالك من اشتقاقات صعبة للفعل من الاسم، لكن "الحبل على الجرار".
 
لقد تداعوا لمواجهة خطر إيران في "هلالها الشيعي"، فإذا به يأتيهم من الجنوب، وإذا بالهلال يكتمل "بدراً" ... وتقاطروا لمواجهة "العثمنة" في الشمال السوري، فاذا بتركيا تأتيهم من الغرب الليبي ... ألا تذكرنا هذه المهزلة بمأساة 67 عندما وقف الراحل جمال عبد الناصر مبرراً الكارثة بقوله: انتظرناهم من الشرق فجاؤوا من الغرب؟
 
والمؤسف حقاً، أن ظلال الهزيمة الكئيبة لا تخيم على مؤسسات الحكم والسلطة في العالم العربي، بل وتظلل شعوبه وحركاتها السياسية كذلك، ففي الوقت الذي تنتفض فيه عواصم العالم تضامناً مع الشعب الأمريكي ضد "إدارة ترامب الطافحة بالعنصرية"، لا أحد يحرك ساكناً في مدننا وعواصمنا، مع أننا أكثر شعوب الأرض، تضرراً من هذه الإدارة وسياساتها في المنطقة ... وفي الوقت الذي يشهد فيه ميدان رابين في تل أبيب تظاهرة حاشدة ضد صفقة القرن ومشروع ضم غور الأردن لإسرائيل، لا نرى حراكاً شعبياً مماثلاً في المدن العربية، ولا حتى في رام الله وغزة وعمان، وكل ما نقرأه اليوم، ليس سوى تغريدات سمجة لمسؤولين عرب خرفين، يشغلون فراغ تقاعدهم بمديح إسرائيل والدعوة لصداقتها، والتنديد بخصومها.
 
المؤسف أكثر، أننا كلما ظننا أن وصلنا قعر الهاوية التي نسقط فيها منذ نكبة فلسطين، نجد أن للهاوية قعراً آخر، نحن لا نتوقف عن السقوط حتى نعاود رحلة الصعود، نحن لا نعرف متى سنصل إلى قعر الهاوية ولا كيف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نكسات متناسلة نكسات متناسلة



GMT 19:37 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

وانفقأ دُمّل إدلب

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:35 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمّان - المغرب اليوم

GMT 12:24 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة من غزة في عملية خاصة
المغرب اليوم - نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة من غزة في عملية خاصة

GMT 15:04 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

شبيه عادل إمام يظهر في مسرحية منة شلبي "شمس وقمر"
المغرب اليوم - شبيه عادل إمام يظهر في مسرحية منة شلبي

GMT 13:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

النفط الإيراني يسجل أعلى مستوى أسعار للصين في 5 سنوات

GMT 08:54 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

البيتكوين تسجل مستوى غير مسبوق وتتجاوز مستويات 75 ألف دولار

GMT 00:35 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إيرادات مصر ترتفع 45% بالربع الأول من العام المالي

GMT 00:07 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أمريكا تمر بعجر تجاري يتسع بشكل حاد في سبتمبر

GMT 08:34 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولار يرتفع وسط تقارير عن تقدم ترامب في انتخابات أميركا

GMT 21:20 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع

GMT 23:55 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

"وول ستريت" ترتفع مع إدلاء الناخبين الأميركيين بأصواتهم

GMT 08:25 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الذهب يهبط مع ترقب المستثمرين نتيجة الانتخابات الأميركية

GMT 05:44 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

صادرات الصين تقفز 12.7% ‏
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib